أحد ضحايا الحرب الحوثية.. الإمارات تحث اليمنيين على استثمار دعمها للأمن الغذائي

تقارير - Sunday 15 January 2023 الساعة 07:57 am
عدن، نيوزيمن، خاص:

يعتبر الأمن الغذائي والمائي أحد أهم الأهداف الإغاثية التي ركزت عليها دولة الإمارات العربية المتحدة، ضمن المشاريع والتدخلات الإنسانية التي نفذتها وتنفذها في مختلف المناطق اليمنية المحررة بشكل خاص.

كما أن الأمن الغذائي والمائي من الركائز الأساسية لتحقيق أي نمو اقتصادي في أية دولة. وهو ما دفع الإمارات عبر أذرعها الإنسانية إلى مد يد العون والمساعدة لأشقائهم في اليمن في هذا الجانب عبر توفير حلول لتأمين الغذاء والماء وإيجاد سبل العيش المستدام، ودعم قطاعي الزراعة والمياه في عدد من المناطق اليمنية.

الجهود الإغاثية

الحرب التي أشعلتها المليشيا الحوثية -ذراع إيران في اليمن- منذ العام 2015، تسببت بأضرار كبيرة في جانب الأمن الغذائي ليصل عدد الأشخاص المحتاجين إلى المساعدات الغذائية، وفقاً لتقارير أممية، إلى نحو 23 مليون نسمة. وهي أرقام كبيرة تحتاج إلى جهود أكبر من أجل تغطيتها وإيصال الغذاء لها.

ومن الوهلة الأولى للأزمة سارعت الإمارات عبر أذرعها الإنسانية إلى مد جسور برية وبحرية وجوية من أجل إيصال آلاف الأطنان من المساعدات الغذائية، لأجل تخفيف وطأة المعاناة وتحقيق الأمن الغذائي للأسر الأشد احتياجاً في مختلف المناطق المحررة. ومثلت السلل الغذائي أول خطوط النهج الإنساني الإماراتي لتحقيق الأمن الغذائي في اليمن. حيث بلغ إجمالي قيمة المساعدات الإغاثية والإنسانية المقدمة خلال الفترة منذ بداية العام 2021 وحتى أغسطس 2022 أكثر من مليار و160 مليون درهم، وهي ترجمة واضحة لشمولية الدعم الإماراتي للمشاريع والاحتياجات الإنسانية التي حظيت بها المحافظات المحررة.

استدامة الغذاء محور أساسي

بموازاة الجهود الإغاثية، وضعت دولة الإمارات استراتيجية أخرى تهدف إلى توفير الحلول الممكنة لأجل تأمين الغذاء بشكل مستدام بدلاً عن انتظار المساعدات الإغاثية من الخارج في ظل ظروف الحرب الصعبة.

ولجأت الإمارات إلى دعم التنمية الزراعية عبر حزمة من المشاريع الخاصة بتأمين المياه خصوصاً في المناطق الصالحة للزراعة، عملت على حفر العشرات من الآبار الجوفية، وإعادة تأهيل المنشآت المائية إلى جانب إنشاء المزارع وتوفير الإمكانات والدعم لاستصلاح الأراضي في المناطق الزراعية.

حزمة المشاريع التنموية في هذا الجانب تندرج ضمن استراتيجية الأمن الغذائي والمائي لدولة الإمارات 2036. والتي تهدف إلى ضمان استدامة واستمرارية الوصول إلى المياه في الظروف العادية والطارئة. وهي استراتيجية تسهم في ازدهار قطاع الزراعة ونمو الاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن الغذائي للمجتمعات.

أهداف بعيدة المدى تعمل الإمارات على تحقيقها من خلال دعم مشاريع تحقق المستقبل الأمن والعيش الكريم واستفادة الشعب من ثرواته خصوصاً الثروة الزراعة التي تضمن استقرار الاقتصاد الداخلي في الأزمات والحروب.

استراتيجية واضحة 

خلال العام الماضي، تبنت الإمارات سلسلة من المشاريع التنموية والخدمية التي تصب في مجال دعم القطاع الزراعي والمائي، ومساعدة المواطنين على توفير الاحتياجات المائية المستقبلية بصورة مستدامة وتشجيعهم على العودة للزراعة.

