توجس عام تجاه ماضغي القات ليلا.. وحدة الساحات يثير نزق وتخبط مليشيا الحوثي

السياسية - Tuesday 01 July 2025 الساعة 06:36 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

بتسريبات إخبارية لقرارات إرتجالية متخبطة، تحاول مليشيا الحوثي الإرهابية مواجهة ظواهر اجتماعية واقتصادية، تسببت في حدوثها منذ انقلابها على السلطة في سبتمبر/ إيلول 2014، وباتت اليوم هذه الظواهر تثير توجس الجماعة وتقلق راحتها في ظل التطورات الجارية في الشرق الأوسط والتصعيد العسكري المتبادل بين إسرائيل والنظام في ايران.

موجة شكوك مريبة وعاصفة إرتياب عامة إجتاحت مليشيا الحوثي في مدينة صنعاء والمحافظات المجاورة لها منذ مواجهات إسرائيل مع حزب الله في لبنان، مرورا بسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وليس انتهاءً بالمواجهات العسكرية بين إسرائيل والنظام في إيران.

>> أوساخ حوثية متعمّدة تحاول إيذاء معالم ميدان السبعين معنوياً (صور)

التجمعات الليلية المحدودة، أو الجلسات الأسرية، وحتى الفردية في الأماكن العامة والحدائق والمتنفسات، وعلى جوانب الطرقات على مداخل مدينة صنعاء وعلى أرصفة شوارعها الواسعة، اصبحت مصدراً لإثارة مخاوف الجماعة وفزعها من قادم محتمل، كما لو أنها تقرأ مصيرها المحتوم أسوة بأذرع إيران في سوريا ولبنان ومايمكن تسميته بالكيبل العمومي في إيران، وعلى قاعدة وحدة الساحات.

تسريب خبري على مواقع التواصل الاجتماعي لوثيقة غير مؤكد صحتها، تتحدث عن فرمان حوثي يقضي بمنع مضغ نبات القات من بعد الساعة الواحدة ليلا في الشوارع العامة وعلى مداخل مدينة صنعاء (مناطق المرتفعات)، بقدر ما يكشف حالة من النزق والتوجس العام تعصف بالجماعة، بقدر ما يخفي في طياته الكثير من الدلالات والإبعاد الاجتماعية والاقتصادية وحتى الأمنية.

فعلى الصعيد الاجتماعي بات معروفاً للعامة في صنعاء أنّ قيادات ومشرفين ونافذين في صفوف الجماعة ينفقون عشرات الآلاف يومياً لكل فرد منهم قيمة(ربطة القات) يقفون وراء ظاهرة مضغ القات ليلاً على متن سيارات فارهة، سواء على أرصفة ميدان السبعين أو الحدائق العامة أو شارعي الخمسين وظهر حمير، تاركين ورائهم مخلفات القات وإنبعاث روائح مثيرة للإشمئزاز في ما يفترض أنها متنفسات عامة.

إرتفاع مستوى البطالة والذي طال خريجي الجامعات، ونهب مليشيا الحوثي لمرتبات الموظفين منذ سبتمبر/ ايلول 2016، وتضييق الخناق على القطاع التجاري، وتجفيف مصادر الدخل بإغلاق العديد من الشركات والمصانع، عوامل عديدة تسببت بها مليشيا الحوثي، وأدت الى الدفع بقطاع واسع من الشباب والعمالة والموظفين إلى المكوث والنوم صباحاً في المنازل وبالتالي السهر ليلاً وإطالة فترة مضغ القات قسرياً.

إفساح المجال لتجارة وتسويق المخدرات

وفي السياق الإقتصادي ذاته لم يستبعد الباحث الاجتماعي، على النهمي، في تعليقه على القصة، أن يكون تجار مخدرات ومهربي حشيش يعملون في صفوف الجماعة، هم من يقفون وراء التسريب الخبري القاضي بمنع مضغ القات في أوقات متأخرة من الليل، كخطوة أولى لتضييق الخناق على  ماضغي القات من فئة الشباب تحديداً، على أمل دفعهم لاستبداله بالمخدرات والحشيش، وبما يحقق لهؤلاء أرباحا مالية مرتفعة.

