شخصيات رسمية تونسية في «الإقامة الجبرية»

العالم - Saturday 07 August 2021 الساعة 10:21 am
نيوزيمن، وكالات:

أكدت مصادر قضائية وأمنية رسمية تونسية أن وزير الداخلية الجديد خالد اليحياوي أصدر مؤخراً قرارات قضت بوضع وزراء سابقين وقضاة وشخصيات عمومية تحف حولها «شبهات فساد أو تجاوز للسلطة» تحت الإقامة الجبرية، من بينها اثنان من أكبر المسؤولين عن قطاع القضاء منذ نحو عشرين عاماً، الطيب راشد والبشير العكرمي، والوزير السابق للنقل وتكنولوجيا الاتصال القيادي في «حزب النهضة» أنور معروف، والوزير السابق للبيئة والجماعات المحلية قبل انتخابات 2019 رياض المؤخر.

وأورد رئيس لجنة مكافحة الفساد في البرلمان والقيادي في حزب الشعب (قومي - عربي - ناصري) بدر الدين القمودي، وهو من بين المقربين إلى قصر قرطاج، أن عدداً من الشخصيات «المعروفة جداً» وضعت تحت الإقامة الجبرية أو منعت من السفر من بينها بعض كبار المسؤولين الكبار في عهد رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد.

وأورد محامون أن عدداً من القضاة والشخصيات العمومية منعت من السفر مؤخراً بينهم القاضية إيمان العبيدي «التي لا يعرف عنها أنها كانت محل تتبعات».

ويتوقع بعض المحامين أن يؤدي التحقيق مع بعض الموقوفين أو المحالين على «الإقامة الجبرية» إلى فتح ملفات فساد وسوء تصرف مالي وإداري «من الحجم الكبير» تهم عقارات دولة وصفقات تشمل بعض «كبار المهربين» ووزراء وسياسيين وإداريين في حقبتي ما قبل ثورة 2011 وما بعدها.

كما ستؤدي هذه القضايا إلى إعادة فتح ملفات ثقيلة تهم رجال أعمال وسياسيين صادرت السلطات ممتلكاتهم وحجزت أرصدتهم المالية خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة من حكم الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي ورئيس حكومته يوسف الشاهد ضمن ما عرف وقتها بـ«الحرب على الفساد».

- حكومة اقتصادية

وقد أصدرت منظمات وشخصيات قضائية وحقوقية ونقابية بلاغات جديدة تدعو السلطات إلى احترام القانون وحقوق الإنسان وإلى التعجيل بالكشف عن تركيبة «الحكومة الاقتصادية الجديدة ورئيسها» ووضع حد لـ«الفراغ السياسي والإداري» الذي تعيشه أغلب مؤسسات الدولة منذ قرار عزل رئيس الحكومة هشام المشيشي ثم نحو 15 من الوزراء والولاة وكبار الكوادر في الدولة بمراسيم رئاسية.

وتوجه أمين عام نقابات العمال نور الدين الطبوبي والناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري بـ«نداء جديد» للرئيس قيس سعيد بالتعجيل بتشكيل «الحكومة ذات الأولويات الاقتصادية والاجتماعية» والكشف عن «خريطة الطريق» التي سيعتمدها لإخراج البلاد من أزمته السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستفحلة.

وقال الطبوبي في تصريح جديد: «نحن نتفاعل إيجاباً مع قرارات الرئيس ومبادرات المجتمع المدني، لكننا لا نعطي صكاً على بياض لأي طرف سياسي».

- اليسار يعود

في السياق نفسه، كشف زعيم اليسار التونسي وأمين عام حزب العمال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه التقى مؤخراً مع أمين عام اتحاد الشغل وقيادات سياسية وحقوقية وأعلمها بموقفه وموقف عديد السياسيين والحقوقيين التونسيين المعارضين لما وصفه بـ«الانقلاب على الدستور وعلى الشرعية الانتخابية».

