هل  انتهت أيام التعايش الديني في اليمن؟

هل انتهت أيام التعايش الديني في اليمن؟

السياسية - Tuesday 14 January 2014 الساعة 06:00 am

(نيوز يمن)- خاص: تباينت آراء عدد من أعضاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل، حول الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الحوثيين والسلفيين في منطقة دماج بمحافظة صعدة، والذي يتضمن خروج رئيس دار الحديث وشيخ السلفيين يحيى الحجوري من دماج هو وطلابه. ووافق سلفيو دماج، أمس، على الخروج من دماج عقب 96 يوماً من المواجهات المسلحة مع مسلحي الحوثي الذين يبسطون نفوذهم على محافظة صعدة -عقب ستة حروب خاضتها مع الدولة- وأجزاء من مناطق محافظتي عمران والجوف. وتعتبر حوادث العنف على خلفية دينية الأولى من نوعها التي تشهدها اليمن بعد سنوات من التعايش بين المذهبين الرئيسيين اللذين يسودان اليمن (الشافعي، والزيدي). آ وشهدت العاصمة صنعاء خلال شهر رمضان الماضي، اشتباكات بين الحوثيين (شيعة) والسلفيين (سنة) قتل على اثرها شخصين، بسبب خلاف ديني متعلق بصلاة التراويح، التي يرى السلفيون أنها (سنّة) فيما يراها "الحوثيون" بدعة. وقتل ثلاثة على الأقل وجرح آخرونآ  أمس، في مديرية ضوران آنس بمحافظة ذمار, في نزاع بين حوثيين واصلاحيين في مدخل مدينة ضوران على خلفية نزع وحرق لافتة عن المولد النبوي علقها حوثيون من ابناء المنطقة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل انتهت فترة التعايش السلمي بين المذاهب المختلفة في اليمن؟ يقول مستشار الرئيس لشؤون الدراسات والبحث العلمي عضو مؤتمر الحوار الوطني الدكتور فارس السقاف لـ"نيوز يمن" إن ما حدث في دماج "لا يمكن التأشير إليه على أن ليس هناك تعايش مذهبي في اليمن"، مشيرا إلى أن المذاهب تعايشت في الازمنة السابقة "ولم نشهد اي نفي او اقصاء للآخر". واعتبر السقاف أن الحوثية "حركة ثقافية سياسية تتماهى وتتقاطع وتلتقي مع المرجعية الإيرانية". وأضاف "لا يجب النظر إلى ما حدث على أنها حربا مذهبية وإنما سياسية، والمذهبية هنا مجرد لافتة تقف ورائها". وبين أنه يمكن اعتبارها "مذهبية جغرافية، فرضتها الجغرافية على أساس تراكم السنين فصعدة زيدية جغرافيا، وما يسمى بالوهابية او السنة جاء بها السلفيون من خارج المنطقة". وقال: "تعلم ان صعدة زيدية، وليس لدينا تعبير الشيعة في اليمن، وهؤلاء ليسوا شيعة، حتى الزيدية التي يقولوا عنها حصل خلاف بين حسين بدر الدين الحوثي مؤسس الحركة الحوثية، وأئمة الزيدية الهادوية في صعدة وأصدروا بيانا بهذا الصدد اعتبروا ان الحوثيين مخالفين للمذهب الزيدي". وتساءل السقاف: "لماذا يظهر عدم التعايش إلا عندما يتحول إلى جانب سياسي؟ ففيما يتعلق بالسلفيين هي قضية سياسية، وما يتعلق بالزيدية والشيعة سياسية ورائها حركة سياسية"، لافتاً إلى أنه لا يعني ذلك عدم الاعتراف بالآخر". آ قال: "نحن سمعنا ان عبدالملك الحوثي قال انه لا يلغي المدرسة لكن يلغي وجود أجانب او غيره". واستدرك مستشار رئيس الجمهورية قائلا: "لكن هذه المسألة سيادية ومسألة قانونية ممكن يتولاها الرئيس وهي عهدت بالتفويض للرئيس لحل هذه مشكلة الاجانب، فتختلط الامور هنا"، مجددا التأكيد على أن الأمر "ليس مذهبيا". وفي رده على سؤال عن تنازل إيران عن دورها في سورية مقابل إيجاد دويلة شيعية في شمال اليمن، قال السقاف: "اليمن دولة ذات سيادة لا تقبل ولن تقبل". وأضاف: "المقايضة على هذا الاساس لست من صالح اليمن ولا يمكن الاعتراف بهذا الامر"، مشيرا إلىآ  أن "الحوثيين انفسهم يقولون بانهم يخضعون للدولة وسيكون في الدولة الجديدة تقسيم اقاليم وانتخابات ومن يكون على الواقع أو يتقدم في الانتخابات هو الذي سيتولى، "لكن ليس بمعنى انها