بيليه.. قصة اعظم لاعب في تاريخ كرة القدم

رياضة - Friday 30 December 2022 الساعة 07:47 am
عدن، نيوزيمن:

رحل عن عالمنا، مساء يوم امس الخميس، أسطورة البرازيل بيليه، عن عمر ناهز 82 عاما، بعد صراع طويل مع المرض، بعد مسيرة أصبح خلالها أحد أعظم اللاعبين في تاريخ كرة القدم، إن لم يكن أعظمهم على الإطلاق.

ولا يزال بيليه اللاعب الوحيد الذي رفع كأس العالم ثلاث مرات (1958، 1962، و1970)، كما دوّن اسمه في النهائيات بـ12 هدفا.

"لا تبكي يا أبي، سأفوز بكأس العالم في يوم ما من أجلك"... تلك هي الكلمات التي وجهها بيليه عندما كان طفلا في العاشرة من عمره في عام 1950، عندما رأى والده يبكي إثر تلقيه صدمة "الماراكانازو" (كارثة الماراكانا).

فقد سادت حالة من الحزن في البرازيل إثر ضياع حلم لقب المونديال بهزيمة البرازيل أمام أوروجواي (1-2)، على ملعب استاد الماراكانا بمدينة ريو دي جانيرو.

وعندما رأى بيليه والده يبكي، عانقه ووعده بالفوز بكأس العالم في يوم ما، وهو الوعد الذي أوفى به وبأكثر منه، حيث أنه لم يتوج بالكأس مرة واحدة وإنما 3 مرات منفردا بهذا الرقم حتى الآن.

وحقق بيليه وعده بشكل أسرع مما كان يمكن تصوره، حيث قاد البرازيل للتتويج بلقب كأس العالم 1958 في السويد وهو لا يزال في السابعة عشر من عمره.

ولد إدسون أرانتس دو ناسيمنتو في 23 تشرين الأول/أكتوبر 1940، وخاض مباراته الأولى مع فريق سانتوس عام 1956، عندما كان لا يزال في الخامسة عشر من العمر، تم ضمه للمنتخب بعد عام، وسجّل هدفاً في أوّل مشاركة له في مباراة ضد الأرجنتين.

وضُمّ لتشكيلة المنتخب المشارك في كأس العالم 1958 في السويد، قبل بلوغه عامه الثامن عشر. وكانت مشاركته موضع نقاش حاد في البرازيل، حيث طرح نقاد علامات استفهام حول ما إذا كان هذا المراهق النحيل يحظى بالمواصفات البدنية المطلوبة للبطولة.

لم يكن "الجوهرة السوداء" متاحاً في أول مواجهتين لأنه كان لا يزال يتعافى من إصابة في الركبة لدى وصوله إلى السويد. وكان بإمكان بيليه أيضا البقاء على مقاعد البدلاء في المباراة الثالثة ضد الاتحاد السوفياتي، لو استجاب مدرب المنتخب وقتها فيسنتي فيولا لنصيحة الطبيب النفسي الذي اعتبر أن اللاعب غير مؤهل للمهمة.

لكن فيولا راهن على بيليه، ودفع به منذ بداية المباراة التي انتهت بفوز برازيلي بثنائية نظيفة، وتقديم اللاعب اليافع عرضاً مميزاً ارتكز بشكل أساسي على العمل مع جارينشا، أحد نجوم المنتخب يومها.

قدّم بيليه في المباراة الأولى أداء جعل منه لاعباً أساسياً في تشكيلة "راقصي السامبا"، وأصبح من المستحيل الاستغناء عنه.

سجّل هدفه الأول في البطولة في ربع النهائي ضد ويلز، ليمنح بلاده الفوز بهدف دون رد وبطاقة التأهل إلى المربع الذهبي لمقابلة فرنسا، حيث سجل ثلاثية تاريخية "هاتريك" قاد بها منتخب بلاده للفوز بنتيجة 5-2.