إن تنفيذ مشاريع حفر الآبار وتأهيل السدود والمنشآت المائية، يسهم بشكل كبير في تقليل الضغط على المياه الجوفية المستخدمة في الزراعة، وتوفير برنامج لإدارة الإمداد المائي، وزيادة كفاءة استخدام المياه في الزراعة.

ففي حضرموت عملت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي وضمن أعمالها الإنسانية والتنموية، إلى رفع تنفيذ مشاريع حفر الآبار الارتوازية المختلفة والتي بلغت (42) بئراً في محافظة حضرموت، منها 15 بئراً في العام 2022. وأسهمت تلك الآبار في تحقيق الاستقرار المائي للمواطنين الذين عانوا كثيرا من شحة المياه وجفاف الآبار القديمة وعدم جود حلول بديلة لاستدامتها.

وفي شبوة تبنت الإمارات، مؤخراً، مشروعاً متكاملاً لتأهيل وصيانة 21 منشأة مائية، وهي مشاريع هادفة إلى تعزيز الجهود المحلية في المحافظة، وخطوة كبيرة ستنعش قطاع الزراعة التي تدهورت خلال الفترة الماضية بسبب ندرة المياه وجفاف الآبار.

تمويل وتنفيذ مشاريع المياه يؤكد حقيقة الإرادة الإماراتية لتحقيق مستقبل واعد في مجال تطور التنمية البشرية، وتأمين المخزون المائي وإصلاح البنية الزراعية في اليمن، هو ما يعنيه نفض الاتكالية وخلق مجتمع إنتاجي في المستقبل القريب.

وأشاد وزير الزراعة والري والثروة السمكية اليمني سالم عبد الله السقطري بالدعم الذي تقدمه دولة الإمارات وتمويلها لتنفيذ المشاريع الاستراتيجية في مختلف القطاعات التنموية والخدمية وعلى وجه الخصوص قطاع الزراعة، مؤكداً أن هذا المشاريع الاستراتيجية تمثل دفعة قوية للقطاع الزراعي وسوف تسهم في رفد السوق المحلي بمختلف المنتجات الزراعية طيلة فصول السنة.

وقال وزير الزراعة، إنه ليس بجديد على دولة الإمارات تنفيذ مثل هذه المشاريع الاستراتيجية، لافتاً إلى التوقيع أواخر نوفمبر الماضي على انطلاق المرحلة الأولى لمشروع إنشاء سد حسان بمحافظة أبين إلى جانب دعم الإمارات لقطاع الزراعة في أرخبيل سقطرى وغيرها من المناطق المحررة.

تأهيل سد حسان 

ولعل أبرز المشاريع التنموية التي جرى الإعلان عنها نهاية 2022 من دعم استراتيجية تحقيق الأمن المائي والغذاء، مشروع إعادة تأهيل سد حسان في محافظة أبين التي تعد إحدى أهم المحافظات الزراعية في اليمن لما تنتجه من المحاصيل والحبوب.

رغم خصوبة التربة الفريدة في مناطق أبين، إلا أن هناك انحصاراً وتراجعاً في المساحات الزراعية بسبب التكاليف الباهظة التي يتكبدها المزارعون في توفير المياه، وكذا عدم وجود منشآت مائية تحفظ مياه الأمطار ناهيك عن تضرر المصدات المائية التي تحمي الأراضي الزراعية أثناء السيول والفيضانات الجارفة. 

ما تعانيه أبين من شحة المياه الجوفية بسبب الاستهلاك الكبير لري الأراضي الزراعية، دفع بالإمارات إلى المسارعة في دعم مشروع استراتيجي كبير يهدف إلى توفير مخزون مائي ضخم من مياه الأمطار لاستخدامه في الزراعة وإعادة استصلاح الأراضي من جديد.

