رفضاً للاضطهاد والتجويع.. اتساع دائرة الاحتجاجات في مناطق سيطرة الحوثي

الحوثي تحت المجهر - Tuesday 01 August 2023 الساعة 03:14 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

تشهد عدد من المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي الانقلابية، ذراع إيران في اليمن، في مقدمتها صنعاء، موجة احتجاجات جديدة، كسرت حاجز الخوف والقبضة الأمنية الحديدية التي تفرضها الميليشيات لإحكام سيطرتها.

من منطلق "الحقوق لا توهب بل تُنتزع"، بدأت عدد من المكونات المجتمعية في مناطق السيطرة الحوثية بالخروج عن صمتها والتعبير عن مطالبها الحقوقية ورفضها لسياسة السلطة القمعية التي تنتهجها ذراع إيران للهيمنة والسيطرة على السلطة.

على مدى سنوات الحرب، فرض الحوثيون حظراً على الأحزاب والمكونات المدنية والحقوقية -الموجودة في مناطق سيطرتها- من إقامة أي فعاليات. كما منعت السكان من التظاهرات والاعتصامات وحتى تنفيذ الإضرابات للتعبير عن رفضهم لسياسة الإرهاب والتجويع والاضطهاد التي يتعرضون لها. لكن حالة السخط والاحتقان الشعبي المتراكم دفعت المواطنين مؤخراً إلى تحديها وكسر قراراتها، ما ينذر باتساع دائرة الغضب المجتمعي.

ورغم ان هذه الاحتجاجات ما زالت محدودة، إلا أنها تنوعت بفئات اجتماعية وقبلية مختلفة، وتركزت في صنعاء وصعدة وإب، على خلفية العديد من المطالب الحقوقية. كما اجتمعت تلك الفعاليات الاحتجاجية على رفض الانتهاكات والممارسات التي تنتهجها مليشيات الحوثي وقياداتها الإجرامية بحق المواطنين. مؤشرات تنذر بمزيد من الاتساع لتشمل قطاعات أخرى.

مؤخرا إعلان المعلمين والمعلمات عن تنفيذهم إضرابات شاملة للتعبير عن رفضهم لاستمرار نهب المرتبات ومصادرتها من قبل الحوثيين رغم الإيرادات الضخمة التي يتم جمعها من الضرائب والجمارك ومؤسسات إيرادية كبيرة. دائرة الإضرابات اتسعت لتشمل الأكاديميين بجامعة صنعاء وكليات المجتمع والمعاهد الفنية وصولا لمالكي مطارح "النيس والكري" وسائقي الشاحنات التجارية.

ولأول مرة نجح تكتل نقابي جديد أطلق عليه تسمية "نادي المعلمين" -والذي ولد من رحم معاناة المعلمين والمعلمات- في تنفيذ اضراب شامل عن التدريس بعد بدء العام الدراسي الجديد منتصف يوليو الجاري. وأصيبت العملية التعليمية بشلل شبه كلي، وسط إصرار النادي على تحقيق المطالب الحقوقية المشروعة وأبرزها دفع المرتبات كاملة وجدولة مرتبات الاعوام الماضية. 

الاضراب أثار مخاوف المليشيا ودفعها للمسارعة مع دخول العام الدراسي الجديد إلى إحياء صندوق دعم التعليم الذي ظلت طيلة الاعوام الماضية تنهب إيراداته، وكذا الإعلان عن قرب صرف ما أسمته "بدل انتقال العاملين في المدارس" وقدره 30 ألف ريال للمعلمين والمعلمات في المناطق الخاضعة لسيطرتها، في مسعى لإفشال الإضراب، إلا أن "نادي المعلمين" عبر عن رفضه للحلول الترقيعية المزيفة التي تنتهجها الميليشيات الحوثية.

وعقب الاضراب بدأ، الثلاثاء، عدد من الأكاديميين من أساتذة جامعة صنعاء والجامعات الحكومية وكليات المجتمع والمعاهد التقنية والمهنية، إضرابا شاملا احتجاجا على مصادرة مرتباتهم منذ نحو ثماني سنوات، حيث أمهلوا سلطات مليشيات الحوثي شهرا لصرف مرتباتهم بانتظام بدءاً من شهر سبتمبر المقبل، وجدولة مرتبات السنوات الماضية على دفعتين.

