اعتزال الجوامع.. خيار سكان صنعاء لمقاومة "خومنة" مساجد اليمن

السياسية - Sunday 23 December 2018 الساعة 02:19 pm
صنعاء، نيوزيمن، نجوى اسماعيل:

لا يمر يوم جمعة، في صنعاء ومناطق سيطرة جماعة الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، دون أن تخلو خطب مساجدها، من ذات الخطاب الديني المصبوغ بطائفية المذهب الواحد، والتحريض على الذهاب للدفاع عن دولة "فقيه الملازم" المتهاوية.

ويعزف خطباء المساجد الحوثيون، على وتر "الحمية المتعلقة بالعرض والشرف"، بالاتكاء على كم هائل من المزاعم الكاذبة، في محاولة لاستثارة المواطنين ودفعهم للالتحاق بجبهات قتال الجماعة الفاشية.

وقد كثف الحوثيون سيطرتهم على المساجد، في صنعاء، بعد أحداث ديسمبر 2017م وفض حزب المؤتمر الشعبي العام، للشراكة السياسية مع الجماعة، إذ صارت تعمم خطباً موحدة للمساجد عبر وزارة الأوقاف الخاضعة لسيطرتها.

وقال مصلون لـ"نيوزيمن"، إن خطيب مسجد حوثي في صنعاء القديمة، كرس خطبة اليوم (الجمعة) للاستغراب عن بقاء شباب وأطفال في الشوارع والأحياء والمدارس والجامعات بصنعاء، ولماذا يهتمون بالدراسة ويتركون ساحات الجهاد؟!!

وعلق عصام المسعودي، على هذا الموضوع بالقول: "نعرف هذا الخطيب الحوثي، ونعرف أسرته.. اثنان من أبنائه يدرسان في الخارج.. واحد في روسيا والآخر بأوكرانيا".

وأردف: "وكل جمعة يحضر ليستنكر ويتعجب من عدم ذهاب أبنائنا للجهاد وتركهم لمستقبلهم التعليمي والمهني.. فلماذا لا يرسل أبناءه أولاً ليكون قدوة لمن يطالبهم بإرسال أبنائهم ويكون قدوة لهم"!

استحضار "الشرف" لاستجداء مقاتلين

ويركز خطباء ميليشيا الحوثي، في مساجد صنعاء، على اختلاق قصص وحكايات كاذبة حول الاغتصاب، وبالتالي استخدام هذه القصص لتحريض المصلين على "الدفاع عن العرض والشرف" والزج بأبنائهم إلى جبهات القتال.

ويقول سليم المنتصر، وهو من سكان حي نقم بصنعاء: "شغلونا كذب وتلفيق قصص عن حوادث اغتصابات وهتك أعراض في المناطق المحررة".

ويضيف: "توقفت عن الصلاة في المسجد لأن الخطيب الحوثي يردد كل جمعة نفس الكلام والكذب لهدف تحريض أهالي الحي على الذهاب للقتال مع جماعته بينما أولاده موجودون في البيت".

اعتزال المساجد بسبب الصرخة

يردد الحوثيون شعار الصرخة الخمينية، في كل مساجد صنعاء، ويجبرون المصلين على ترديدها بالقوة.

يقول خالد الضمين لـ"نيوزيمن": فرضوا الصرخة بجامعنا بحي سوق عنقاد.. الخطيب الحوثي يقول إن الصرخة مفتاح النصر المؤزر.. وعندما لاحظوا عدم تأديتنا لها، أحضروا مجموعة من متطرفيهم ووزعوهم بأطراف الجامع ليؤدوا الصرخة ويحاولوا تخويفنا لترديدها".

ويضيف: "تركنا الصلاة في الجامع ولم يتبق من يصلي هناك إلا الحوثيين ومن يواليهم عدد قليل جدا".

ويقابل فرض الصرخة في المساجد برفض واسع من قبل المواطنين وعادة ما يردون باعتزال تلك المساجد بهدوء.

ولوحظ تراجع أعداد المصلين في المساجد بصنعاء، خلال الفترة الأخيرة، فيما يفضل كثير من المصلين الانتظار حتى بدء صلاة الجمعة بعد انتهاء خطبتي الجمعة وأداء الصرخة.

