تستمر الحوثية الإرهابية في كشف المزيد من أقنعتها بنفسها، من خلال سلوكها الذي هو ترجمة لأفكارها الإرهابية المغلفة بالدين، هذه الأقنعة تتساقط كل يوم مع كل ممارسات تقوم بها تجاه الناس، وليس إرغام الموظفين للتوقيع على مدونة تجبرهم الإيمان بالولاية وحضور الدورات الثقافية آخر الممارسات التي تسعى الحوثية الإرهابية من خلالها للتغلغل إلى العقل المجتمعي وتدجينه للاستسلام والعبودية لعبدالملك الحوثي، بل إن الممارسات السابقة كانت تمثل مؤشراً على أن لدى هذه الجماعة بنكا من الأهداف الشيطانية التي تسعى إلى تحقيقها بوسائل مختلفة، منها الإرهاب المسلح والإرهاب الناعم.
تطييف المنهج الدراسي وتعبئة الأجيال القادمة بالأفكار الطائفية والعنصرية هي مسار منفصل في إطار توجه عام لتتطيف المجتمع، ويمثل ذلك المسار مؤشراً على أن الجماعة تفكر بطريقة "الحفر في الصغر" من أجل المستقبل، والمسار الذي دشنته مؤخراً ممثلاً بمدونة السلوك الوظيفي، يكشف أنها تسير حسب خطط ممنهجة، وأن لديها المزيد من وسائل الإرهاب الناعم للسيطرة على المجتمع، وباعتبار الوظيفة العامة أقصر الطرق للسيطرة على الموظفين وإخضاعهم للعبودية والاستسلام لعبدالملك الحوثي، واستغلال الحاجة المادية للموظف وخاصة في ظل استخدام سياسة قطع الراتب ضمن سياسة السيطرة، فإن المدونة تلك تمثل إرهاباً ناعماً استخدمه الحوثي ضد موظفي القطاع العام، وسيليه القطاع الخاص والمختلط.
للحوثي وسائله الإرهابية ومنها الإرهاب المسلح وهو الذي يبرز من خلاله الوحشية الدموية بصورتها الواقعية، والتفجيرات للمنازل والمساجد وقطع الجسور وتلغيم المزارع والطرقات، وحتى في ظل هذه الهدنة نجد أن الإرهاب الحوثي المسلح لا يزال عاملاً ويُسقط كل يوم العديد من الضحايا، وخاصة تلك الألغام التي زرعها على الطرقات وفي المزارع، وكل ضحاياه هم المدنيون البسطاء.
الإرهاب الناعم هو ما يقوم به الآن من سحب هوية المجتمع وثقافته ودينه، واستبدال كل ذلك بهوية الحوثي وثقافة التطرف والطائفية والعنصرية، وإحلال ثقافة الخضوع والذل عوضاً عن الحرية، يمثل هذا النوع من الإرهاب الحوثي خطراً يفوق خطر الإرهاب المسلح، لأنه يغتال المجتمع دفعة واحدة، يسحق المجتمع بشكل جماعي، يقضي على الحياة الاجتماعية ويمزق كيانات الدولة ويبدد كل آمال الناس في الحق بالحياة والحرية والكرامة.
كل وسائل الإرهاب الحوثية المسلحة والناعمة لا يمكن دحرها بالتوبيخ أو كشف خطرها وحسب، بل يجب أن يترافق مع ذلك عمل مسلح ومعركة وطنية تشترك فيها كل أطياف المجتمع وكل النخب العسكرية والسياسية، عمل مسلح مخطط يتجاوز هفوات وفساد الشرعية الهادوية والأحمرية التي عمقت من تغلغل الحوثي وتوسيع العمل بوسائله الإرهابية.