الحوثي أجبر ملايين اليمنيين على الشتات والتشرد والهجرة والاغتراب والنزوح والانطواء والجوع والفقر والانتحار والذل والقهر والمرض والعجز والخوف والجهل والتطرف والاقتتال وحتى الموت واقفين.
أجبرهم على مفارقة الأهل والأحبة والأصدقاء والجيران والأبناء والأحفاد والشيوخ، ومسقط الرأس، ومهبط الجسد، وحتى المقابر التي كان المفترض أن يُدفنوا فيها نهاية الرحلة وآخر المطاف.
الحوثي أتى على كثير من المقدرات والمكتسبات والآمال والطموحات والتطلعات والأحلام والقرارات والقيم والأعراف والخطط والموارد وحتى الخصوصيات والقوانين.
الحوثي أتى على الحاضر والمستقبل لم يفرق ولم يترك فرصة للناس في إعادة ترتيب أوضاعها وأفكارها، أفقدهم كل شيء من مدخرات وراحة بال وهدوء وسكينة ومواساة بعضهم. أفقدهم مساكنهم ومذكراتهم وحريتهم.
الحوثية سيرة ذاتية غرائبية عجيبة تناقض نفسها في الحال، تناقضها بالأمس وغدًا وبعد غد، اليوم وقبل اليوم، قبل عام وقبل سبع سنين، قبل عقود، تناقض الواقع والقرآن والنبوة؛ التي تدعي أنها عليها، وتناقض أصلها المنسوب إلى آل النبي، تناقض فكرة التعايش والتقوى والمساواة والعدالة واحترام الآخر وحقوق الطفل وكرامة المرأة وعزتها وعدالة القضايا، تناقض المكان والزمان والعادات والتقاليد والهوية.
تُناقض الجمال وفلسفته، تناقض الروح والوعي والمشاعر، تناقض العواطف، تناقض الرغبات على حقيقتها والترابط الأسري والمجتمعي، تناقض العلاقات اليومية وحتى الجغرافيا الوعرة والمنبسطة التقليدية والحديثة، تناقض الحب وألوان الطيف وتناقض المعاني والدلالات.
كل ذلك وهي تدعي الحفاظ على السيادة. أي سيادة وأي كرامة تلك التي تحافظ عليها؟ أي وطن ومن بقيَ فيه خائف، فقير، ومن غادر ضائع ومشرد ميت ويتيم وليس له مجير؟. بيوت تم تفجيرها وأخرى تم مصادرتها، ودور عبادة أغلقت وتم تجييرها. واقع مفخخ بالعنصرية والمذهبية المقيتة والمشاريع الطائفية الضيقة والمناطقية الضحلة.
الحوثية حالة استثنائية في مجتمع يستحق أن يحيا بلا زيف أو تناقض، بدون سقوط أو عجز أو تشظٍ!.
وتلك من الأماني أنْ نَرانا
نُسلّم للبلاد ضحى خُطانا
ونخلد آمنين.