انتهاك صارخ للقوانين الإنسانية والدولية.. ألغام الحوثي تقتل اليمنيين

تقارير - Tuesday 05 April 2022 الساعة 12:16 pm
المخا، نيوزيمن، خاص:

تواصل مليشيا الحوثي الإرهابية، ذراع إيران في اليمن، منذ 7 أعوام، ارتكابها آلاف الجرائم المنتهكة للقوانين والمعاهدات الإنسانية والدولية، لكن تبقى زراعة حقول ألغام واسعة في مختلف المحافظات اليمنية الأكثر إرهابًا؛ كونها تفتك بالحاضر وتستمر بتهديد حياة ملايين اليمنيين في المستقبل.

وتقوم المليشيا بتلغيم الأحياء والمناطق الخاضعة لسيطرتها من أجل فرض حصار مطبق وطويل الأمد على المدنيين، كما أنها تزرع ألغام الموت بطرق عشوائية ودون خرائط يستدل بها، الأمر الذي يجعل أمر التخلص منها صعبا، وهو تمامًا ما ترنو إليه هذه المليشيا الإرهابية.

ضحايا مدنيون

في الـ20 من مارس/ آذار الجاري، أصيب ثلاثة مدنيين من أسرة واحدة؛ نتيجة انفجار لغم أرضي زرعته مليشيا الحوثي في قرية "الكدح" بمديرية الخوخة جنوب محافظة الحديدة، أحدهم طفل، وهم: (نجود يحيى أحمد حسن مقحشي، 4 سنوات، ووالدها يحيى أحمد حسن مقحشي، 24 عامًا، ووالدتها فاطمه سالم أحمد، 20 عامًا).

وسبق بيومين من وقوع هذه الحادثة الإجرامية، وبالتحديد في تاريخ 17 مارس وقوع حادثتين منفصلتين في كل من محافظتي الحديدة والبيضاء، حيث قتل خمسة مدنيين من أسرة واحدة بينهم طفلان، نتيجة انفجار لغم من مخلفات الحوثي، بمركبة مدنية يستقلونها أثناء مرورهم في منطقة "جولة المطاحن" بالجهة الشرقية في مدينة الحديدة، فيما قتل طفل وأصيب آخر بجروح خطيرة منها بتر إحدى قدميه، بانفجار لغم للحوثيين في قرية "الصلب" مديرية الزاهر بمحافظة البيضاء.

سياسة الحوثي وداعش 

سياسة الأرض المحروقة التي تنتهجها مليشيا الحوثية الإرهابية على غرار تنظيم داعش الإرهابي ما هي إلا وسيلة انتقامية من المدنيين في اليمن، حيث قامت المليشيا بزراعة ملايين الألغام في المنشآت العامة والخاصة، وفي الجسور والطرقات، علاوة على زراعتها للألغام الفردية في المزارع وحقول السكان ومنازلهم، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية، لكنها ركزت على المناطق الآهلة بالسكان مما تسبب بمقتل آلاف اليمنيين وإصابة عشرات الآلاف غالبيتهم فقدوا أطرافهم، وتهجير آلاف السكان من منازلهم خوفًا من الموت الذي يتربص بهم مع كل خطوة.

أكثر من 100 ضحية خلال 2022

في إحصائية تتبعها معد التقرير، فقد بلغ عدد ضحايا الألغام المدنيين في اليمن منذ مطلع العام الجاري 2022 نحو 54 قتيلًا مدنيًا، و48 مصابا، غالبيتهم من الأطفال والنساء، تصدرت محافظة الحديدة في عدد الضحايا تلتها البيضاء وتعز ومأرب والجوف وشبوة.

الجدير ذكره أن حوادث انفجار الألغام وخطف أرواح وأعضاء المدنيين في اليمن باتت شبه يومية، لا تمر يوم حتى تسمع أن هناك قتلى ومصابين بألغام مليشيا الموت والإرهاب.

