جاءت الترتيبات الأخيرة التي نفذها المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة لإعادة تشكيل المشهد العسكري وربما ايضاً السياسي من جديد بما يخدم الهدف الأساسي المتمثل في تحرير صنعاء، حيث يجثم الخطر الأكبر على اليمن بشكل عام المتمثل بجماعة الحوثي، وبدلاً من ان يتم دعم أي خطوات تعيد توجيه البوصلة وتدعم من توحيد الجبهة وتعزيز إمكانياتها بمختلف المجالات، يأتي من أدمنوا المخاوف على اليمن والجنوب تحديداً بأسلوبها اللامنطقي واللاواعي للظروف والمتغيرات والأولويات، ليصرخ بأن الجنوب سيذهب نحو الانفصال، وأن توحيد مسرح عمليات في إطاره الواحد المتماسك يعزز من الانفصال، ويتجاهل بكل إصرار الصراخ والدعوات لتحرير صنعاء سواءً بالجيش الجنوبي او بالمقاومة الشمالية.
يدرك الجنوبيين جيداً ومعهم الإقليم والمجتمع الدولي، أن بقاء صنعاء يهيمن عليها النفوذ الإيراني ويحكمها الفكر الذي لا يؤمن بالآخر، لن يعزز من انفصال الجنوب وحسب، بل وكل محافظة يمنية اذا اتيحت لها الإمكانيات ستبحث عن انفصال أو على الأقل حكم ذاتي، بعيداً عن أي نفوذ لصنعاء يغرقها في الاستعباد والعبودية والاجندة الإيرانية، كل محافظة تدرك بشكل واعي أو اللاوعي، ان الانفصال خيار أسمى من أي وحدة تجمعها مع الحوثية الإرهابية، وهذا منطق أغلبية المجتمع في شعورهم وتفكيرهم ، بما فيها المناطق التي تسيطر عليها الحوثية.
الانفصال الحقيقي وهو ما تقوم به الجماعة الحوثية بمختلف القطاعات، فهي يعمل على فصل المجتمع عن قيمه ومبادئه، وتعمل على فصل الأحزاب عن أيدولوجياتها، وتعمل على فصل القبائل عن انتمائها واعرافها، وتعمل على فصل المذاهب عن جوهرها المتسامح، وتعمل على فصل الإنسان عن اسرته لصالح الولاء للقائد، وتعمل على فصل الشخص عن عائلته وبيته وأطفاله وإبقاءه في حال تشرد وغربة في الخارج أو الداخل، وتعمل على فصل التعليم الحقيقي عن الواقع واستبداله بأيدولوجيتها التي تقدس سلالة وشخص بذاته، تعمل على فصل الناس عن الحرية والقيم الديمقراطية، تعمل على فصل الدولة عن تقديم الخدمات للمجتمع، وتحول المجتمع إلى بقايا أجراء يعملون بالسخرية، وتعمل على فصل الإنسان وروحيته عن الدين القيم واستبدال ذلك بالدين الفقهي الذي يخدم فكرة الحكم لسلالة إلى يوم القيامة.
كل أساليب الانفصال وعواملها هي ما تنفذه الجماعة الحوثية، وذلك ما يمثل أخطر من انفصال إداري لبقعة جغرافية من البلاد، الخطر الكامن في صنعاء هو ما يجب أن تتشكل كل القوى وتعيد ترتيب أوراقها ومسرح عملياتها وخططها وقواها وإمكانياتها من أجل ان تزيل هذا الخطر المهدد للأرض والإنسان ودول الإقليم والمجتمع الدولي، ومن الجيد ان يتلقف الشماليون الرسائل الجنوبية بالتحرك نحو صنعاء، فهذا مؤشر على فهم وإدراك بالخطر الحقيقي.
>
