استراتيجية القوة الناعمة.. أزمات مفتعلة لمراكمة الأموال

تقارير - Tuesday 30 May 2023 الساعة 07:55 am
المخا، نيوزيمن، خاص:

ابتلعت رواتب الموظفين في مناطق نفوذها، ثم تحولت لمطالبة الحكومة بدفعها بعد أن تنصلت من اتفاق ستوكهولم الذي ضمن للموظفين صرف مرتباتهم عبر الإيرادات الضريبية والجمركية لميناء الحديدة، في حين تتواصل مساعيها للالتفاف على ثروات البلاد التي ورطتها في حروب وصراعات للعام التاسع على التوالي، لتكشف أخيرًا عن طموحها في استقطاع نصيب لها من النفط المحلي. 

تسعى جماعة الحوثي للاستحواذ على كل ما يمكنه أن يدر عليها المال، ففي حين تجني المليارات من واردات الضرائب والجبايات غير القانونية التي تفرضها على اليمنيين في مناطق سيطرتها، تستغل ذراع إيران في الوقت ذاته نفوذها لابتلاع القطاع الخاص واستبداله بشخصيات من قياداتها السلالية، بالإضافة لمحاولاتها المتكررة ابتزاز الأطراف الإقليمية وتوظيف مساعي السلام في اليمن لجني مزيد من المكاسب المادية. 

القوة الناعمة 

في الوقت الذي تستثمر في نفوذها العسكري لبناء اقتصادها الخاص، تعمل جماعة الحوثي على كسب أدوات البقاء ووسائل القوة التي تمكنها من تغذية معسكراتها وإدارة نشاطها السياسي، معتمدة بدرجة كبيرة على مراكمة الأموال وحشد المكاسب المادية. 

وبالإضافة لطموحها في البقاء كأحد أهم مراكز القوى في اليمن، تتشكل البنية الداخلية لذراع إيران، من شخصيات سلالية وطائفية، في حين تعتمد على نماذج عشوائية وغوغائية فاسدة تسعى لتكديس الأموال وبناء إمبراطورياتهم الشخصية بشكل مستقل عن الجماعة. 

وفي هذا السياق يرى الكاتب اليمني، والمحلل السياسي في الشئون الاستراتيجية والعسكرية الدكتور علي الذهب، أن الحوثي يتصرف في الوقت الحالي بوصفه الحاكم الأوحد في مناطق نفوذه، إذ يتصرف سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا وفكريًا وأيديولوجيًا وإعلاميًا، من منظور واحد، هو منظور الجماعة التي تتبنى نهجها السياسي والفكري وتحاول بشكل أو بآخر تعزيز وجودها بأسباب القوة، ومنها القوى الناعمة، والمال أحد أهم مكوناتها. 

وأضاف الذهب، في إطار حديثه لـ"نيوزيمن": "بدون المال لا يمكن لجماعة الحوثي تعزيز قدراتها العسكرية، ولن تتمكن من إدارة برنامجها السياسي، وكل ذلك يصب في تعزيز سلطتها ونفوذها، في حين تدرك جماعة الحوثي أنها مقبلة على عملية سلام، ولا بد أن تكون على أقل تقدير الحاكم لمناطق نفوذها". 

فيما يرى أنه من جانب آخر، هناك جماعات فساد داخل جماعة الحوثي التي هي في نفس الوقت "حد تعبيره" نموذج للفساد الكامل. 

وأشار إلى أنه "هناك محسوبيات تسعى لتكدس الأموال لمصلحتها بناءً على انتماءات طائفية أو سلالية أو حتى عصبوية، وهي عبارة عن تكتلات داخل الجماعة تتقاسم الثروة وتتقاسم السلطة، وتتقاسم ثمار سقوط الدولة في قبضتها". 

في حين يعتقد الذهب أن الجماعة ستمضي في هذا الاتجاه بكل قوة ما لم تجد من يكبحها، أو ما لم تتمكن الدولة من التحرر من القيود المفروضة عليها من قبل دول الغرب التي تؤثر على المشهد السياسي في اليمن، وبشكل خاص بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا. 

روافد الحرب 

في الوقت الذي انتقل فيه ملف الأزمة اليمنية من موقع الحرب إلى بناء السلام، يرى مراقبون أن جماعة الحوثي تحولت إلى مراكمة الأموال والبحث عن العوامل الاقتصادية لرفد حربها بعوامل القوة، مستغلة التوجه الاقليمي لإحلال السلام وإنهاء الأزمة في اليمن. 

وفي هذا السياق، يعتقد الصحفي يعقوب السامعي، أن مطالب الجماعة صرف مرتبات الموظفين واشتراطاتها للحصول على حصة من النفط المحلي، اشتراطات تعكس شعور الجماعة بالقوة، أو بتعبير أدق، شعورها بأن خصومها قد ألقوا تماماً بخيار الحرب. 

وأشار السامعي، ضمن حديثه لـ"نيوزيمن" إلى أن "الوسطاء الدوليين يقرأون هيمنة البعد الاقتصادي على اشتراطات الحوثيين الأخيرة على أنها إشارة على تراجع الجماعة عن الخيار العسكري وانفتاحها على التشارك مع الخصوم المحليين". 

في حين يرى أن الشواهد على الأرض تؤكد أن الموارد الاقتصادية في نظر الحوثيين ليست سوى روافد لآلة الحرب التي تمكنها من الاستمرار والدخول في دورات حرب جديدة قد تستمر لسنوات. 

وتسعى جماعة الحوثي لتحقيق الثراء السريع لقياداتها ومشرفيها، على حساب مضاعفة الأعباء على أبناء الشعب اليمني، الذي عبثت بكل مقدرات بلاده وتفننت بمختلف الأساليب من أجل إذلاله وتجويعه، بعد أن نهبت رواتبه خلال سنوات الحرب، وأغرقته في جبايات غير قانونية تعددت مسمياتها.