تلغيم المجتمع.. موروث إمامي بحلةٍ حوثية

تقارير - Thursday 20 July 2023 الساعة 08:18 am
صنعاء، نيوزيمن، فتح العيسائي:

ضمن مساعيها المستمرة لتفكيك النسيج المجتمعي، تواصل جماعة الحوثي، ذراع إيران في اليمن، تغذية الخلافات بين القبائل في مناطق سيطرتها، ضمن محاولاتها الإبقاء على المجتمع في حالة من الفرقة التي تضمن بقاءها كسلطة أمر واقع. 

ويعتمد المشروع السلالي الذي تمثله ذراع إيران في اليمن، على استراتيجية فرق تسد، والتي تهدف لضرب القبائل والمكونات الاجتماعية ببعضها، لإشغالها في حروب بينية وثارات تمتد لسنوات، وذلك بغية تأمين وجودها –جماعة الحوثي– في ظل شعورها المستمر بالخوف من وحدة الصف اليمني الرافض لمشروعها الإمامي. 

مؤخرًا، تجددت المواجهات المسلحة بين مسلحين قبليين من أسرة بيت الشهاري، وآخرين من أسرة بيت الدميني والواصلي، في عزلة خباز بمديرية العدين غرب محافظة إب الواقعة تحت سلطة الجماعة الانقلابية، أسفرت عن حصار العديد من أهالي المنطقة. 

الاشتباكات تأتي على خلفية نزاع قبلي منذ سنوات، غير أن قيادات حوثية في المنطقة تورطت في تغذية النزاع الذي تحول إلى حرب قبلية راح ضحيتها خلال الأشهر الماضية أكثر من ثلاثة عشر شخصًا بين قتيل وجريح إضافة لإحراق عدد من منازل المواطنين. 

تقليد إمامي

وفي حين يعمد معسكر طهران في اليمن إلى تأجيج الخلافات القبلية والمجتمعية بين اليمنيين، يرى مراقبون أن ما تقوم به جماعة الحوثي من إذكاء نزاعات وحروب القبائل يأتي امتدادًا طبيعياً للسياسة الإمامة التي تحررت منها رقاب اليمنيين مع ثورة الـ26 من سبتمبر عام 1962م. 

وفي هذا السياق، يقول الصحفي صلاح الجندي: "اعتمد بقاء الإمامة خلال فترة حكمها لليمن على استراتيجية تفكيك المجتمعات اليمنية وضربها ببعضها، وذلك لضمان فرقتهم وإشغالهم في حروب بينية". 

وأضاف الجندي في حديثه لـ"نيوزيمن": "مثلت وحدة القبيلة اليمنية وتخففها من النزاعات والحروب البينية، أحد أهم مخاوف الإمامة، إذ إنها كانت تدرك خطورة تفرغ المجتمع اليمني لنقد أخطائها ومشاريعها الظلامية". 

وأشار إلى أن "جماعة الحوثي اليوم تعمل على إعادة إحياء الموروث الإمامي ذاته، إذ تسعى لخلق الفرقة بين اليمنيين، لضمان استقرارها دون الخوف من إطاحة المجتمع بسلطتها في حال توحدوا وخرجوا بنشاط ثوري يهدد وجودها". 

ولفت إلى أن "ما يحدث في مديرية العدين من صراع قبلي بين عدة أسر في عزلة خباز، هو نموذج واحد لما تحاول الجماعة فرضه على مختلف القبائل اليمنية". 

وقال: "تورط جماعة الحوثي في تغذية هذا الصراع بين قبائل محافظة إب، يكشف الهوية الحقيقية للمشروع الحوثي وطموحه في التوسع على حساب الشعب اليمني، عبر نسف أمنه واستقراره". 

ممارسة حوثية

منذ بداية حربها ضد اليمنيين، وجهت جماعة الحوثي مسلحيها لاستهداف القبائل المناوئة لها، في حين ورطت قبائل أخرى بالتحالف الوهمي معها لتدفع بهم في صراعات مع باقي المكونات الاجتماعية، لتكشف بذلك ذراع إيران واحدة من أسوأ الوسائل التي استهدفت بها القبيلة اليمنية. 

وفي هذا السياق، يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عبدالواسع الفاتكي: "بعد استيلاء المليشيات الحوثية على السلطة ومؤسسات الدولة بانقلابها المسلح في 21 سبتمبر 2014م عمدت، وبكل الوسائل لتمزيق النسيج الاجتماعي وتفكيك بنى القبيلة اليمنية كمكون اجتماعي، تخشى منه المليشيات الحوثية من أن يلعب دورا محوريا في مقاومة نفوذها أو قيادة المجتمع اليمني في أي ثورة شعبية قد تطيح بها". 

وأضاف الفاتكي في حديثه لـ"نيوزيمن": "لذلك حرصت المليشيات الحوثية، على إخراج القبيلة من المعادلة الاجتماعية بل والسياسية، من خلال إذكاء الصراعات والثأرات القبلية، وتوسيع رقعة الاحتراب بين القبائل، بإمداد أطراف النزاعات القبيلة بالأسلحة، لتستمر القبائل اليمنية بالانشغال بالاقتتال الداخلي فيما بينها". 

وأشار إلى أن "استمرار هذه الصرعات، يتيح الفرصة أمام المليشيات الحوثية لإضعاف القبائل والمجتمعات، وإحكام السيطرة عليها، وتركيع أبنائها، فضلًا عن صرف نظر القبائل عن انتهاكات الحوثيين التي ترتكبها في حق القبيلة وأبنائها". 

وتابع: "مثلما استغلت المليشيات الحوثية وما زالت الانقسامات السياسية، تستغل ايضا الانقسامات الاجتماعية في مقدمتها النزاعات القبلية باذلة قصارى جهدها، في إذكائها وزيادة حدة الاحتقان، لتفتت اللحمة الاجتماعية اليمنية المتمثلة بالقبيلة اليمنية". 

وذكر أن "جماعة الحوثي تعتبر القبيلة امتدادا وطنيًا، لعب سابقًا دورًا كبيرًا في إزاحة بيت حميد الدين عن الحكم، ولو اتيح لها أن تتحرك، ستسقط مشروع السلالة الحوثية، وبالتالي إضعاف القبيلة اليمنية وإذلالها هدف رئيس لها ولن يتحقق إلا عبر نشوب الصراعات القبلية والخلافات العشائرية". 

وأشار إلى أنه "أمام القبيلة اليمنية وشيوخها وكل العقلاء والحكماء فيها، حل خلافاتهم وفق الشرع أو بالأعراف القبلية، وقطع الطريق على الحوثيين، وتفويت الفرصة عليهم من استغلالهم لأي خلاف أو نزاع، لتحويله لحرب قبلية لا يستفيد منها إلا المليشيات الحوثية". 

وأختتم بالقول: "على ذوي الرأي والمشورة في القبيلة أن يأخذوا على أيدي الموتورين من أبناء القبائل الذين يجرون قبائلهم للاقتتال وسفك الدماء وانتشار الثأر، في قضايا خلافية يمكن حلها عبر القضاء، أو حتى بالتحكيم القبلي".