عنصرية وإرهاب بأوهام القوة.. تطابق الفكر والسلوك بين الحوثية والصهيونية

تقارير - Saturday 18 November 2023 الساعة 09:33 am
عدن، نيوزيمن، عمار علي أحمد:

تسارعت وتيرة التحركات والجهود السياسية والدبلوماسية، خلال اليومين الماضيين، في الدفع نحو التوصل إلى اتفاق شامل لخارطة السلام المطروحة من قِبل السعودية بين مجلس القيادة الرئاسي وجماعة الحوثي لإغلاق ملف الحرب في اليمن. 

تحركات متسارعة تقودها السعودية مسنودة بدعم أممي ودولي واضح، وبخاصة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، للتوصل إلى اتفاق على إطار للسلام في اليمن، بسبب الخشية والمخاوف لدى كل من واشنطن والرياض من تأثيرات سلبية أو تداعيات محتملة للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة على جهود السلام المستمرة منذ عام في اليمن.

وتواصل جماعة الحوثي المدعومة من إيران الإعلان عن شن هجمات صاروخية نحو إسرائيل مع إطلاق تهديدات مستمرة باستهداف الملاحة البحرية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهو ما يُنذر بتصعيد عسكري يهدد بنسف جهود السلام المستمرة في اليمن.

وعلى الرغم من عدم وجود أي مؤشرات جدية على ذلك وفي ظل عدم تأثير هجمات جماعة الحوثي على إسرائيل، إلا أن المخاوف من أي تطورات أو تصعيد مفاجئ يأتي من فقدان الثقة في سلوك كل من جماعة الحوثي أو الحكومة الإسرائيلية، واللتين تتشاركان بقائمة طويلة من الصفات المشتركة بالفكر والسلوك، حد التطابق.

أبرز وأهم ما يجمع سلوك الجماعة الحوثية والحكومة الإسرائيلية، هو اعتمادهما المفرط على لغة السلاح والعنف وبدون سقف أو خوف من أي تداعيات أو عواقب لتنفيذ مشروعهما السياسي، بل وفي تحقيق أي هدف سياسي.

وهو ما يعيشه قطاع غزة وسكانها منذ نحو شهر ونصف من توحش للآلة العسكرية للجيش الإسرائيلي لتحقيق هدفين اعلنتهما حكومة تل أبيب، وهما: القضاء على المقاومة الفلسطينية وإطلاق سراح المختطفين لديها من عملية الـ7 من أكتوبر، على الرغم من إدراكها لاستحالة تحقيق الهدف الأول ولجوئها إلى المفاوضات الجانبية لتحقيق الهدف الثاني.

ويؤكد المراقبون بأن التصعيد الذي تقوده إسرائيل في قطاع غزة ما هو إلا أداة ضغط لتحسين شروط المفاوضات حول إطلاق سراح الأسرى والبحث عن صورة لانتصار وهمي يحفظ ماء وجهها من الهزيمة العسكرية المذلة التي تعرض لها جيشها وأمنها واستخباراتها بهجوم الـ7 من أكتوبر.

وتجسد ذلك بهجومها العنيف خلال الأيام الماضية على مجمع الشفاء الطبي، بحثاً عن صورة انتصار ، بعد أن روجت منذ بداية الحرب على أن أسفل المجمع الطبي هو المقر الرئيس لحركة حماس في قطاع غزة، إلا أن الأمر اتضح كذبه لينضم إلى قائمة الفضائح الإسرائيلية بالحرب.

ذات الأمر ينطبق على السلوك الحوثي منذ ظهور الجماعة قبل نحو 20 عاماً، فالمخاوف الدائرة حالياً من لجوئها إلى التصعيد العسكري سواءً على الجبهات الداخلية أو في البحر الأحمر، تكمن في توقع أن تلجأ الجماعة لهذا الخيار كأداة ضغط لتحسين موقفها التفاوضي في الاتفاق الذي يجرى التشاور عليه حالياً.

ففي حين تدرك الجماعة الحوثية عجزها عن استئناف الحرب داخلياً بشكل يحقق لها تغييراً كبيراً في خارطة السيطرة على الأرض، إلا أنها قد تلجأ إلى التصعيد داخلياً أو خارجياً بحثاً عن صورة نصر مزعوم لتظهر بأن الاتفاق المتوقع التوصل إليه جاء ثمرة لتصعيدها العسكري وخوفاً من قوتها من قِبل خصومها.

التطابق في سلوك جماعة الحوثي وإسرائيل، يعود إلى التشابه الفكري بين الجماعة وفكرة الصهيونية التي وُلد منها كيان إسرائيل، فهما فكرتان تقومان على ادعاء التفوق العنصري والاصطفاء الإلهي وادعاء المظلومية وتحويل الآخر إلى عدو، والاقتناع بالقوة والقوة المفرطة حد الإرهاب سبيلاً وحيداً لتطبيق المشروع (الحوثي-الصهيوني) على أرض الواقع. 

فلا مبادئ أو قوانين تحكم وتضبط سلوك المشروعين، والسياسة ما هي إلا حل مؤقت يُلجأ إليه في لحظة الضعف والعجز عن استخدام القوة والعنف، وهو ما يفسر التاريخ الطويل لحركتي الحوثي والصهيونية من نقض الاتفاقات والمعاهدات مع الآخر، فخيار السلام بنظرهما "استراحة محارب" حتى تعود فاعلية خيار السلاح.