بدء هدنة بأفغانستان.. واشنطن توقيع اتفاق تاريخي مع طالبان

العالم - Saturday 22 February 2020 الساعة 08:30 pm
نيوزيمن، ا ف ب:

تأمل واشنطن وحركة طالبان التوقيع على اتفاق في 29 فبراير، في حال تم الالتزام بتفاهم "خفض العنف" الذي بدأ اليوم السبت ويستمر لأسبوع، ما من شأنه أن يفضي لإنهاء أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة.

وتهدف هذه الهدنة الجزئية أو "خفض العنف" إلى إثبات حسن نية المتمردين قبل أن يوقعوا في نهاية الشهر الجاري اتفاقا تاريخيا مع واشنطن حول انسحاب تدريجي للقوات الأميركية من البلاد مقابل ضمانات أمنية. وتريد واشنطن تجنب أن تصبح أفغانستان من جديد ملاذا للإسلاميين المتطرفين.

ويفترض أن يفضي الاتفاق أيضا إلى بدء مفاوضات أفغانية تهدف إلى تقرير مستقبل البلاد، بينما كانت حركة طالبان قد رفضت طوال 18 عاما التفاوض مع السلطة الحاكمة معتبرة أنها "دمية" تحركها واشنطن.

وحُدد موعد تطبيق الهدنة التدريجية اعتبارا من منتصف ليل الجمعة السبت (19,30 ت غ الجمعة).

أما الاتفاق بين الطرفين، فيفترض أن يتم توقيعه بالأحرف الأولى في 29 شباط/فبراير شرط تراجع الهجمات على كل الأراضي الأفغانية، كما تشترط واشنطن مسبقا.

وقد يشكل تثبيت خفض العنف نقطة تحوّل كبيرة في النزاع الطاحن ويحدد شروط اتفاق من شأنه التمهيد لسحب القوات الأميركية بعد أكثر من 18 عاما على دخولها والزجّ بأفغانستان في مستقبل لا تزال معالمه غير واضحة.

وأصدر كل من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو وطالبان بيانين أكدا فيهما أنها اتفقا على توقيع الاتفاق في الدوحة بتاريخ 29 فبراير بعد هدنة جزئية تستمر لأسبوع.

وقال بومبيو "بناء على تطبيق ناجح لهذا التفاهم، يتوقّع أن يمضي التوقيع على الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان قدما"، مضيفا أن المفاوضات بين طالبان والحكومة الأفغانية "ستبدأ بعد وقت قصير" على ذلك.

من جهته، صرح وزير الدفاع الأميركي مايك اسبر في تغريدة أنه إذا لم تبرهن طالبان على "التزامها بخفض حقيقي للعنف"، فإن الولايات المتحدة "تبقى مستعدة للدفاع عن نفسها وعن شركائها الأفغان".

وتجري الولايات المتحدة محادثات مع طالبان منذ أكثر من عام للتوصل إلى اتفاق تسحب بموجبه آلاف الجنود مقابل ضمانات أمنية من طالبان وتعهّدا بعقد محادثات سلام مع حكومة كابول.

وسيثبت خفض العنف أن طالبان قادرة على السيطرة على قواتها وإظهار حسن النية قبيل أي توقيع من شأنه أن يفضي إلى سحب البنتاغون نحو نصف القوات البالغ عددهم ما بين 12 و13 ألفا المتواجدين حاليا في أفغانستان.

وقال الرئيس أشرف غني، إن التهدئة الجزئية بدات منتصف ليل الجمعة السبت.

واضاف غني الذي انتخب هذا الأسبوع لولاية ثانية في خطاب متلفز "خطواتنا المقبلة بشأن عملية السلام ستعتمد على تقييم أسبوع خفض العنف... ستبقى قوات الأمن الأفغانية في وضع دفاع نشط خلال هذا الأسبوع".

وأفادت طالبان في بيان أن الأطراف المتحاربة ستخلق "وضعا أمنيا مناسبا" قبيل التوقيع على الاتفاق.

وكتب المتحدث السياسي باسم طالبان سهيل شاهين في تغريدة أن "الاتفاق" سيعني رحيل "جميع" القوات الأجنبية من أفغانستان.

لكن مسؤولاً رفيع المستوى في الإدارة الأميركية أكد أن أي انسحاب "سيكون مشروطاً".

وفي الوقت الحالي على الأقل، يريد البنتاغون ترك قوات في أفغانستان في مهمة لمكافحة الإرهاب لمحاربة الجهاديين مثل عناصر داعش.

