رفع رسوم المياه والكهرباء.. فساد حوثي يستنزف ما تبقى من أموال اليمنيين

تقارير - Friday 14 July 2023 الساعة 08:28 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

تمارس مليشيا الحوثي، ذراع إيران في اليمن، عملية استغلال منظم للخدمات الأساسية، وتحويلها إلى مصدر دخل كبير وثراء لقادتها ومسؤوليها. 

خدمات الكهرباء والمياه والنظافة والصرف الصحي وقطاعات إيرادية أخرى في مناطق الحوثي، أصبحت منفذاً رئيسياً لعمليات النهب والابتزاز ضد المواطنين تحت مبرر توفير هذه الخدمات في ظل ظروف معيشية صعبة يعيشها البلد بسبب الحرب العبثية التي يقودها منذ تسعة أعوام.

وعقب انقلاب الميليشيات وسيطرتها على رأس الخدمات الرئيسية في صنعاء، تم تعطيل المرافق والقطاعات الحكومية التي تقدم خدماتها للمواطنين بأسعار بسيطة ورمزية، واستحداث شبكة رديفة خاصة لتلك الخدمات خصوصا الكهرباء والمياه تقودها قيادات ومسؤولون حوثيون من الصف الأول والثاني. وتجني تلك القيادات أموالاً طائلة جراء الأسعار المرتفعة في الخدمات المقدمة للمواطنين.

الكهرباء.. نفق الفساد الأكبر 

استغلت مليشيا الحوثي تضرر محطات توليد الطاقة وأبراج نقل الكهرباء، في إنشاء محطات خاصة في أحياء سكنية. وباتت هذه المحطات اليوم تقدم خدماتها للمواطنين وسط فرض أسعار خيالية على المشتركين فيها.

وفقاً للمواطنين يتم بيع الكيلووات الواحد بأكثر من 500 ريال، وهذا السعر يرتفع بشكل تلقائي طبقاً لأسعار الديزل والمازوت الذي يتم رفعه بين الحين والآخر، خصوصا مع أزمات المشتقات النفطية التي تفتعلها الميليشيات في مناطق سيطرتها. سعر الكيلووات يضاف إلى رسوم الخدمة وغيرها من الجبايات التي تثقل كاهل المواطنين وتفاقم أوضاعهم المعيشية والاقتصادية، في ظل استمرار نهب مرتباتهم الشهرية على مدى أعوام.

ورغم إعادة إصلاح الخدمة العامة للمواطنين إلا أن الأسعار ظلت مرتفعة، بل وصارت أسعار الكهرباء الحكومية مقاربة لأسعار المحطات الخاصة. حيث يتم تقدير المبلغ المقرر للكيلووات الواحد وفقاً لشرع ونهج قيادة الميليشيات التي حولت هذه الخدمة لمصدر جباية وفساد يشارك فيه المسؤولون المعينون من قبلهم في مناصب رئيسية بوزارة الكهرباء أو المؤسسة العامة للكهرباء في صنعاء.

وتفرض المحطات الخاصة التابعة للحوثيين رسوماً متعددة، منها رسوم اشتراك غير قانونية، ورسوم خدمة، ناهيك عن فواتير استهلاك باهظة الثمن يتكبد المواطنون دفعها دون أي تخلف. استغلال واضح لحاجة المواطن لهذه الخدمة دون رقيب أو حسيب، حيث يقتصر منح التراخيص لإنشاء المحطات الخاصة على قيادات حوثية بارزة، إلى جانب فرض مبالغ مالية بين الحين والآخر على ملاك المحطات الذي يعوضون ما يتم فرضه عليهم عبر فواتير السداد التابعة للمشتركين فيها.

يقول المواطن أبو مبارك عمر حسين، من أبناء شارع هائل في وسط صنعاء لـ"نيوزيمن": إنه قام بالاشتراك بإحدى المحطات الخاصة في توليد الكهرباء، في البداية تم فرض عليه رسوم خدمات وإيضا رسوم اشتراك قبل البدء بإيصال التيار إلى منزله، موضحا أن هذه الرسوم أصبحت تفرض كل أسبوع أو كل اسبوعين على المشتركين وتقدر بنحو 1500 ريال.

استحواذ حوثي 

خلال الأشهر الماضية، أقدمت الميليشيات الحوثية وعبر وزارة الكهرباء الخاضعة لسيطرتها، على إغلاق نحو 54 محطة خاصة لتوليد الكهرباء في صنعاء لوحدها، ناهيك عن عشرات المحطات الأخرى في محافظات أخرى، تحت مبرر الأسعار المغرية المقدمة للمواطنين.