ووفق خبراء نزع الألغام باليمن، فإن الحوثيين قاموا بزراعة الألغام بأشكال مختلفة على "شكل صخور"، ويقومون بزراعتها في المناطق الجبلية، وعلى شكل "كتل رملية" تزرع في الصحارى والوديان، كما صنعت "عبوات ناسفة وألغاماً" لتتناسب مع زراعتها داخل العلب والأكياس الغذائية لتحقق أكبر قدر من الخسائر في الأرواح.

قال أسامة القصيبي مدير عام "مشروع مسام السعودي لنزع الألغام" في اليمن لوكالة الأناضول، إن المشروع تمكن منذ انطلاق عمله (في يونيو 2018) وحتى نهاية يناير 2022 من نزع 311 ألفاً و658 لغماً وعبوة ناسفة وقذيفة غير متفجرة".

وأوضح أنه خلال العام 2021 تمكن من نزع 96 ألفاً و714 لغماً وعبوة ناسفة من محافظات يمنية عدة محررة، لافتاً إلى أن الفرق نجحت خلال شهر يناير 2022 من نزع 15 ألفاً و232 لغماً معظمها تم نزعها من المناطق المحررة حديثا في شبوة ومأرب والحديدة.

وأضاف القصيبي، إن "هناك عدة أنواع وأشكال للألغام التي تم اكتشافها الغالبية منها ألغام وعبوات ناسفة محلية الصنع وجميعها ألغام حديثة وبتقنيات متطورة وأكثر خطورة وبأشكال متنوعة على هيئة أحجار وغيرها".

وما تزال عملية زراعة الألغام، بحسب المسؤول، مستمرة بل إن هناك عدة مناطق كان مسام على وشك إعلانها مناطق آمنة من الألغام وتم تلغيمها مجدداً بشكل أكبر وبكميات مهولة ومنها مديريات عسيلان وبيحان وعين بشبوة وحريب بمحافظة مأرب".

وكانت الأمم المتحدة أعلنت في سبتمبر 2021، في بيان لها، أن 1424 مدنيًّا قُتِلوا خلال أربع سنوات جراء الألغام والذخائر التي لم تنفجر من مخلفات الحرب في اليمن. 

وقال بيانٌ صادر عن مكتب ممثل منسق الشؤون الإنسانية في اليمن (أوتشا)، "إن الألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب الدامية التي تعصف باليمن منذ سبعة أعوام، ما زالت تتسبب في قتل وتشويه المدنيين، وتشكل مخاطر كبيرة على عمّال الإغاثة".

وتنتشر في محافظات يمنية عدة، عشرات الآلاف من الألغام والقنابل والعبوات الناسفة التي زرعتها مليشيا الحوثي منذ انقلابها على السلطة عام 2015م.

وفي 26 ديسمبر الماضي قدّر المشروع السعودي"مسام" لنزع الألغام في اليمن، في تقرير له، أن عدد ضحايا ألغام الحوثيين في اليمن بلغ نحو 10 آلاف شخص أغلبهم من النساء والأطفال، مشيراً إلى مواصلة مليشيا الحوثي زرعة الألغام.

آثار الألغام

يرى المحامي والناشط الحقوقي، مختار الوافي، في تصريح لـ"نيوزيمن"، أن الانتهاكات التي ترتكبها مليشيا الحوثي عند زراعتها الألغام استخدامها هذا النوع من السلاح المحرم والمجرم في القانون الدولي الإنساني، وفي اتفاقية حظر الألغام الدولية والمصدق عليها من قبل اليمن، والشيء الآخر أن المليشيا لم تراعِ أبسط الأعراف والتقاليد في الحرب، فقد تعمدت زراعة الألغام في الطرقات الرئيسية والمزارع وجوار منازل المواطنين وداخلها، وأماكن رعي المواشي، وأماكن لعب الأطفال وغيرها من الأماكن التي يرتادها المدنيون، لا سيماء النساء والأطفال.

ويضيف الوافي، لقد لغمت المليشيا البر والبحر وزرعت أكثر من مليوني لغم في مختلف المحافظات التي تشهد معارك، مشيرًا إلى أن هناك ما يقارب خمسة آلاف ضحية بين قتيل وجريح غالبيتهم أطفال ونساء وضحايا من خبراء نزع الألغام.

