الحوثيون و5 سنوات سلطة أحدثت تحولات جذرية في النظام الاقتصادي

إقتصاد - Saturday 21 September 2019 الساعة 09:23 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

يدخل حكم ميليشيا الحوثي، وكيل إيران في اليمن، عامة السادس، لكن لم يتبق من الدولة إلا مصالحها الإيرادية، وسجلات أصولها المالية، وقوائم الشركات والأفراد المشمولين بدفع الضرائب والمستحقات المالية، وحدثت تحولات جذرية في النظام الاقتصادي أفرزت واقعاً اجتماعياً جديداً.

ويؤكد الخبير الاقتصادي سلطان الصغير لـ"نيوزيمن"، أن ميليشيا الحوثي أنتجت، خلال السنوات الخمس الماضية، نظاماً اقتصادياً جديداً، يقوم على أسس رفع المساهمات الجبائية والضغط الجبائي والتبرعات وتأميم الممتلكات الخاصة، وإنشاء قطاع خاص طفيلي، وإلغاء دور الدولة في مجال إعادة توزيع المداخيل مما أدى إلى سلعنة الخدمات الاجتماعية بصفة كاملة.

وأوضح الصغير أن النظام الاقتصادي الحوثي فرض نظام السلعنة الكاملة للفضاء السلعي وغير السلعي، بحيث أصبحت الأسعار تحدد عن طريق منطق العرض والطلب دون اعتبار الأبعاد الاجتماعية، وتحملت الأسر تكلفة الخدمات الاجتماعية الأساسية: الصحة، والمياه، والتعليم، والكهرباء.

وأشار إلى أن ميليشيا الحوثيين قوضت الاقتصاد الرسمي، والمؤسسات والخدمات العامة، على مر السنوات الخمس الماضية، لصالح اقتصاد "خفي" مغلق على العالم، يصب في مصلحتها، وباتت الغلبة للسوق السوداء بشقيها على المعاملات الرسمية.

ومنذ انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة في الـ21 من سبتمبر 2014، يعيش سكان العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة المليشيا على أزمات اقتصادية تفتك بوضعهم المعيشي المنهك، فلا شيء يتجدد في حياتهم سوى الأزمات التي لا تهدأ، والأسعار التي لا تتوقف.

هذه الأزمات يقول عنها أحد المراقبين إنها عادة ما تظهر قبل كل المناسبات والاحتفالات التي تقوم بها ميليشيا الحوثي، حيث تغيب المشتقات النفطية والغاز المنزلي من السوق وتظهر في السوق السوداء وبأسعار باهظة، حيث يتم مضاعفة أسعارها كوسيلة تتربح منها ميليشيا الحوثي وتجني الأموال من ورائها.

وتؤكد الباحثة الاقتصادية أشجان عبدالملك، في حديث لـ"نيوزيمن"، أن ميليشيا الحوثي تعتمد على تدويل الأزمات السلعية المرتبطة بحياة المواطن، وفق فترات مزمنة تحددها على مدار سنتها المالية، لتحرك نظامها الاقتصادي القائم على "السوق السوداء" كأداة رئيسية لتعزيز إيراداتها المالية، وتحريك الطلب من خلال صناعة الأزمات المرتبطة بتعاملات الناس وحاجاتهم.

وجنت ميليشيا الحوثي خلال السنوات الخمس الماضية ثروة هائلة من الضرائب والرسوم والجمارك والجبايات، وتحصيل الديون القديمة أموال الدولة الضائعة، وممارستها الفساد مع المنظمات الإغاثية الدولية والمحلية، والمتاجرة في السوق السوداء، إضافة إلى الدعم الخارجي من إيران وقطر، والتبرعات، وتجارة الأدوية والمخدرات، وبيع التراخيص لمزاولة الأنشطة الاقتصادية المالية والخدمية.

كما تمكنت الميليشيا الحوثية بممارساتها غير القانونية من تمزيق القطاع الخاص المتجذر في اليمن منذ عُقود لتصنع قطاعاً خاصاً طفيلياً يقوم على حساب أسماء تجارية كبيرة لها إسهاماتها في العملية الاقتصادية وتلبية احتياجات السوق، وفي ظل سيطرة هذه الميليشيا على الدولة استطاعت شركات القطاع الخاص الجديدة أن تحل مكان شركات تجارية لها اسمها ومكانتها في السوق اليمنية.

وقد أسفرت ممارسة ميليشيا الحوثي عن تفاقم ظاهرة الفقر وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، وتؤكد بيانات الوكالات الإنسانية الدولية العاملة في اليمن أن 24 مليون شخص، يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية، فيما يحتاج نحو 20 مليون شخص للمساعدة في تأمين الغذاء، بما في ذلك ما يقرب من 10 ملايين شخص على بعد خطوة واحدة من المجاعة.