وجاءت عملية الاغلاق مسنودة بعناصر مسلحة تابعة للميليشيات تنفيذا لتوجيهات القيادي الحوثي المعين في منصب وزير الكهرباء بحكومة صنعاء غير المعترف بها دولياً محمد البخيتي، حيث طالت الحملة ملاك المحطات الذين لا يوالون الميليشيات فقط في حين لا تزال المئات من المحطات التابعة لقيادات حوثية تعمل في أحياء صنعاء بأسعار مرتفعة بالرغم من عودة التيار الكهربائي الحكومي في نطاق تلك المحطات.

وكان تقرير أعدته لجنة من مجلس النواب (البرلمان) الذي تديره الميليشيات الحوثية، كشف عن نفق فساد كبير في خدمات الكهرباء والمياه وفرض أسعار مضاعفة على المواطنين بالرغم من انخفاض المشتقات النفطية التي كان ملاك المحطات يتحججون بها. وأكد التقرير أن هناك إغلاق محطات تجارية من قبل وزارة الكهرباء في صنعاء دون مسوغات قانونية".

كما ركز التقرير على عدم معرفة وجهة الأموال التي يجري تحصيلها للمديونية السابقة قبل الحرب التي اندلعت في العام 2015، أو المبالغ التي يتم جمعها من محطات التوليد التجارية كتراخيص الإنشاء أو الرسوم الشهرية وغيرها.

وكشف تقرير لجنة المياه والبيئة المقدم للبرلمان الخاضع للحوثيين، فرض زيادة في تعرفة فاتورة المياه بقيمة عشرة ريالات للوحدة دون أي مسوغ قانوني من قبل مؤسسة المياه". حيث تم التوضيح أن وزارة المياه في صنعاء بررت الزيادة تحت مسمى "تنمية مياه الريف"، مشيراً إلى أن هذه الاضافة أقرت بموجب توجيهات رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي الاعلى"، مهدي المشاط.

سلطة متوحشة 

ما يجري من عمليات ابتزاز واستغلال كبير لخدمة الكهرباء في مناطق سيطرة الحوثي، أكده عضو مجلس النواب في صنعاء، أحمد سيف حاشد، الذي وصف السلطة القائمة على هذا الأمر بأنها "سلطة جشعة ومتوحشة".

وقال حاشد: إن مجلس نواب سلطة صنعاء أقر بأن لا يتجاوز سعر بيع الكيلووات الكهرباء مبلغ 150 ريالا للكهرباء العمومي ومبلغ 250 ريالا للكهرباء التجاري، على الرغم من أن هذا السعر غير عادل، بل وما زال مجحفاً جداً بحق المواطن، لافتا إلى أن هذا الإقرار مر عليه أكثر من ثلاثة أشهر ضمن توصيات مجلس النواب، ولم يجرِ تنفيذه حتى اليوم طالما ظل المواطن ساكتا وصابرا، وظل مجلس نواب صنعاء مجلساً للسلطة في صنعاء".

وأضاف حاشد "ان لوبي الفساد والفاسدين وتكوّن مصالح فساد كبيرة يصعب زحزحتها بعد تغول مهول، وإدارة الفساد الجشع في سلطة صنعاء، جميعهم رافضون وممانعون تنفيذ هذه التوصية، أو حتى إبداء قليل من الحياء حيال هذا الجنون وهذه البشاعة التي نراها".

وتابع: "إنهم يريد أن يعصرون المواطن مثل عصر الليمون، يريدون أطول فترة ممكنه لإنهاكه وهرس عظمه، واستنزاف ما بقي له من جهد وروح".

واعتبر حاشد أن "المواطن بات اليوم هو الجدار القصير للسلطة المتوحشة في صنعاء، والتي تمارس إذلال المواطن حد البذخ والعبث، والاستهتار بإنسانيته وآدميته ووجوده إلى أقصى مدى"، مطالباً من أسماها بـ"سلطة صنعاء" بـ"رفع وحشيتها وساديتها على هذا المواطن المنهوب والمنكوب، والكف عن استمرار التعاطي معه باعتباره غنيمة حرب، وإلى مدى لا نعرف نهاية له، وما هذا إلا فيض من غيظ ما زال يكبر ويتسع".

وقال حاشد إن "هذه السلطة التي تدير كل هذا الاستغلال والجشع والفساد ضد المواطن سيكون ندمها لا حدود له، وسيكون الانتقام الذي لا نريده فادحاً ويفوق الاحتمال، حيال هواميرها وأشخاصها وساستها ولوبي فسادها وإدارتها المتوحشة، وما شعب يموت، ولكنه يصبر لموعد قيامة وحساب سيأتي بكل تأكيد ويقين".