مصادر اقتصاد الحرب لدى مليشيات الحوثي

إقتصاد - Thursday 05 March 2020 الساعة 09:34 pm
نيوزيمن، كتب/ عبدالستار سيف الشميري:

تتعدد المصادر المالية التي تجعل المليشيات الحوثية قادرة على الاستمرار في الحرب رغم السنوات الخمس، وطول أمد الحرب التي تحتاج إلى نفقات كبيرة.

هناك ثمانية مصادر رئيسية تعد أهم مصادر الدخل الحوثي للمجهود الحربي كما يسمونه، سوف نستعرضها في إطلالة سريعة.

المصدر الأول:
هو إيرادات الضرائب والجمارك وشركات الاتصالات والانترنت والرسوم الحكومية المختلفة وتقدر بأكثر من ملياري دولار، وهو مبلغ كبير مقارنة بعدم صرف أي مبالغ للبنية التحتية والاستفادة منه للحرب ونفقاتها المتعددة.

وهنا تبرز أهمية ميناء الحديدة في هذا البند حيث يشكل الميناء رافدا هاما وكبيرا، ومن هنا يفهم موافقتهم للدخول في دهاليز الحوار حول الحديدة تحديدا لعلمهم المسبق أن خسارتها عبر معركة مع القوات المشتركة سوف يشكل فقدان أهم شريان تتنفس منه المليشيات ماليا.

وعلى الرغم من تدفقات الضرائب من كبار المكلفين والجمارك المضاعفة إلا أن هذا البند يتم زيادة حجمه وتضخيمه من خلال رسوم خارج السندات الرسمية غالبا ما تكون لقيادات حوثية ومصدر ثراء خاص أكثر منه تمويل جبهات عسكرية.

المصدر الثاني:
تشكل تجارة المشتقات النفطية من نفط وغاز وغير ذلك بالإضافة إلى تجارة العملة، مصدراً هاما للمليشيات ومصدرا متنوعا يضيف لها مددا كبيرا وقد أصبحت هذه التجارة سمة رئيسية في مناطق سيطرة الحوثيين منذ الانقلاب.

المصدر الثالث:
يشكل الدعم الإيراني ودعم حزب الله وبعض الحوزات مصدرا ثالثا وهاما، ويشكل السلاح بكل أشكاله وتنوعه عامل تفوق للحوثي في شن بعض الهجمات الصاروخية ونجاحها في أكثر من معسكر ومنطقة داخل اليمن وكذلك في أراضي المملكة السعودية. وقد تنوعت طرق التهريب للسلاح برا وبحرا وفي بداية الانقلاب عبر الجسر الجوي الذي كانت تحط فيه أربع عشرة طائرة إيرانية في الأسبوع في مطار صنعاء.

ويشمل هذا البند الدعم اللوجستي والتدريب والتأهيل والتصنيع وشبكة الإعلام.

المصدر الرابع:
التهريب بكل أنواعه، من تهريب بعض الأسلحة إلى المواد الغذائية والمخدرات والقات والمشتقات وغير ذلك عبر الحدود السعودية، وعبر البحر، ويشكل التهريب الذي ازدهر في العهد الحوثي مصدرا ماليا إضافيا للمليشيات.

المصدر الخامس:
الإغاثة الإنسانية، نظرا لضخامة التدفقات الإنسانية التي قدرت في السنوات الماضية بأكثر من عشرين مليار دولار عبر الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي وعبر منظمات أخرى، ومعظم الأموال التي قدمت لهذه المنظمات كانت من السعودية والإمارات والكويت ودول أوروبية. وقد تحدثت تقارير عن حجم البيع لهذه الإعانات والكشوف الوهمية التي تقدمها المليشيات للعبث بالمعونات. وتستفيد المليشيات من الإغاثة بطريقتين: الأولى بيعها والاستفادة من الأموال، والثانية إيصال كميات كبيرة لبعض المشايخ والقيادات لشراء ولائها ودعمها للقيام بخدمات حربية أو ما شابه.

وقد تم بيع أول دفعة وصلت إلى صنعاء عبر الصليب الأحمر جوا في بداية الانقلاب حيث وجدت في الأسواق.

وهذا يكشف طول فترة التلاعب من أول دفعة إلى يومنا هذا، كان آخرها الإغاثة الخاصة بمنطقة اسلم في حجة.

ولم تفلح تحقيقات المنظمات الاممية السرية منها والمعلنة ولا التغطية الإعلامية وفضح هذه الممارسات في الحد منها، حيث تعتبر المليشيات هذا البند مصدرا رئيسا لدعم عملياتها الحربية.

المصدر السادس:
أراضي وأوقاف الدولة وبعض المواطنين ممن يعتبرونهم خصوما. وقد وثقت بعض المصادر حجم التلاعب وبيع العديد من العقارات. ويحتاج هذا البند لرصد دقيق، لأن ما وثق منه أقل بكثير مما يروى وهناك صعوبات في تقدير حجم هذا البند.

المصدر السابع:
البنك المركزي، حيث يتم الاستيلاء على أموال المؤسسات العامة والقطاع المختلط وبعض مدخرات الهيئات والمتقاعدين، وهي أموال كبيرة، بالإضافة إلى مصادرة أموال لشخصيات سياسية واجتماعية واستقطاع أموال من رواتب ومستحقات العاملين.

المصدر الثامن:
إتاوات التجار والشركات، حيث تم الضغط والتفاوض مع عدد من التجار والشركات الكبيرة لدفع مبالغ طائلة لدعم المجهود الحربي أو إقامة فعاليات دينية أو علاج جرحى وتقاسم الأرباح أحيانا ومصادرة أموال من يرفضون الانصياع والدفع، ويدخل في هذا البند تضخيم مبالغ الواجبات الزكوية وأخذ مبالغ إضافية عن ما هو مقرر عليهم رسميا لا سيما في رمضان.

لقد شكلت المصادر الثمانية أعلاه أهم منابع اقتصاد الحرب لدى الحوثيين.

ولاشك أن هناك مصادر فرعية أخرى كاستحداث نقاط جباية في الطرقات وغير ذلك، لكنها تبقى غير كبيرة الدخل قياسا بالمصادر المذكورة سلفا، وتستحدث المليشيات ابتكارات جديدة لتحسين وضعها المالي بصورة دائمة بطرق جباية مختلفة عن طريق المستشفيات والمدارس الخاصة ومنظمات المجتمع المدني، حيث تؤسس المليشيات كل يوم وتفرخ العشرات منها.

إن دراسة وتتبع كل أشكال المصادر المالية أمر من الأهمية بمكان وجدير بمعرفته وحصره ومحاولة تجفيفه من قبل الشرعية والتحالف لإضعاف المليشيات مالياً، وهي معركة منسية وربما أن الإسراع في تحرير الحديدة أول خطوة في هذا الطريق الهام.