أوهام السلام: الإخوان يشدون حبل إيران حول رقبة السعودية

تقارير - Tuesday 31 March 2020 الساعة 11:54 am
المخا، نيوزيمن، أمجد قرشي:

استنفدت الشرعية بأيادي الإخوان خيارات العودة عن تنكيس معركة استعادة الشرعية وإركاسها، ومن الواضح كما يبدو أنها ماضية، ليس فقط في ارتهان المعركة، بل في تطويق رأس ورقبة التحالف وإرضاخ قيادته لشروط ورهانات ذراع وحلفاء إيران، وبالنتيجة إخضاع الأمن القومي السعودي ومن قبله اليمني لشروط المحور الإيراني، في نتيجة بالغة السوء تناقض أبسط وأهم المعلن من أولويات وأهداف الحرب والتحالف والشرعية.

كانت التصريحات التي صدرت عن قيادة التحالف ثم عن السفير آل الجابر خلال يومين متتاليين مغرية للحوثيين، وبالتالي تم التصرف معها بالمعنى الحرفي كما لو كانت مؤشرات أو إشارات ضمنية تحمل معنى التلويح بالراية البيضاء. حتى لو لم يكن المعنى المباشر هو هذا، لكنها أيضا لم تتحاش الوقوع في محاذير تفسير أو تأويل من هذا القبيل. لأن طبيعة الردود والتصرف الحوثي على هذا الأساس تقول إن التصعيد أفضل وسيلة لاستخلاص مزيد من التنازلات.

كان تصريح المتحدث الرسمي باسم التحالف العربي، تركي المالكي، والذي رحب بموقف وبترحيب قيادة الشرعية بالدعوة الأممية إلى وقف القتال، كافيا في كل الأحوال للإفهام عن موقف التحالف وإعطاء رسالة سياسية بهذا الصدد. وإن كان هناك من انتقد هذه المسارعة إلى تسجيل نقاط في خانة السالب. فالتحالف العسكري ليس معنيا بالتعليقات السياسية في كل شاردة وواردة، الأمر الذي فُهم منه الحرص على انتهاز أي مناسبة للتعبير عن الرغبة في التخفف من أعباء الحرب، وهو ما استتبع نشوة حوثية في شكل تصعيد صاروخي مفاجئ.

>> فشل سعودي يراكم مكاسب إيران على شطرنج اليمن


لكن خروج سفير المملكة في اليوم التالي للتغريد بترحيب المملكة وقيادة التحالف وتأييد ودعم موقف الشرعية (..) بقبول دعوة أمين عام الأمم المتحدة إلى وقف إطلاق النار، زاد طين التحالف بللا سياسيا ومنح المليشيات الحوثية إغراءً مضاعفا إلى انتهاز الفرصة ورفع سقف ودرجة التصعيد العسكري بلغة من يرى نفسه طرفا أقوى وأفضل موقفا وموقعا!

اللافت أن كل هذه التطورات والتداعيات تتزامن مع حلول ذكرى انطلاق عمليات وتدخل التحالف (الذكرى الخامسة 26 مارس)، في وقت تشهد جبهات الجوف ومأرب معارك ما بعد ضياع مكاسب خمس سنوات حرب، في نهم والجوف. وهي طريقة سيئة للغاية للاحتفال بالمناسبة. وبينما يتحمل التحالف أو قيادته ضغط الحسابات من كل نوع وشكل، فإن قيادة وسلطات الشرعية المسترخية في فنادق الرياض، كما لو أنها تتابع حلقات مسلسل لا علاقة لها به.

تكابر قيادة التحالف دون الاعتراف بأخطاء المراهنة على الإخوان الذين يتلبسون قميص الشرعية وينفردون بها، على الرغم من كافة النتائج المريرة والشواهد المتراكمة شمالا وجنوبا: على فساد الغايات، والانحراف عن الأهداف، واستنزاف التحالف ومعارك خمسة أعوام، وتكوين إمبراطورية خاصة وجيوش خاصة وإمارات خاصة، بأهداف خاصة جدا ترى الجنوب غنيمة وغاية، وراحت تتساقط جبهات ومكاسب الشمال الرئيسية بطريقة فاضحة.

من وقت مبكر لم تعد أهداف الشرعية هي أهداف التحالف أو تتعلق بأهداف استعادة الشرعية والانتهاء من الانقلاب الحوثي، لأن هذا يقتضي تشكيل قاعدة شراكة وطنية واسعة، بينما بقي الاستئثار والانفراد والتحكم هو السائد لمصلحة الإخوان حتى مع بروز أجنحة صريحة الانحياز للمحور القطري التركي وتستحوذ يوميا على الواجهة والفاعلية والانصراف والتصرف بمقدرات ودعم التحالف ضد أهداف التحالف رأسا.

وعلى العكس من الغايات والمتوقع من وسائل، فإن التجييش أخذ يتراكم ويتوالد معاركَ وصراعات نحو استهداف القوى الوطنية السياسية والعسكرية والجهوية التي ينظر إليها باعتبارها الشريك الأهم والحليف الأقوى لمعركة وأهداف التحالف والشرعية.

طوال خمس سنوات بقيت الشراكة شعارا باليا ومستهلكا في مستوى الخطاب الثانوي تماما. وأقصي فعليا الشركاء، وبات المعنى الجديد للشراكة يتضمن توحد أو تلاقي أهداف الحوثيين وإخوان الشرعية أو شرعية الإخوان نحو استهداف الشركاء والقوى الوطنية والسياسية والعسكرية في الجنوب وتعز والساحل الغربي، بينما تساقطت جبهات نهم والغيل وحزم الجوف.. وضرب الخطر أبواب مأرب.

إن الرسائل الإيحائية الخاطئة التي تلقاها حلفاء إيران، من منصة تصريحات ومواقف التحالف والسفير والشرعية، هي التي حفزت على استئناف الضربات الصاروخية الصاخبة في توقيت صاخب ومفترق بالغ الحساسية والخطورة، انتهازا للمخاطر والتحديات الاقتصادية والصحية مع تفشي كورونا وتراجع اقتصادات النفط وارتفاع فاتورة المواجهة المفتوحة.

المقدرة على الانخداع المجاني والسهل لحيل المبعوث البريطاني والأجندة البريطانية/ الأممية، يحصر التحالف وقيادته يوما فيوم في زاوية حرجة جدا من الخيارات السيئة، بحيث بات المعنى الوحيد المقترن بالترحاب الزائد بالدعوات وبالونات التهدئة الاختبارية ينطوي على مجازفة القبول بسلام منقوص وربما مفروض بشروط الطرف الآخر.

على الأقل فإن هذا هو ما يفهم في ضوء معطيات ومجريات الأيام الأخيرة. وما لم يتغير شيء في بيت الشرعية وسياسة التحالف فإن شيئا لن يتغير على الواقع وفي بورصة السياسة وسوق أسهم الأطراف ربحاً وخسارة.