وقال الهمامي: «يعرف الجميع أنني من أكثر معارضي قيادات حركة النهضة ومشروعها السياسي والمجتمعي، وأني أحملها المسؤولية السياسية لتدهور الأوضاع في البلاد. لكنني أعتقد أن عدم الإعلان عن حكومة بعد نحو أسبوعين من احتجاجات 25 يوليو وإسقاط حكومة المشيشي من بين المؤشرات السلبية التي توحي بأن الأوضاع قد تنفجر مجدداً، وقد تصبح خارجة عن السيطرة».

في الوقت نفسه، دعا زعيم المعارضة القانونية أحمد نجيب الشابي ورئيس حزب «مشروع تونس» محسن مرزوق أمس، إلى التعجيل بالكشف عن الحكومة وعن خريطة الطريق حتى تتفاعل الطبقة السياسية معها.

لكن القيادي في حزب الشعب بدر الدين القمودي أورد أن الرئيس قيس سعيد الذي تعرض لانتقادات حادة من قبل المعارضة، بسبب اختياره المثير للجدل العام الماضي لإلياس الفخفاخ ثم هشام المشيشي لرئاسة الحكومة، تمهل قبل البت في اختياره لرئيس الحكومة الجديدة التي ستواجه تحديات اقتصادية ومالية واجتماعية وسياسية وأمنية بالجملة، إلى جانب «بعض الضغوطات الخارجية» من قبل العواصم المتحفظة أو المعارضة لقرارات 25 يوليو (تموز)، خصوصاً «تجميد» البرلمان وإلحاق النيابة العمومية بصلاحيات رئاسة الجمهورية.

- تمويل الأحزاب

ولاحظ المراقبون أن قيس سعيد لم يلتقِ علناً منذ أسبوعين أي شخصية من قيادات الأحزاب السياسية البرلمانية والمعارضة، بل اكتفى باستقبال ممثلين عن النقابات والمجتمع المدني لوقت وجيز.

وكرس هذا السلوك موقفاً قديماً جديداً لقيس سعيد عبر عنه مراراً يعتبر فيه أن «الأحزاب وصيغ التمثيل التقليدية ولى عهدها».

ووجه سعيد في تصريحاته الجديدة اتهامات بالفساد المالي لبعض القيادات الحزبية والسياسية والبرلمانية دون تسميتها، مع إعلان رفضه الحوار مع الفاسدين والمتحالفين معهم، وهي الصيغة التي كان يعتمدها سابقاً للإشارة إلى حزبي قلب تونس والنهضة اللذين اتهمهما بالحصول على «تمويل أجنبي» لحملتهما الانتخابية في 2019.

لكن قيادات الحزبين تبرأت من التهمة. كما نفت قيادة «النهضة» أمس، أن تكون قيادتها في تونس وفروعها الرسمية تعاقدت مع «وكالة عالمية للاتصال والعلاقات العامة خلال انتخابات 2019 أو هذا العام».

لكن الناطق باسم «القطب القضائي» أعلن أمس، أن «النيابة العمومية بصدد القيام بالتحريات اللازمة لاتخاذ قرار إما بفتح تحقيق جديد أو بضم المسألة إلى القضية الجارية المتعلقة بما يعرف بـ(عقود اللوبيينغ) في الانتخابات التشريعية لسنة 2019».

وقد تابعت وسائل إعلام تونس ومصرية وخليجية نشر «معلومات ووثائق حول عقد قيل إن قيادة حركة النهضة أبرمته مع وكالة (بورسن كوهن أند وولف) بتاريخ 29 يوليو 2021 بقيمة 30 ألف دولار، تعمل بمقتضاه الوكالة على تيسير تواصل الحزب مع الفاعلين الرئيسيين بالولايات المتحدة الأميركية، وتوفير دعم وسائل الإعلام وتقديم استشارة في الاتصال الاستراتيجي».

من جهة أخرى، تابع «مرصد رقابة»، الذي يرأسه الحقوقي والوزير المستشار في رئاسة الجمهورية عامي 2012 و2013 عماد الدايمي، نشر ملفات ورفع قضايا ضد رسميين في حكومة هشام المشيشي اتهمهم بتقديم «امتيازات مالية وتسهيلات غير قانونية» لفائدة عدد كبير من الشركات ورجال الأعمال.