مشيراَ في هذا الصدد إلى إعلان مليشيا الحوثي يوم الإثنين 30 يونيو 2025 إتلافها 17 مليونًا و653 ألفًا و277 حبة مخدرة نوع "بريجابالين"، في محافظة صعدة، و إتلاف أكثر من 79 كيلو جراما من الحشيش، و43 ألف أمبولة وحبة مخدرة في محافظة إب.

حديث الباحث النهمي يأتي متطابقا مع إعلان مدير أمن العاصمة عدن، اللواء مطهر الشعيبي، اكتشاف مصنع لإنتاج الحبوب المخدرة، وتحديداً "الكبتاغون"، في محافظة المحويت الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي، وهو ما اعتبر امتدادًا لنشاطات إيران في تصنيع وتهريب المخدرات، بعد خسارتها لمواقع مشابهة في سوريا.

>> الكشف عن مصنع حوثي للمخدرات.. إيران تنقُل محور "الكبتاجون" من سوريا ولبنان إلى اليمن

وأكد الشعيبي  في تصريحات صحافية يوم الإثنين 30 يونيو 2025 أن إيران لجأت إلى استخدام الحوثيين كبديل إستراتيجي بعد فقدانها الأراضي السورية التي كانت تشكّل مركزًا إقليميًا لإنتاج الكبتاغون وتصديره إلى دول الجوار، موضحاً أن التحقيقات مع أحد المتهمين -من جنسية عربية- كشفت عن ضلوع طهران والميليشيات الحوثية في إنشاء المصنع بهدف إغراق السوق اليمنية بالمخدرات وتهريبها إلى الخارج لتمويل أنشطة مشبوهة وزعزعة الاستقرار الإقليمي.

مخاوف أمنية وتناقضات صارخة

وعلى المستوى الامني يعتقد النهمي أن مليشيا الحوثي تعيش حالة استنفار عامة متأثرة بالتطورات الجارية في لبنان وسوريا وإيران، وأنّ الهدف من التسريب الخبري هو إبعاد تجمعات ماضغي القات من الطرقات العامة ومداخل مدينة صنعاء في أوقات متأخرة من الليل ليتسنى لها التحرك بحرية ودونما مخاوف من رصد حركة قيادات الجماعة أو نقل معدات أو تخزين اسلحة. 

ويتفق معه في هذا الرأي الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي، ماجد زايد، الذي يرى أن " القرار أمني بالدرجة الأولى، كون معظم الشبهات تحدث ليلًا" مشيرا إلى أنه "مع ارتفاع درجات الحرارة، يتزايد خلال الليل أعداد المواطنين المخزنين على سياراتهم وعلى الأرصفة، في الشوارع والميادين الرئيسية، وهذا أمر يبدو أنه مقلق ومزعج للسلطات".

إجمالاً يكشف التسريب الخبري تناقضات صارخة وتخبط فاضح في أداء مليشيا الحوثي، فلو فرضنا أنها ترى في مضغ القات في الشوارع والحدائق العامة منظراً غير حضارياً، فالجماعة ذاتها أستباحت المساجد نهاراً وليلاً وحولتها إلى مجالس عامة لمضغ القات وسماع محاضرات قياداتها. 

على افتراض أنها تخشى على صحة الأطفال والشباب، وتخشى ضياع أوقاتهم في غير فائدة عملية، فالجماعة ذاتها تدفع بالأطفال دون السن القانونية إلى مضغ القات في جبهات قتالها، واجبرتهم على مغادرة فصول المدارس والعمل قسرياً في بيع وتسويق القات، مثلما عطلت كذلك معظم مناحي الحياة العملية والإنتاجية على الشباب وعلى أبائهم وأمهاتهم.