إعادة بناء سد وادي حسان الزراعي له أهمية كبيرة للزراعة والمزارعين ويساهم في تنظيم الري لمساحات واسعة من الأراضي الزراعية الواقعة في إطار السد والتشجيع على استصلاح الأراضي البور والاستفادة من مياه السيول التي تذهب حالياً هدراً إلى البحر، وسوف يساهم في زيادة وتحسين الإنتاج الزراعي وتحسين مستوى الدخل للمزارعين ورفد السوق المحلي بالمنتجات الزراعية المختلفة ويساهم في مكافحة الفقر من خلال تشغيل عدد كبير من الأيادي العاطلة عن العمل من أبناء المحافظة.

سقطرى أنموذج ناجح 

على مدى عقود، ظل سكان جزيرة أرخبيل سقطرى يواجهون صعوبة توفير الاحتياجات الأساسية من الغذاء، خصوصاً في فترة موسم الرياح وتلاطم الأمواج، حيث يصعب فيها إيصال المؤن القادمة من سواحل حضرموت والمهرة.

وخلال السنوات القليلة الماضية، تبنت الإمارات عبر ذراعها الإنساني، مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، استراتيجية جديدة تهدف إلى مساعدة الأسر في الجزيرة على تأمين احتياجاتهم من الغذاء الصحي عبر حزمة من الدعم والمبادرات الهادفة إلى تشجيع الزراعة وتأمين الخضروات والفواكه، خصوصاً وأن الجزيرة تمتلك أراضي زراعية خصبة.

وشكل مشتل الإكثار الزراعي التابع لدولة الإمارات مصدرا مميزا لنقل عشرات الآلاف من الشتلات لكافة قرى ومناطق سقطرى بشكل سنوي. حيث عمل على تلبية حاجة المزارعين، إلى جانب الحفاظ على خصوصية سقطرى البيئية التي تمنع إدخال أي شتلات من خارج سقطرى لحماية تنوعها النباتي الفريد من الآفات الزراعية.

كما أن مزارع بشاير النموذجية، تمثل إحدى التجارب الناجحة والفريدة التي قامت بها الإمارات لدعم القطاع الزراعي في سقطرى، وأسهمت في رفد السوق المحلي بأنواع مختلفة من المحاصيل الزراعية. كما أن إنشاء هذه المزارع النموذجية لتشجيع أهالي سقطرى على الزراعة لتحقيق اكتفاء ذاتي لاحتياجاتهم الغذائية. 

وساهم توزيع الشتلات الزراعية للخضار والفواكه في تأسيس مئات البقع الزراعية على مستوى سقطرى والتي حققت وعيا أسريا ومجتمعيا بالدور الهام للزراعة وأثرها الإيجابي في الحفاظ على مجتمع قوي وصحي.

وثمن رئيس الهيئة العامة لحماية البيئة في سقطرى، فيصل الثعلبي، جهود مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية ونشاطها في التأمين الغذائي للجزيرة عبر المزارع النموذجية التي قامت بإنشائها ودعمها في سبيل النهوض بالقطاع الزراعي.

وأوضح أن المزارع النموذجية التي دعمتها الإمارات تمثل تجربة فريدة ومدرسة تعليمية لكل أبناء سقطرى في كيفية الاستفادة من هذه التجربة وتطبيقها في عموم المشاتل بالجزيرة، لافتاً أن المزارع تجربة جديدة ورائدة خاصة في زراعة شتلات الخضار والفواكه والمحصول الدائم والمستدام.

وأضاف رئيس هيئة البيئة، إن المزرعة تعد أنموذجا حديثا في استخدام شبكة الري بالتقطير والرشاشات لزراعة المحاصيل الزراعية، بالإضافة إلى إمكانية الزراعة على مختلف فصول السنة في البيوت المغطاة.

كما أن الدعم الإماراتي لم يقتصر على إنشاء المزارع ومواقع الإكثار، بل اتجه أيضاً لتوفير البذور التي شجعت الكثيرين للاتجاه إلى الزراعة، إلى جانب ما تقدمه من دعم في معالجة الآفات الزراعية وتوعية المزارعين بالطرق الحديثة في الزراعة والري لزيادة إنتاجية المحاصيل وتحقيق مؤشرات متقدمة في هذا الجانب.