شيعية". إلى ذلك وصف عضو مؤتمر الحوار الوطني فؤاد الحميري، خروج السلفيين من منطقة دماج بـ"الكارثة" التي تستبق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ومحاولة لعرقلة تنفيذ مخرجاته. وقال الحميري لنيوزيمن: "إجبار مجموعة من أبناء هذا الشعب الخروج من مناطقهم الى مناطق اخرى بسبب خلفية فكرية كارثة لم تحصل في تاريخ اليمن المعاصر". وأضاف: "إذا مررت اليوم اعتقد انها نذير لمستقبل لا نريده أبدا لهذا الوطن ولهذا الشعب، أتمنى سرعة مراجعة هذا القرار وهذه السياسة". وأشار إلى أنه "لا يستطيع احد ان يقف مع مثل هكذا قرارات"، مؤكدا أن اليمن الواحد فكرا وترابا ودما ودينا وعرقا لا يمكن ان يجزأ بهذا الشكل، ولا يمكن ان تبذر فيه بذور الفتن بهذا الشكل وتأتي معمدة برسمية القرارات"، حد وصف الحميري. وأكد أن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ومخرجات قضية صعدة ترفض هذا القرار،آ  بل هناك بنود خاصة ضد هذا القرار بعينه". وأشار إلى أن قرار خروج السلفيين (سنة) من دماج "تسبق تنفيذ مخرجات الحوار وتحاول عرقلة تنفيذ مخرجات الحوار مبكرا وتضع العصي في دواليب التغيير"، معربا عن أمله ألا يعلن موت مخرجات مؤتمر الحوار قبل أن تخرج، "لا نريد مخرجات سَقْط تولد ميتة". من جهته أوضح عضو مؤتمر الحوار الوطني عصام القيسي لنيوزيمن، أن "الايمان بالدولة المدنية والحياة المدنية يستلزم الايمان بالتعايش بين الطوائف والاثنيات ان وجدت داخل الوطن الواحد". وقال: "هذه من المبادئ الأساسية في الفكر المدني. لكن حتى يتحول هذا إلى واقع لا بد أن يكون لدينا مقدمات في الثقافة في الفكر نغذي التسامح بين الطوائف ويبدو أن هذه المقدمات غير موجودة بشكل كافي الان خاصة بعد عودة معركة صفين وتوابعها ومعارك الماضي للواقع". وأشار إلى أن فترة حكم النظام السابق عمدت إلى تفريغ الانسان لمشاريع سطحية كثيرة في المستقبل"، لافتا إلى أن "هذا التفريغ يستثمره الآن أصحاب المشاريع الضيقة". وقال: "كنا نسمع الناس يرفعون شعارات الانسان لكن على أرض الواقع الأمر مختلف تماما"، مؤكدا أن "هذا أمر ينبئ بمخاوف كثيرة وخطيرة، وكما قال بايرون اليوناني "الانسان يخطئ والزمن ينتقل". وأشار إلى أن شكل الدولة القادم سيساهم في خلق التنافس في إعطاء المجتمع إمكانية للمشاركة في صناعة القرار السياسي وكذا التنافس بين الأقاليم في التنمية والاقتصاد والتطور والاهتمام بالإنسان. آ وتحدث عن العراقيل التي واجهت مؤتمر الحوار الوطني ومنها مساعي إفشال المؤتمر وعرقلة مسيرة التغيير والتي باءت بالفشل بفضل تكاتف أبناء الوطن وإدراكهم حجم المؤامرة التي تدور لإحداث الفوضى في البلاد، وكذا ما أبداه أعضاء المؤتمر من جهود لإنجاح المؤتمر والعبور بالوطن إلى بر الأمان. آ وأكد أن نجاح المؤتمر هو نجاح لكل اليمنيين بلا استثناء، على اعتبار أن مؤتمر الحوار الوطني مثل نموذجاً مشرفاً على مستوى المنطقة عموماً ولدول الربيع العربي على وجه الخصوص. وكان تقرير أميركي حول الحريات الدينية، صادر عن الخارجية الأميركية أشار إلى أن "وجود السلفيين (السنة) في المناطق الخاضعة لنفوذ "الحوثيين" الشيعة، أسفرت عن أعمال عنف بين الطائفتين الزيدية والسنية "ما يتناقض مع تاريخ اليمن الطويل من الاعتدال الديني والعلاقة الودية التاريخية بين الزيدية (الشيعة) والمجتمعات الشافعية (السنة)، اللذين يعتبران من المذاهب الإسلامية السائدة في البلاد. وأشار التقرير إلى أن أكثر دوافع العنف "سياسية منه دينية ويستند إلى مزيد من آثار التوترات السياسية والدينية القائمة"، مؤكدا أن "التوترات المستمرة في محافظة صعدة وزيادة العداء بين الحوثيين والإصلاحيين سيؤدي إلى تأجيج الانقسامات السياسية والقبلية والدينية".