وتقول أم وليد: بطل زوجي وعيالي صلاة بالجامع، قالوا لي: والله هذه الصلاة ما منها إلا الفتن، لم تعد صلاة.. كلها تحريض وتجريح وتكفير ودعوة لإراقة الدماء".

وتقول إحدى زوجات أبناء أم وليد: "حتى زوجي والله ما عاد رضي يسير جامع يحضر خطبة، إلا يوصل على بداية الصلاة، ويقل الصلاة وحضور الخطب ذنب كبير علينا مع هولاء (يقصد الحوثيين).

أما محسن مفضل، وهو كهل خمسيني العمر فيقول: كل جمعة كنت أسير وأسمع الخطب العوجاء (المنحرفة) حق هولاء المجرمين (الحوثيين) ويحرق دمي ويطلع لي السكر، اليوم أصلي لي ببيتي وأهدا، لأن حتى المواجهة مع إنسان قليل عقل متطرف مسلح جاهل هي مصيبة كبيرة، لذلك الاعتزال أفضل وأهدأ".

فرصة أسبوعية للتحريض والسرقة

تقول ثريا عجلان، إن "الحوثيين ينتظرون الجمعة وخطبها لينفثوا أحقادهم وسمومهم وكل طاقاتهم السلبية المريضة على المواطنين والبسطاء.

وأكملت حديثها: "هذا الذي فهمته وكل جمعة يزيد يتضح من طريقة خطبهم وصراخهم أثناء إلقاء الخطب، كأنهم ينتظرون الجمعة بفارغ الصبر لأجل يبدأون ينفثون أحقادهم وسمومهم علينا وعلى كل من يخالفهم الرأي".

وتتابع ثريا ساخرة من الحوثيين: "يقولوا إن سبب كل هذا الابتلاء هو خروج النساء إلى العمل والدراسة والأسواق وعملهن مع المنظمات، وإن سبب تأخير النصر هو وجود النساء الخارجات عن درب الزهراء وحفيداتها (فاطمة ابنة النبي محمد)".

وتضيف: "سمعت خطيب الجامع هنا بنقم بأذني يقول إن مش أي مواطن يكون طبيب، وإنه لاحظ إن قد به شباب عيال معاريف له يقولوا عيسيروا يكملوا دراسة طب وهندسة أفضل لهم من الجهاد والقتال، ورجع يكمل بأن الطب هو لفئة معينة ومعروفة اختصها الله والرسول بذلك، وإن المواطنين البسطاء لهم مهمة أخرى وأكبر هو الذهاب للجهاد وتقديم أرواحهم لله وللرسول ولحماية العرض والشرف والسيادة"!!

وتواصل ثريا حديثها: ولا ننسى أنهم ينتظرون الجمعة لأجل صناديق جمع المال للجهاد.. يوقف الخطيب ويجلس يصيح لما نشعر وكأن حنجرته ستخرج من مكانها، لأجل يدعو المواطنين يتبرعوا ويدعي بكل الويلات والشرور على راس المواطن الذي ماعيدفعش.. والله أعلم أين بتسير تلك الأموال التي يجمعوها".

تقديس الحوثي والخميني

ويحرص الحوثيون عبر خطباء المساجد على تلميع صورة زعيم الميليشيا الحوثية عبد الملك الحوثي، لدرجة الحديث عن "اصطفائه وتعزيزه بالإسناد الإلهي ليكون القائد لهذه الأمة ومعيدها إلى درب المسيرة القرآنية".

ويعزف الخطباء الحوثيون، على "وتر الغرب الكافر واليهود والموالاة لهم لغرض الحصول على تعاطف المواطنين باسم الدين، ويقدمون نموذج دولة إيران بنظام الخميني لتكون أنموذجا لليمن ولليمنيين".

ويتعمد الحوثيون عمل مقارنات ومقاربات مخادعة تهدف إلى تصوير النموذج الإيراني الخميني بأنه النموذج الذي يجب أن يقتدي به اليمن واليمنيون، في وقت يزعمون أن النظام الخميني تمكن "من مواجهة إسرائيل وأمريكا وهز عروش الطغاة"، حسب مزاعمهم.