صرخة مدرسية! - بورتريه -

متفرقات - Monday 14 January 2019 الساعة 10:44 am
بقلم يمني يخفي اسمه قلقاً على أهله من دهاقنة الحوثي

تستيقظ صباحاً على صوت صرخة يكهرب الصباح الهادئ.. ليس من ميكرفونات الجوامع هذه المرة، لكنه من ميكرفونات المدرسة..
مدرسة أهلية تنصح الطالب حين يشعر بالضيق أن يكرر الصرخة ثلاث مرات ليشعر بالراحة..

مدرسة منهجها الولاية للسيد... الزوامل في طابور الصباح والإذاعة المدرسية كلها تدعو للذهاب إلى الجبهات والموت...
كنت أستيقظ مبكراً على صوت الطابور، أذهب إلى عملي، وفي طريقي إلى العمل تستوقفني هذه البشاعة التي كنت أسمعها كل يوم وأشاهد أكثر من ميكرفونين تنفث السموم على مسامع الطلاب... كان قد حان وقت الإذاعة المدرسية،
بدأ الطالب الذي يتضح من صوته أنه في بداية الإعدادية بتقديم الإذاعة الصباحية
بسم الله الرحمن الرحيم 
الفاتحة على روح الشهداء المرابطين في جبهات الشرف والقتال..
تلحقها صرخة جميع الطلاب:
الله أكبر
الموت لأمريكا 
الموت لأسرائيل
اللعنة على اليهود 
النصر للإسلام..

الحديث النبوي في الإذاعة عن القتال.. القرآن عن الجهاد، كلمة الصباح التي ألقتها إحدى المدرسات بصوتها الرقيق وحديثها المقرف والثقيل على السمع والنفس، كانت الكلمة ممتلئة باستشهادات لأفعال الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي.. وتنصح الطلاب أن يحتذوا به في حياتهم..
بعد انتهاء الإذاعة اختتمها الطالب الصغير بالصرخة، ووقت دخول الطلاب إلى الفصول كانت الأغنية إلى الجبهات ربي يناديني.

عندما سألت عن هذه المدرسة اتضح أنها تعمل بكادر حوثي متكامل ولديهم منهج إضافي مقتبس من ملازم السيد ودرجته أساسية مثل درجات بقية المواد العلمية.. وبعد البحث في ذات الموضوع اتضح أن العديد من المدارس تأسست في الآونة الآخيرة بنفس السياسة والتوجه.

لم تكتف جماعة الحوثي بتدميرها للتعليم بشكل عام في اليمن وحرمان أكثر من 4 ملايين طالب من التعليم بحسب تقارير الأمم المتحدة، بالإضافة إلى تجنيد ملايين الأطفال ودفعهم لجبهات القتال وللنقاط والثكنات العسكرية وترسيخ ثقافة الولاية والجهاد في عقولهم. لم تكتف بكل هذا وجدت أن التعليم والعملية التعليمية بشكل عام والمناهج الخالية من ثقافتهم ستشكل ثغرة كبيرة في مشروعهم الطائفي الذي ينفذونه منذ تواجدهم على أرض اليمن.. فقاموا بتغيير المناهج وتعديلها وغرس ثقافتهم الجهادية في المنهج المدرسي، وعمل دورات ثقافية للمدرسين والموجهين، واعتماد المدرسين الذين سيعملون تحت مظلة السيد.. إلى جانب إنشائهم لأكثر من مدرسة أهلية في جميع المحافظات المسيطرة عليها تجري عملية سير التعليم بها حسب سياسية وتوجه هذه الجماعة الطائفية، وهذا هو الأكثر خطورة..!

عندما يكون أول ما يسمعه الطالب صباحاً "إلى الجبهات ربي ينادين"، فماذا تتوقع أن يكون في المستقبل، طيارا أو رياديا في إدارة الأعمال؟ بالتأكيد لن يكون إلا مقاتلا يدعو للحرب..

حنشان الظما التهمت كل شيء ولسعت حتى عقول الأطفال في المدارس ونفثت سمها على المناهج والنشاط المدرسي.

سأكررها وسأقولها كما قالوها من قبلي وكما قلتها كثيراً أن التعليم يواجه أكبر كارثة في عهد الحوثي الذي ينشر ثقافته الطائفية ويرسخها في عقول الأجيال القادمة.. فكيف نتوقع أن يكون هذا الجيل الذي ترعرع ودرس وتعلم في عهد الحوثي؟!