على التماس وتحت القصف تسامر الفن والفل: أعــراس التُـحَـيـتَـا (صـور)

المخا تهامة - Saturday 22 June 2019 الساعة 07:27 pm
الحديدة/التحيتا، نيوزيمن، أمين الوائلي:

تتحدى مدينة التحيتا كل أسباب الخوف والقصف والخطر المحيط والمحدق، وتدوس المخاوف بأقدام الثبات والإثبات..

تمارس الحياة، صبراً وتصبراً وصموداً، عاصمة التحيتا.. بسكانها والنازحين إليها من قرى وعزل ومناطق المديرية التهامية المترامية في جنوب الحديدة بين الساحل والداخل من الخوخة وحتى زبيد.

يفرض التوحش الحوثي حصاراً خانقاً حول مركز المديرية وعلى تماس مباشر ووشيك عبر بضع مئات من الأمتار لا غير من جهات ثلاث مطوَّقة بحقول من الألغام والمتفجرات عطلت الطرق الرئيسة والفرعية والمزارع والوديان بين التحيتا والتحيتا.. بين المركز وبعض الأطراف والمحليات جنوباً وشرقاً وغرباً. وخلف الحقول الملغمة متاريس القناصة ومواقع المدافع والتوحش.

رغم ذلك فالمدينة الصامدة الجسورة الصابرة تفرض خياراتها للحياة رغماً عن التوحش الحوثي الذي يمطر المدينة والمدنيين بالهاونات والآر بي جي وال 23 وعيارات القناصة الذين قتلوا أطفالاً ونساءً وشباناً وكهولاً (آخر ضحية لقناص حوثي كانت طفلة الأعوام الستة أمام المركز الصحي).

جلسة نقاشية في التحيتا أدارها نيوزيمن: شواغل السكان والنازحين وشواغر الإدارة المحلية والتنفيذية (صور)

يوم الأربعاء 19 يونيو 2019 كنت في مدينة التحيتا التي وصلتها عبر الطريق الفرعي، الساحلي ثم الصحراوي، المستحدث والشاق والطويل والذي يأخذ ساعتين ونصف الساعة، على الأقل، بدلاً من 10 دقائق أو أقل كانت تأخذها الطريق الرئيسة المقطوعة اﻵن.

نشط القصف والاستهداف الحوثي يومها لمدينة التحيتا مبكراً من بعد العصر مباشرة، وكنت على مدى أشهر أحرر أخبار التحيتا، لكنني اﻵن أو ساعتها شهدت القذائف تتساقط عشوائياً والعيارات الثقيلة تضرب المنازل والمحال ومقر صيدلية صورتها وفي السوق..

> طلاب التحيتا يؤدون امتحانات الشهادتين (تعويضاً عن الفائت) في نهاية عام بلا دراسة (تفاصيل)

أصيب وأسعف خمسة مدنيين دفعة واحدة، وعلمت أن آخرين في أحياء أخرى طالتهم القذائف والشظايا وسقطت إصابات وبقيت الأسلحة الثقيلة تهدر وتضرب مع محاولات تسلل يتصدى لها جنود المقاومة المشتركة والعمالقة..

كل هذا لم يعن شيئاً أو يمنع شيئاً من أفراح وأعراس الحي الذي نزلت به في المدينة تلك العشية. ثلاثة أعراس وثلاثة عرسان شباب في ليلة واحدة بالتحيتا يومها أو عشيتها، أحدهم كان زميلنا فارس دخن مراسل نيوزيمن. والعرس الرابع كان اليوم التالي..

وثمة خامس وسادس وعاشر، في مدينة هي بما عليه وبما فيها ولها عروس تهامة المجيدة العتيدة وزند الساحل المترامي إلى الحديدة. تحرسها سواعد الرجال الميامين من عمالقة وحراس وتهامية.

أولموا جميعاً وأولمت التحيتا. وكانت قذائف حارقة (23) تخبط وتتخبط الجدران والمنازل. وفي المساء والليل كانت سهرات الفن والفل والغناء والرقص في حارتين بينهما شارع عبرناه جيئة وذهاباً نتشارك تجربة مدينة تشهر الحياة والغناء والفن بمكبرات الصوت في وجه الموت والتوحش والملغمين.

على أصوات معارك ومواجهات تتناهى من قريب وبعيد خصوصاً جهة الجنوب في الجبلية حيث تخاض معارك ضارية.. ومن قريب كانت رشاشات وقناصة وقذائف تتربص بالمدينة التي تتحدى الخوف والقصف والخطر وتطيل السهر ويطيب السمر..

هنا التحيتا.. حاضرة اليمن الساحلي التهامي الأسمر الأرق والألين..
على تماس وشيك، مع القناصة والملغمين والمفجِّرين..
وعلى مسافة، أقل من ذلك، من النصر.