دراسة بحثية: تغييرات الحوثي في الكتب الدراسية طائفية وتزيد من العنف وتزرع الطاعة

تقارير - Wednesday 18 January 2023 الساعة 02:49 pm
عدن، نيوزيمن، خاص:

أكدت دراسة بحثية نشرها المركز اليمني للسياسات، أن إجراء ميليشيا الحوثي - ذراع إيران في اليمن، للكثير من التعديلات في المناهج الدراسية في مناطق سيطرتها ساهم في تطبيع العنف والصراع لدى الطلاب.

الدراسة حملت عنوان "«انتبه! قد يكون ابنك الشهيد التالي»: تغييرات في الكتب المدرسية في شمال اليمن"، أعدها الباحث مالك سعيد، أشارت إلى أن الكتب المدرسية في مناطق الحوثي أصبحت ترسخ لما يسمونه "الهوية الدينية" ومحاربة الإمبريالية الغربية وعملائها الإقليميين والمحليين. وكذا حظر الاختلاط بين الجنسين، واستبدال الأغاني والأناشيد الترفيهية بشعارات الحوثيين والاناشيد الدينية".

وحللت الدراسة البحثية 57 كتابًا مدرسيًّا في مناطق الحوثي من الصف الأول إلى التاسع (الفئة العمرية من 7-16 عامًا) في الموضوعات التالية: الدراسات القرآنية، والدراسات الإسلامية، واللغة العربية، والدراسات الاجتماعية (التي تشمل الجغرافيا والتاريخ). وأثبتت الدراسة أن تلك الكتب تميل بشكل كثيف إلى شيطنة المجتمع الدولي والدول الغربية ودول التحالف العربي، وتتجه إلى نزعة الحوثيين لتثبيت شرعيتهم.

وبحسب الدراسة فإن السنوات الأربع الماضية، خضعت الكتب المدرسية المستخدمة في مناطق سيطرة الحوثيين لتغييرات أيديولوجية وسياسية، واصبحت تمتلئ بالمواد التي تروِّج للنزاعات عبر غرس قيم معينة وتوجيه مسار التنشئة الاجتماعية السياسية وزرع الطاعة لهم.

وأكد الباحث أن استخدام الحوثيين لصور الأسلحة والأطفال المتوفين وسفك الدماء وعسكرة الروايات بطريقة متكررة في جميع الصفوف الدراسية من الأول إلى التاسع، يؤدي إلى استمرار العنف كرد فعلٍ طبيعي على النزاعات، وكعملية مؤسفة يجب على اليمنيين تحمُّلها لحماية دينهم وثقافتهم وأرضهم.

وأوضحت أن الحوثيين يستغلون النضال الفلسطيني كنموذج لدور الضحية، حيث عمد الحوثيون في تغيير المناهج الدراسية إلى تصوير اليمنيين ضحايا أمام العالم، وكذا استغلال الموارد اليمنية لتدمير هوية اليمنيين الدينية والثقافية.

وأشارت الدراسة إلى أن الحوثيين سعوا إلى ترسيخ صورة أن صراعاتهم هي امتداد لصراعات الفلسطينيين، وذلك لإضفاء الشرعية على عنف عناصرهم لكونهم ضحايا يدافعون ببطولة عن الإسلام والضعفاء في اليمن وخارجه.

وأكد الباحث أن التغييرات التي أجرها الحوثيون في مجال التعليم تشير إلى رؤية طويلة المدى تغيب عنها آفاق السلام، وربما تكون مدفوعة بالرغبة في الاستمرار في التشبث بالسلطة السياسية في الشمال. قد يكون لهذه التغييرات آثارٌ بعيدة المدى على الأطفال، الذين هم بذور أي احتمالاتٍ للسلام.

وأضاف إن التغييرات الجديدة في الكتب المدرسية جاءت لتؤكد المعتقدات التي رفعها الحوثيون بأن لهم حقًّا إلهيًّا في حكم «الأمة»، في إشارة إلى الأمة الإسلامية، والزعامة في جميع مجالات الحياة. وهذا ما أكدته التغييرات بالاحتفاء بقادة الحوثيين الدينيين والسياسيين بوصفهم أحفاد النبي محمد (آل البيت)؛ والغرض من ذلك بناء صورة ذاتية إيجابية ولديها المشروعية في حكم البلد. 

وأكدت الدراسة أن الحوثيين استغلوا الكتب المدرسية من أجل الحشد والتجنيد عبر تصوير الجهاد على أنه واجبٌ يورثه الآباء للأبناء، وتُصوَّر الشهادة على أنها وراثية، وهو ما يطبع فكرة أن الأطفال يجب أن يتبعوا خطوات آبائهم. إلى جانب شرح بطولة المشاركة في الجهاد للدفاع عن الوطن والضعفاء من الغزاة والخونة.

ولفتت إلى أن المثير للقلق إصرار التغييرات الحوثية الجديدة على تمجيد «الجنود الأطفال» في العديد من المناسبات، وكيفية مشاركتهم في القتال والجبهات وتنفيذ عمليات انتحارية لصالحهم. 

وخلصت الدراسة إلى أن التغييرات الحوثية في المناهج الدراسية ستظل بيئة حاضنة لتوليد التحريض على النزاعات لما تزرعه من أفكار وسلوكيات وتعبئة خاطئة للاستثمار والاستغلال، خصوصا بعد إفراغ التعليم من هدفه في دعم السلام وأصبحت انتهاكات اليوم مولدة لصراعات الغد.

أوضحت الدراسة البحثية بأنه لا بد من أن تصاغ المناهج الدراسية بطريقة تجعل الماضي يتصالح مع الحاضر والمستقبل، داعية المانحين والمنظمات الوطنية والدولية غير الحكومية العمل «وسط النزاع» وليس «حول النزاع». يتطلَّب هذا اهتمامهم بدعم إصلاح التعليم الآن بدلًا من الانتظار حتى تنتهي الحرب، وإجراء تقييمٍ للكتب المدرسية الحالية في جميع أنحاء اليمن وتحليل مساهمتها في التحريض/أو/التخفيف من حدة النزاعات. 

كما طالبت الدراسة إدراج التعليم في محادثات السلام لما له من قوة ضغط على جميع وكلاء الحرب لتحييد هذا القطاع الحساس، الأمر الذي يمكن أن يخلق أرضية مشتركة للسلام في جميع أنحاء البلاد.