تأهلت البرازيل للمباراة النهائية لملاقاة السويد، لكن ذلك لم يثر أي رهبة في قلب اللاعب الشاب الذي واصل تألقه وسجّل هدفين ليساهم بنسج النجمة الأولى على القميص الأصفر بعد مباراة انتهت أيضا بفوز البرازيل بنتيجة 5-2.

وأصبح بيليه، في عمر 17 عاما و249 يوما، أصغر لاعب يحرز لقب كأس العالم، وأصغر لاعب يسجّل في مباراتها النهائية، لكن النسختين اللاحقتين لم تشهدا تألقا مماثلا للاعب الذي أضحى بعدها أسطورة.

في نسخة عام 1962 في تشيلي، مع خبرة أكثر وبنية أقوى، كان بيليه يمني نفسه بتكرار إنجازه وقيادة بلاده لانتصارات مبهرة، وقدّم لمحة عما كان يريد القيام به في المباراة الافتتاحية لبلاده ضد المكسيك بصنعه هدفاً وتسجيل آخر بعد أداء فردي مذهل راوغ خلاله 4 لاعبين.

لكن آماله اصطدمت بحائط الإصابة في المباراة الثانية ضد تشيكوسلوفاكيا، بعد تفاقم إصابة سابقة لديه، ما أجبره على الجلوس على مقاعد البدلاء طيلة البطولة التي قاد فيها جارينشا البرازيل للفوز بلقبها الثاني.

لا يمكن مقارنة إحباط بيليه من الإصابة التي حدّت من مشاركته في تشيلي، مع خيبة الأمل التي اختبرها في مونديال إنجلترا 1966 حيث تم حرفيا "ركله" خارج البطولة، دون أن يحميه الحكام من الاحتكاكات القاسية.

وأصبح بيليه أول لاعب يسجّل في ثلاث نهائيات لكأس العالم، بعد هزّه الشباك في المباراة الأولى ضد بلغاريا (2-0) رغم التدخلات الخشنة من مدافعي الخصم، والتي أبعدته عن المباراة الثانية ضد المجر (1-3)، وعاد في المباراة الثالثة ضد البرتغال، لكنه خرج باكيا من ملعب جوديسون بارك في ليفربول، بعد تعرّضه لعرقلتين قويتين من المدافع جواو مورايش.

ودّعت البرازيل المونديال من الدور الأول للمرة الأولى منذ 1934، وأقسم بيليه على عدم المشاركة مجددا، قائلا: "لا أريد أن أنهي حياتي معوقا".

ولحسن الحظ، لم يفِ اللاعب بوعده، وعاد بعد 4 سنوات في مونديال المكسيك بعمر 30 عاما ليقود منتخباً يُعدّ من الأفضل على مرّ العصور.

بعد مونديال 1966 المخيّب للآمال على الصعيد الكروي، تحوّل مونديال 1970، لاسيما بفضل الفوز البرازيلي المستحق وأداء بيليه في خلاله، مرادفاً للعبة الجميلة، قدّم اللاعب في المكسيك أداء باتت بموجبه الفرص التي أضاعها، تُذكَر بقدر الأهداف التي سجلها.

وعلى الرغم من أنه واصل اللعب مع سانتوس، وانتقل بعد ذلك لنيويورك كوزموس الأميركي، إلا أن بيليه اعتزل دوليا عام 1971، خلال مباراة وداعية عاطفية أمام 180 ألف مشجع في ملعب ماراكانا الشهير في ريو دي جانيرو، وفي جعبته 92 مباراة دولية و77 هدفا.

وبمجرّد الانتهاء من بطولات كأس العالم، ساعد بيليه، الذي كان يلقب بـ "أو ري" (الملك)، في محاولة إطلاق ثورة كروية في الولايات المتحدة.

وفي عام 1977، قاد كوزموس للقب الدوري المحلي، في موسمه الأخير مع النادي الذي مرّ في صفوفه الأسطورة الألماني فرانتس بكنباور، والمهاجم الإيطالي جورجو كيناليا وقائد منتخب البرازيل السابق كارلوس ألبرتو.

وتحوّل بيليه بين العامين 1995 و1998، إلى وزير استثنائي للرياضة في بلاده، رغم قيامه بدور السفير للعديد من العلامات التجارية.