وامتدت الاحتجاجات لتشمل العاملين في القطاع الخاص، نظرا للانتهاكات وفرض الجبايات، ونفذ العشرات من موظفي وموظفات شركتي برودجي سيستمز وميدسن كونكت سلسلة وقفات احتجاجية ضد مليشيا الحوثي، بعد فض الأخيرة بقوة السلاح اعتصاما لهم منتصف يونيو الماضي في ميدان السبعين، مطالبين باستعادة الشركتين والافراج عن مديرهما رجل الأعمال عدنان الحرازي عقب استيلاء الحوثيين عليهما قبل أشهر.

وأواخر يوليو نفذ سائقو ناقلي مادتي "النيس والكري" في صنعاء، احتجاجا على فرض ذراع إيران عبر نقاط تابعة لها بحي شملان مبلغ 3000 ريال عن كل شاحنة كجبايات جديدة.

كما أعلن عدد من التجار والمستوردين وقفة احتجاجية، رفضا لقرار فرض مليشيا الحوثي جبايات جديدة تحت مسمى "الضرائب" بلغت 14% على كل صاحب رقم ضريبي في منافذها الانفصالية المستحدثة بجمرك نهم شرقي صنعاء وجمرك عفار بالبيضاء بشكل غير قانوني.

وفي احتجاجات حملت الطابع القبلي على ممارسات وتسلط قيادات مليشيا الحوثي، احتشد المئات من رجال قبائل بني مطر غربي صنعاء في لقاء موسع أعلن رفضه ممارسات القيادي الحوثي يحيى عبدالله المؤيدي، الذي ينتحل رتبة "عميد" وصفة مدير أمن محافظة صنعاء، والتحقير والتقليل من شأن أبناء هذه القبائل، وكان آخرها اتخاذه قراراً بتوقيف قيادي آخر لدى الجماعة نفسها، ينحدر من مديرية بني مطر، ويتولى منصب قائد فرع ما تسمى قوات النجدة بصنعاء، ويدعى نعمان المطري، وكنيته "أبو رداد الجاهلي".

ونظم عشرات المواطنين، وقفة احتجاجية سلمية، أمام مبنى المجلس المحلي بمحافظة إب؛ تنديدا بعمليات السطو المسلح، آخرها قيام القيادي المكّنى بـ"أبو سرمد"، مستعينا بأطقم حوثية لحمايته، باستقدام معدات وأدوات حفر بهدف البناء على أرض تابعة للتاجر محمد الدعيس تقع في شارع الدائري الغربي بمدينة إب.

وقبلها بأيام، نصبت قبيلة بني الحارث، شمالي صنعاء، خيمة اعتصام، للاحتجاج ومنع محاولات حوثية متكررة بالسطو على آلاف الكيلومترات من أراضيهم ومزارعهم في منطقة بني جرموز، تحت تهديد السلاح.

واعترض العشرات من أبناء قبيلة بني الحارث الذين تسلحوا بالعصي والهراوات، حملة عسكرية حوثية، حاولت السطو على أراض وممتلكات لهم بالقوة، واجبارها على العودة منكسرة.

ويرى مراقبون، ان الهدنة الأممية الأخيرة، التي انتهت بتنصل الميليشيات الحوثية، خلقت تحديات صعبة أمام مليشيا الحوثي وعرّتها امام السكان في مختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها، خصوصا بعد سقوط شماعة "العدوان والحصار" والتي اتخذتها الميليشيات الحوثية غطاء وذريعة لنهب حقوق المواطنين والموظفين والتسبب بتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية. في الوقت الذي استحوذت على كامل الموارد، علاوة على ما تجنيه من فوارق أسعار الوقود والغاز، والجبايات المتعددة.

وبحسب المراقبين، فإن انفجار الغليان الشعبي في وجه المليشيا الحوثية، لم يعد بعيدا حتى في حال دفعت الرواتب الشهرية كاملة وبانتظام، في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار بأكثر من خمسة أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب.

ويؤكد المراقبون أن حالة الاحتقان الشعبي ضد المليشيا الحوثية، سيكون لها آثارها على هذه المليشيا، بعد أن اعتبرت الدولة والثروة ملكية خاصة، ونصبت نفسها وصيا على الشعب تحت مزعوم إلهي، وتعاملت معه بعنصرية وطبقية.