التحالف مع الحوثي.. رغبة "إخوانية" تفجِّر خلافات داخلية بين أجنحة "الإصلاح"

تقارير - Thursday 30 November 2023 الساعة 09:16 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

خرج الموقع الرسمي لحزب الإصلاح -جناح تنظيم الإخوان المسلمين في اليمن- قبل أيام بنفي على لسان القيادي البارز في الحزب الدكتور فتحي العزب، بشأن شراكة الوفد بين قيادات الحزب مع آخرين في مليشيات الحوثي، ذراع إيران في اليمن، أثناء زيارة مقر حركة "حماس" في صنعاء قبل أيام.

وعلى الرغم من التصريحات التي بثتها قناة "المسيرة" الناطق باسم الحوثيين على لسان قيادي إصلاحي خلال اللقاء، إلا أن موقع "الحزب" سعى إلى نفي ذلك والتأكيد بأن الزيارة التي قام بها "العزب" كانت زيارة شخصية لإعلان الدعم للقضية الفلسطينية. على حد تعبير التصريح.

>> تحالف وتقارب علني.. وفد حوثي- إصلاحي مشترك يزور مكتب حماس في صنعاء

ما نشره موقع الحزب كشف حالة من التخبط والفوضى التي تعيشها القيادات الإصلاحية سواءً المتواجدة في الخارج أو التي لا تزال متواجدة في صنعاء وتحت حماية الميليشيات الحوثية منذ اندلاع الحرب. فنقطة الخلاف برزت بين الرفض وتأييد التواصل مع الميليشيات الحوثية وإعادة العلاقة بين الطرفين اللذين يدعيان الخصومة.

التواصل بين الطرفين ظل طوال سنوات الحرب من تحت الطاولة، وخرج للعلن بشكل لافت عقب تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، الذي أنهى هيمنة الإخوان على الحكومة والرئاسة اليمنية وقلص نفوذ التنظيم في الشرعية المعترف بها دولياً. كما أن زيادة التواصل كان لافتاً مع كل تحرك تقوده السعودية أثناء التواصل مع الحوثيين ضمن الجهود الرامية لإنهاء الحرب وإحلال السلام.

زيارة الوفد المشترك (الإصلاحي - الحوثي) إلى مقر حركة حماس، جاءت عقب سلسلة من لقاءات التقارب بين الجماعتين، وبعد أسابيع فقط من لقاء علني عقده القيادي الحوثي البارز علي القحوم مع قيادات في الإصلاح بينهم فتحي العزب ومنصور الزنداني. وعلى الرغم من أن اللقاءات جرى تسريبها من قبل وسائل وقيادات الحوثي وبثت خلالها صوراً إلا أن موقع الحزب، حينها، لم ينفها أو يتنصل منها.

وخلال الفترة الماضية ظهرت حالة التوهان واللاستقرار في حزب الإصلاح، فبعض قياداته ترى أن المستجدات المتسارعة في عملية السلام والمشاورات الأخيرة مع الحوثي ستمثل ضربة قاضية وتنهي أي دور للحزب مستقبلاً. وهذا ما حرك الجناح الداخلي خصوصاً في صنعاء إلى بدء خلق علاقات وتواصل مع الميليشيات الحوثية لتأمين موقعهم في الخارطة القادمة عبر إعادة التحالف مع ذراع إيران.

التقارب الانتهازي بين الحوثي والإخوان، يبرز بشكل كبير من خلال المستجدات المحلية والإقليمية وتوحيد الصفوف في مواجهة الكثير من القوى اليمنية الفاعلة في الساحة وخاصة في الجنوب حيث يرى الطرفان أن تلك القوى أعداء مشتركون لهما.

بعض القيادات الإصلاحية المتواجدة في صنعاء شاركت في لقاءات متكررة مع آخرين من الجماعة الحوثية. وأكدت تلك اللقاءات، التي جرى تسريبها عبر وسائل إعلام حوثية، على أهمية فتح صفحة جديدة وطي صفحة الماضي وتوحيد الصف تحت غطاءات ومبررات آخرها "دعم القضية الفلسطينية". في حين أن جناح الإصلاح المتواجد في السعودية والذي يعلن ولاءه للشرعية، يحاول نفي ما تقوم به قواعده في الداخل من تقارب وتصالح مع الحوثيين، للحفاظ على ما تبقى له من دور بسيط في الحكومة.

كما أن قيادات حزب الإصلاح المتواجدة في الشرعية تخشى أن تفقد مصالحها بإظهار العلاقة مع ذراع إيران في الوقت الراهن. فهي تسارع إلى نفي أي تواصل مع الميليشيات الحوثية، وإظهار العداء للحوثيين، لتأمين مكان لها في الوضع الذي سينتج عن اتفاق السلام القادم ومرحلة ما بعد الحرب.

القائم بأعمال الأمين العام، ورئيس الكتلة البرلمانية لحزب الإصلاح عبدالرزاق الهجري، وخلال فعالية نظمها مركز صنعاء للدراسات، قبل أيام، ألمح إلى أن حزبه غير راضٍ عن التهميش الجاري في المفاوضات التي تقودها السعودية مع الحوثيين لإنهاء الحرب.

وقال: إن الاتفاقية بين السعودية والحوثيين على مشارف التوقيع وقُطع فيها أشواط، لكن الخطأ هو في تهميش القوى السياسية اليمنية من هذا الحدث -في إشارة لحزب الإصلاح- باعتبارها الحامل للمرحلة السابقة والحالية والتي يقوم عليها الدستور السياسي للبلاد، مضيفا: جهود استعادة الدولة وعودة مؤسساتها واستئناف المسار الذي "ابتدأناه في مؤتمر الحوار الوطني، وليس شرعنة العمل الميليشاوي لينتزع الاعتراف به كأمر واقع".

ما حدث من زيارة مشتركة لقيادات من حزب الإصلاح ومليشيا الحوثي لم يكن مفاجئاً للكثيرين بحكم الشراكة والتقارب الكبير بين الطرفين، إلا أن مراقبين ومحللين يرون أن إخراج العلاقة بين الجانبين للعلن بعد سنوات طويلة من السرية وشراكة الدم، يأتي ضمن ترتيبات بين الطرفين استباقاً لإعلان الحل الشامل للأزمة اليمنية. 

وأشار الكثير من المراقبين إلى أن حزب الإصلاح أصبح يبحث عن استعراضات علنية لمنع سقوطه من كرسي السلطة؛ خصوصاً بعد تهميشه بشكل نهائي وكلي من المباحثات والمشاورات التي تجرى بين الأطراف اليمنية والوساطة الإقليمية التي تقودها المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان. كما أن المراقبين لم يستبعدوا أن تكون زيادة الظهور العلني بين القيادات الحوثية والإخوانية تمهيداً لتشكيل الحكومة المشتركة التي أعلن عنها زعيم مليشيا الذراع الإيرانية في اليمن عبدالملك الحوثي مؤخراً.