تمويلات الحوثي من “القنوات” وحتى ”الشمة”.. “كلاب برلين” نقاش الماني عن علاقة حزب الله بالمافيا التركية

تقارير - Wednesday 13 May 2020 الساعة 04:55 pm
صنعاء، نيوزيمن، فارس جميل:

العشق الممنوع

قال عبدالملك العجري، إن السفير الأمريكي هدد وفد جماعته في مفاوضات الكويت (2016) بأنهم إذا لم يقبلوا بالصفقة المعروضة (لم يتحدث عن طبيعتها) فإن العملة الوطنية ستكون قيمتها أقل من قيمة الحبر المطبوعة به، وأن رئيس وفد الجماعة محمد عبدالسلام (فليتة) رد عليه حينها: "الأمور بيد الله فاقض ما أنت قاض"، وذيل العجري تغريدته التي نشرها في 20 أبريل الفائت بـ"والآن سعر عقود الخام الأمريكية الآجلة تحت الصفر".

بفارق ساعات كان أنيس نقاش أحد كوادر حزب الله اللبناني يغرد "أراد ترامب أن يصفر صادرات النفط الإيراني فسقط سعر النفط الأمريكي إلى ما تحت الصفر..."، هكذا يمنحون خرافاتهم القداسة الكاذبة باستغلال أي حدث حول العالم، فهل كان تراجع النفط انتقاما للضغط على الحوثي، أم عقابا لحصار طهران يا ترى؟

مع العلم أن أمريكا ليست دولة مصدرة للنفط، وانخفاض أسعار النفط من مصلحة أمريكا!!

ليس الأمر صدفة، فالحوثي ونصر الله لا يزالان يخاطبان أنصارهما بلغة مستوحاة من التراث الشيعي لأقوال مراجع المذهب، وهي لغة المتحدث المقرب من السماء والناطق باسمها، المعصوم من الخطايا والمشمول بالمعجزات، المفروض من الرسول على المسلمين، وقرين القرآن، فهزيمتهم امتحان إلهي، وانتصارهم مكافأة إلهية، إلى آخر الأساطير التي يضللون بها على البسطاء والجهلة من المسلمين.

عندما أدرجت ألمانيا حزب الله في قوائمها للجماعات الإرهابية المحظورة، تحول عبدالملك العجري الذي يقدم نفسه كباحث، بينما هو أبعد ما يكون عن قدرات وأخلاقيات الباحث، ومجرد تابع للحوثي يفعل ما يؤمر به، إلى خبير في السياسة الدولية، مغردا بأن ما قامت به برلين سيزيد عزلتها في المنطقة، وهو ما لم يتجرأ حسن نصرالله نفسه على قوله.

تشتد الأمور على الحوثي، فيظهر نصرالله في خطاب تعبوي يمجد مقاتلي الحوثي ويخلس عليه أوصافا مقدسة، ويقع نصرالله في مأزق، فيظهر عبدالملك الحوثي ليحشد أتباعه لنصرة وتأييد صاحب الضاحية.

القنوات الحوثية تبث من الضاحية ويدرب كوادرها أفراد من حزب الله، وتستلم تمويلها من إيران بما فيها بدلات المذيعين ورسوم مدارس أطفالهم، وتخضع برامجها بما فيها نشرات الأخبار لرقابة كوادر الحزب من اللبنانيين، وبينما تسمي هذه القنوات خصوم الحوثي من اليمنيين بالمرتزقة لأنهم كما تقول يتلقون الأموال من السعودية والإمارات، فإنها تصمت كليا عن قنوات تبث من صنعاء وتتبع أفرادا من قيادات الحوثي وتتلقى تمويلها من قطر كقناتي الهوية واللحظة.

السفير الذي عينه عبدالملك الحوثي في طهران كان مديرا لقناة المسيرة الحوثية، ومقيما في بيروت لسنوات، ويدين بالولاء المطلق لحزب الله.

أعضاء وفد الحوثي لمفاوضات السلام التي ماتت منذ أمد بعيد، يقيمون في مسقط التي تقوم بالوساطة بين الجماعة وبين خصومها حتى على المستويات المحلية كما كشف ياسر العواضي الأسبوع الماضي في قضية جهاد الأصبحي بنت البيضاء التي قتلها الحوثيون ورفضوا تسليم الجناة، وهؤلاء يظهرون قبل وبعد كل لقاء مع مسؤول أجنبي ليتلقوا التعليمات أو يرفعوا التقارير للخارجية الإيرانية، ويتبركوا بلقاء خامنئي دون أن تروا ذلك ارتهانا وعمالة لدولة أجنبية، فالمرشد الأعلى الإيراني كان المرجعية العليا لحزب الله في بيانه الشهير عام 1984.

