الإخوان والحوثي.. شراكة سافرة لإسكات بنادق أشجع المحاربين

تقارير - Thursday 10 November 2022 الساعة 07:34 am
مأرب، نيوزيمن، خاص:

اغتيال العميد محمد الجرادي، الذي ظهر كواحد من أوائل المحاربين ضد المشروع الحوثي، ليس استهدافاً لشخصه بقدر ما هو جزء من حرب ممنهجة طالته ومعه كثير من قيادات ومقاتلي ريمة والمكونات المحلية التي ظهرت في الميدان كرقم مهم بعيداً عن الولاء لتنظيم الإخوان المسلمين.

الجرادي تعرض لحرب ممنهجة وإقصاء متعمد من قبل قيادات جيش الإخوان، وهذه الحرب كانت وستستمر ضد كل المكونات العتيدة داخل مأرب والتي تقاتل الحوثي دون أن تكون مؤطرة ضمن جيش الإخوان المسلمين والجناح العسكري لحزب الإصلاح بتحالفاته المتعددة.

ليس بعيداً أن يكون الحوثي وأذرعه الواصلة في معاقل الشرعية هم من نفذ عملية تصفية الجرادي، لكن عملية استهداف الجرادي وقتله بدأت مبكرا حين تعرض لحرب وإقصاء متعمد من قبل قيادات الإخوان حتى وصل به الحال إلى أنه لم يعد قادراً على دفع إيجار المنزل الذي يسكنه حيث لا يزال يسكن بالإيجار رغم كونه من أوائل من وصلوا مأرب للحرب ضد الحوثي، في حين يملك أصغر قادة الإخوان في جيش مأرب منازل في الداخل وشققاً في الخارج.

صحيح أن الحوثي يدير جانباً مهماً من الصراعات البينية للقوى المناهضة له، ويفرغ المكونات من القيادات التي تحظى بقدرة على الحشد وتملك التأثير الجيد، لذلك نجح في عمليات استخباراتية من تصفية قيادات مهمة عسكرية وأمنية، لكنه يستغل بذور الخلاف التي يمتهن الإخوان زراعتها في كل المساحات التي تتواجد فيها الشرعية ويكون الإخوان متصدرين للمشهد بحكم نفوذهم.

الجرادي من ريمة والشدادي من مأرب ومعهما كان أحمد الحيدري ابن تعز ومحمد الحجوري القادم من حجة.. شكَّل هؤلاء الضباط الوطنيون حالة فريدة من الإخلاص للمعركة ومواجهة المليشيات الحوثية بداية تشكيل وحدات الجيش في مأرب، غير أن أربعتهم أستشهدوا، حيث رحل الحيدري باكرا بعبوة متفجرة على خط مأرب شبوة، ولحقه الشدادي بقذيفة ذات إحداثيات دقيقة، والحجوري رحل في ظرف صحي غامض وآخرهم ترجل الجرادي بعملية اغتيال غادرة.

هؤلاء الأربعة فقط أنموذج لقيادات عدة استهدفت بالتصفيات والإقصاء كونها كانت تشكل حضورا فاعلا في أبجديات المواجهة الوطنية مع المشروع الإمامي الحوثي، وليس الحمادي والجبزي وجواس واليافعي وآخرون كثر بعيدين عن هذا الاستهداف الذي تقاسم حصته الحوثي والإخوان معا وكأنهم جناحا معركة واحدة ضد اليمن.

ينفذ الإخوان جانباً من المهام والاستهداف ويكمل الحوثي بقية المهمة، فيما يسعى الطرفان، أتباع المرشد العام والمرشد الأعلى، لإخلاء الساحة من مناهضين وقادة يشكلون خطراً على أطماع وطموحات دعاة الخلافة ودعاة الإمامة.

هناك تشكيلات عسكرية ومجاميع مقاومة كان لها حضور قوي في مواجهة المليشيات مثل مجاميع الشيخ الدعام ومقاومة الشعاور والأهمول محافظة إب ومقاومة عتمة وحضور مجاميع ريمة القوي في المعارك بقيادة روحية من العميد محمد الجرادي وكذلك أبناء وصابين وذمار وحتى أبناء قبائل صنعاء الذين اكتفى بعضهم بالحصول على رقم عسكري وانتظار مرتب يأتي بعد أشهر.

ما صنعه الإخوان في مأرب هو أنهم شكلوا قيادة إخوانية مركزية أقصت المجتمع المحلي في مأرب ونكلت بهذه المجاميع والمكونات المحلية التي قدمت من المحافظات لتشكل روافد للمعركة ضد مليشيات الحوثي، وتفردت بالمناصب وقرار الحرب، وجلبت الهزيمة، ونهبت الدعم والامتيازات المالية، واستهدفت قيادات هذه المكونات وجعلتها على قارعة الإهمال منشغلة بالبحث عن متطلبات العيش.

كان الجرادي من مؤسسي الجيش في مأرب وقاد اللواء 81 في معارك ملحمية، ومثل لأبناء ريمة المقاتلين في الميدان على مستوى كل الوحدات القائد الملهم والمقاتل القدوة، وتلك المكانة المعنوية لم تنل قبول قادة الإخوان وجناحهم العسكري، لأنهم يدركون أن هذا القائد اليساري الجمهوري يشكل خطرا على تفردهم بقرار الميدان ولعبة الابتزاز التي مارسها الإخوان ضد التحالف بنتائج الحرب.

يلتقي الإخوان والحوثي في خط استهداف القيادات العسكرية التي تدين بعقيدة وطنية وإنسانية وأخلاقية ترى في الوطن حقاً لكل أبنائه دون احتكار من جماعة أو مليشيا أو تنظيم معين، لأن هذه الجماعات المتطرفة لا تؤمن بالدولة الوطنية ولا بالتعايش ولا بحق الآخرين في العيش الكريم.

وسواءً كان من أنهى حياة الجرادي الحوثي أو الإخوان فإن النتيجة لا تختلف فكلاهما واحد ضد كل القادة والضباط والقوات التي لا تنتمي إلى دائرة المرشد العام والمرشد الأعلى، وستستمر هذه الحرب القذرة ضد رجالات اليمن وضد كل مشروع وطني حقيقي في البلاد.