وعن تأثير زراعة الألغام في الحاضر والمستقبل فهناك آثار كبيرة ومأساوية تتركها الألغام سواءً في البيئة أو الإنسان، هناك الكثير من الضحايا لهذه الألغام في الحاضر وسنظل نعاني من أثارها وما ستحصده من أرواح في المستقبل خاصة المناطق التي لم تُنزع منها الألغام أو التي لم تُفصح المليشيا الإرهابية عن زراعتها.

وطالب الوافي المجتمع الدولي مساعدة الجهات العاملة في نزع الألغام وتزويدها بالأجهزة الحديثة، ومعاقبة مرتكبي هذه الجرائم وتعويض الضحايا وانصافهم.

ومن الآثار أيضًا أن ضحايا هذه الألغام من يبقى على قيد الحياة يبقى معاقا إما مبتور القدمين أو الأطراف، وعاجزًا عن العمل. وأكثر شاهدًا على هذه الجريمة المحرمة دوليًا، هو أعداد المعاقين حاليًا بسبب هذه الألغام الحوثية، وما سينتج مستقبلًا.

يوجد في القانون اليمني قانون يحظر استخدام الألغام وهو القانون رقم 25 لسنة 2005م، ويسمى قانون (حظر إنتاج الألغام المضادة للأفراد وحيازتها واستعمالها ونقلها والاتجار بها).

ويمثل استخدام وزراعة ونقل الألغام انتهاكاً صارخاً لمعاهدة حظر الألغام الفردية المعروفة باتفاقية "أوتاوا" 1997م، وللقوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة.

وسبق وأن أعلن اليمن في العام 2009، الانتهاء من إزالة الألغام في عدن بعد تنظيف المناطق التي كانت متضررة من الألغام واسترجاعها.

أنواع الألغام المستخدمة

بحسب موظفين في مركز نزع الألغام، فإن هناك نوعين من الألغام المضادة للأشخاص تم نزعها في بعض المناطق المحررة، نوع PPM-2 مضادة للأفراد صنعت في ألمانيا الشرقية السابقة، ونوع آخر  GYATA-64 صُنع في المجر. كما وجدت ألغام مضادة للعربات من نوع TM-62 وTM-57 صُنعت في الاتحاد السوفييتي السابق.

وطبقًا لمعلومات من خبراء الألغام، فإن أشد الألغام خطورة ما يسمى LT10 والذي يطلق عليه اسم "الخميني" وهي ألغام بلاستيكية يصعب على الأجهزة اكتشافها، وأن بعض الألغام مصنوعة محلياً من مادة الفسفور المحرمة دوليًا ومادة TNT شديدة الانفجار ومواد أخرى بالغة الخطورة.

وبحسب مشروع مسام، في بيان له مطلع العام الجاري، فإن مليشيا الحوثي قامت بتطوير تقنيات متعلقة بصناعة وزراعة الألغام، وهو ما ظهر من خلال تعامل فرق المشروع مع الألغام ومدى التطور والخطورة من عام إلى آخر.

وأكد البيان، أن فرق المشروع تتعامل حاليًا في محافظة شبوة بالمديريات الثلاث التي حررتها ألوية العمالقة الجنوبية من المليشيا، مع ألغام مبتكرة ومفخخة وأخرى مصنوعة من مواد جديدة لم تكن موجودة في الألغام التي نزعتها فرق مسام خلال الأعوام الماضية. وأخرى إيرانية الصنع وعلى ما يبدو من "حزب الله اللبناني" أو محلي بخبرات إيرانية.

وبالنسبة للعبوات الناسفة التي تُشغل من قبل الضحية والتي تنفجر بسبب اقتراب شخص منها أو ملامستها، فهي تندرج ضمن تعريف الألغام المضادة للأفراد، المحظورة بموجب معاهدة حظر الألغام.

وهنا بعض صور الألغام والعبوات الناسفة التي تستخدمها مليشيا الحوثي:

- شبكات ألغام

- مجسمات خادعة

- ألعاب قاتلة

- أحجار بناء

- أجسام مموهة

- جذوع النخل

- إطارات قاتلة

- قفازات قاتلة