عندما يصاب أحد المدربين العسكريين للحوثيين من عناصر حزب الله اللبناني إصابات خطيرة يظهر المبعوث الأممي للوساطة ويبدي قلقه على الوضع في اليمن، ما لم يتم السماح بإرسال جرحى الحوثيين للعلاج في الخارج، وهذا الخارج يكون دائما طهران أو الضاحية الجنوبية مرورا بمسقط، كما ظهر عند إعلان الجماعة وفاة وزير داخليتها السابق عبدالحكيم الماوري العام الماضي بعد قصف التحالف لمبنى وزارة الداخلية وتكتم الجماعة على المصابين حتى الآن، والمستشارين الذين يعملون في مكتب جريفيث من اللبنانيين لن يكونوا محل ثقة المجتمع الدولي مستقبلا إن كان يحترم نفسه.

عندما أعلنت ألمانيا تصنيف حزب الله كجماعة إرهابية تحولت إلى دولة غبية تحكم على نفسها بالعزلة في الشرق الأوسط حسب العجري، لكن عندما كان يحيى الحوثي لاجئا في ألمانيا كانت برلين حاضنة لحقوق الإنسان، ودولة تدعم الحريات.

سيعاني حزب الله، وبالتالي الحوثيون من معضلة في تقديم أنفسهم للعالم الغربي، لأن ألمانيا لن تعود منفذا لهم، وعناصر حزب الله المقيمين فيها لم يعودوا سياسيين بل إرهابيين في القانون الألماني، واللقاءات والمؤتمرات الصحفية التي كان يعقدها أتباع الحوثي في ألمانيا ويمنعون باقي اليمنيين من الحديث فيها لم تعد سهلة التنفيذ، فأدوات طهران وحزب الله هم من كانوا يرتبون لها.

بالمقابل ستكون سمعة العرب والمسلمين في ألمانيا أفضل حالا بعد وضع عناصر حسن نصر الله تحت رقابة الأمن والمخابرات الألمانية.

أواخر 2018 تم إصدار مسلسل ألماني باسم كلاب برلين (Dogs of Berlin)، تناول عصابات الاغتيالات وبيع المخدرات التي يديرها أفراد من حزب الله اللبناني، بالتعاون مع الأتراك، وهذا يعكس حجم تذمر وتضرر المجتمع الألماني من هذه العصابات التي يتزعمها مسلمون وعرب، وحجم السمعة التي يلصقها هؤلاء بغيرهم من طالبي اللجوء العرب، وما يتسببون به من مشاكل وإجراءات تمييزية ضدهم في المجتمعات الغربية، في سبيل الأعمال المحظورة التي تعد أبرز مصادر حزب الله لجمع الأموال، خاصة مع الحصار المفروض على طهران والذي أدى لتوقفها مؤقتا عن دفع رواتب موظفي القنوات التي تمولها في الضاحية بمن فيها قناة المسيرة.

إن العصابات تشبه بعضها، وتدافع عن بعضها، وتدعم بعضها بعضا، سواء تغلفت بغلاف الدين أو الوطنية، أو القضايا القومية، وليس نصر الله سوى زعيم عصابة يعمل لدى خامنئي، وليس الحوثي سوى زعيم عصابة تعمل لدى خامنئي، ولكنها ظلت عهدة بيد نصرالله ولم تزل، رغم منحها ترقية خامنئية بعد تبنيها ضرب أرامكو السعودية نيابة عن حرسه الثوري، كانت تلك الترقية استقبال مندوبي عبدالملك لأداء فروض الولاء أمام خامنئي، ثم قبول سفير للجماعة رباه حزب الله لسنوات.

الكوادر الحوثية التي تخاطب الغرب بمهارة نسبية كفليتة وفريقه، كانت تربية الضاحية وطهران لسنوات طويلة، أما تربية الحوثي فلم تزد عن إعداد شخصيات كمن يطلقون عليه مفتي الديار اليمنية شمس الدين شرف الدين الذي قدم خطبة أول جمعة في رمضان الجاري بالجامع الكبير بصنعاء، عن "صيحة يسمعها من في السماوات ومن في الأرض" ستكون في النصف من رمضان، وستكون يوم جمعة، فإذا جاء هذا اليوم ففروا إلى الله سجدا وقولوا سبحان القدوس" كما نقل عنه عبدالعظيم عزالدين المنشد الذي منحته الجماعة رتبة عقيد في الأمن، والذي رواها في تويتر "من باب فتبينوا"، حسب تغريدته، وروج لها باقي فريق التطبيل الحوثي لينتظر الناس حدثا فارقا في جمعة النصف من رمضان التي مرت دون أي حدث غريب، ولم يخجل عزالدين ولا شرف الدين أو يعتذرا من تلك الإشاعات الغبية التي تجاوزها العصر.

رغم هذا فإن الخسارة الأكبر للحوثي، ستكون توقيف تهريب الحشيش الإيراني واللبناني الذي يتم إدخاله إلى اليمن لتهربه الجماعة وتبيعه داخل الأراضي السعودية، وتوزع ما تبقى من مخلوط بمسحوق الشمة على مقاتليها.