وقال المسؤول الأميركي للصحافيين إن تخفيض القوات الأميركية "مرتبط إلى حد كبير بالوفاء بالالتزامات التي تعهدت بها" طالبان.

وصرّح مصدر من طالبان في باكستان أنه في حال تم التوقيع على اتفاق في 29 فبراير، فسيكون من المفترض أن تبدأ المحادثات بين طالبان والحكومة الأفغانية -- التي تعد ضرورية للتوصل إلى اتفاق سلام أوسع -- في العاشر من مارس.

وأشاد المجتمع الدولي بالإعلان، إذ أشار الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ إلى أنه يفسح المجال أمام تحقيق "سلام دائم" في أفغانستان، بينما اعتبرته موسكو "حدثا مهما" من أجل السلام.

- "أوامر"

وفي ولاية قندهار بجنوب أفغانستان والتي تعد معقل حركة طالبان، قال أحد عناصر الحركة المتمردة لوكالة فرانس برس إنه تلقى أوامر بخفض مستوى التأهّب.

وقال "تلقينا الأوامر من قيادتنا بأن فترة خفض العنف ستبدأ اعتبارا من السبت، وتلقينا أوامر بالاستعداد لها".

لكن قياديا آخر من طالبان في قندهار يدعى حفيظ سعيد هداية قال إنه لم يؤمر إلا بالامتناع عن مهاجمة المدن والطرق السريعة الرئيسية.

وأضاف "لربما يعني ذلك أن العنف قد يستمر في (بعض) المناطق".

وكانت الولايات المتحدة وطالبان على وشك الاعلان عن اتفاق في سبتمبر 2019 عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشكل مفاجئ وقف العملية التفاوضية بسبب مواصلة أعمال العنف من جانب المتمردين.

لكن أي هدنة ستكون محفوفة بالمخاطر، وحذر محللون من أن جهود وقف إراقة الدماء في أفغانستان تشوبها تعقيدات ويمكن أن تفشل في أي وقت.

والأسوأ بالنسبة للمحللين هو أن تستغل الأطراف المتحاربة الهدنة لإعادة تنظيم صفوفها وتحسين موقعها في ساحة المعركة.

وقال المحلل البارز لدى "مجموعة الأزمات الدولية" أندرو واتكينز لفرانس برس إن خفض العنف "لا يزال الخطوة الأولى فقط".

وأضاف "ستكون هذه المحادثات طريقا صعبا، لكنها المسار الأفضل من أجل تسوية النزاع الأفغاني بشكل سلمي".

- "إحلال السلام"

والخميس قال المسؤول الثاني في حركة طالبان سراج الدين حقاني إن الحركة "ملتزمة بالكامل" باحترام الاتفاق المزمع توقيعه قريبا مع واشنطن بشأن افغانستان.

وكتب في مقال غير مسبوق في صحيفة نيويورك تايمز "إن تمسكنا بهذه المحادثات المضطربة مع العدو الذي حاربناه بمرارة على مدى عقدين من الزمن، حتى عندما أمطرت السماء الموت، يشهد على التزامنا بإنهاء الأعمال العدائية".

ويتزعم حقاني شبكة باسمه تصنفها واشنطن "إرهابية" وتعتبر الفصيل الأكثر دموية الذي يقاتل القوات الأفغانية وتلك التابعة لحلف الأطلسي والتي تقودها واشنطن في أفغانستان.

وطرد تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة حركة طالبان من السلطة بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001.

وخاض المتمردون الذين كانوا يحكمون كابول منذ 1996 وحتى تشرين أكتوبر 2001، حملة متواصلة أودت بحياة أكثر من 2400 جندي أميركي وعشرات الآلاف من أفراد قوات الأمن الأفغانية.

وأنفقت واشنطن أكثر من ألف مليار دولار في هذه الحرب التي قُتل فيها أكثر من عشرة آلاف مدني أفغاني منذ 2009، حسب أرقام الأمم المتحدة.

وذكرت الأمم المتحدة السبت أن حوالى 3500 مدني قتلوا وجرح سبعة آلاف آخرين في 2019 بسبب الحرب في أفغانستان.

وأكد الممثل الخاص للبعثة في افغانستان تاداميشي ياماموتو "تأثر جميع المدنيين في أفغانستان شخصيا بطريقة أو أخرى من العنف الجاري".