نشوان العثماني
اليمن بلد لثلاثين مليون مواطن يا عبدالملك..
كانت خطوة رائعة بالفعل وعظيمة إذ يلتقي سيادة الرئيس رشاد العليمي بالبهائيين والبهائيات اليمنيين الذين هجرتهم مليشيا الانقلاب خلال السنوات الماضية، لكن عبدالملك الحوثي، وجراء هذا اللقاء، ذهب إلى القول "إن الأعداء يقومون بنشر ودعم الدعوات والمذاهب غير الإسلامية مثل البهائية والأحمدية والإبراهيمية لإضلال المجتمع الإسلامي".
عزيزي عبدالملك
لقد عشنا بعد موتك ما لا يقل عن أربعة عشر قرنًا من الزمان. فـ أبو الوليد لم يعد حاكمًا على ذمار، ولا علي حاكمًا على حضرموت ولا زيد في عمران، كما إن معاذ لم يعد واليًا على دار سعد، وأبو سفيان قدّم استقالته.
وأصبح لدينا كلية للتربية في طور الباحة، وجامعة في لحج وأخرى مماثلة في البيضاء.
مؤلف كتاب "الأساليب التقليدية لحل النزاعات في اليمن.. دراسة في التاريخ الاجتماعي" أصبح الرئيس اليمني الحالي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي. أضحى لدينا رئيس يحوز درجة الدكتوراه في علم الاجتماع، وفي الانثروبولوجيا تحديدًا، للمرة الأولى (وهو الموكل إليه ورفاقه في هذه اللحظة التاريخية، كما نأمل، استعادة اليمن الذي غاب). فلو صحوت من موتك، فضلًا، اقرأ هذا الكتاب. يمكننا أن نرسل إليك نسخة جديدة منه أو أن نعرضه في صحيفة الأيام العدنية ونرسل إليك نسخة فورية من العدد.
ما هو الخطأ الذي ارتكبه الرئيس في لقائه بالبهائيين؟
في نظرك يا عبملك أنه نشر ودعم المذاهب غير الإسلامية!
أولًا هذا غير صحيح.
اطمئن سيبقى المعظم مسلمين.
حرية الاعتقاد لم تحول أي دولة أو أي مجتمع من دين إلى دين.
لا يوجد دعم ونشر وتبشير، إنما يوجد التفهم والترحاب ولاحقًا الإنصاف وجبر الضرر. فجماعة من بني قومك تحت قيادتك وأخيك ظلموا كل اليمنيين وعلى وجه التحديد منهم الأقليات الدينية كاليهود والبهائيين.
هذه اليمن يا عبملك، وطن لثلاثين مليون مواطن، كيف يمكن أن يقبل أحد أن تكون وطنًا فقط لك ولونك وثقافتك وسلالتك وعرقك؟
نقول لك: الدين لله والوطن للجميع.
وهؤلاء البهائيون قوم صالحون، شباب رائعون، لم نجدهم إلا أول الناس المبادرين لبناء وطنهم. وقد جسدوا ذلك قولًا وفعلًا في مختلف مناشطهم، وأينما استطاعوا أن يقدموا خدماتهم لأجل المجتمع لم يكونوا ليقصروا ولم يتوانوا. (أيكون جزاءهم الترحيل والتهجير؟ لكن هذا لن يطول ولسوف يعودون بأقوى مما كانوا، والأيام بيننا؛ ذلك أن الله عدل يحب العدل..).
فليس نشرًا لأي دين ولا تبشيراً، إنما ليكن كل مواطن حرًّا بعلاقته الروحية مع خالقه، وفي أن يكون صادقًا مع الله لا منافقًا مع الناس كما تحب أن يكون الناس كاتباعك الذين لا يفكرون ولا يعقلون.
هذا فقط ما عمله الرئيس، الوعي الأكاديمي المستنير بضرورة التنوع وحرية الإنسان والمواطنة والعدالة الاجتماعية.
كل الناس من حولنا نجحوا يا عبملك وبقينا نفشل كل مرة بأن نكرر الأسطوانة ذاتها.
حان الوقت أن يستيقظ وعينا الجمعي، وحان لليمنيين أن يصلوا لأهمية العيش المشترك والعقد الاجتماعي والتسامح والسلام. وهذه في الأساس سجية في الشعب اليمني سيستعيدها سريعًا.
عد إلى موتك يا عبملك إن لم تستطع الحياة، ودع الناس تقرر ما لها وما عليها. أنت لست وكيلًا من الله على أحد. أنت بلاء فقط.
ولو أنك قرأت البهائية أو قرأت فيها وسمحت لنفسك أن تفهم ولو قليلًا منها، لكان لوجودك بعد هذا الموت الطويل معنى يُذكر.
اقرأ قليلًا من ألواح حضرة البهاء إلى جانب القرآن والكتاب المقدس، لكن هذه كتب كثيرة.
اقرأ فقط سورة لقمان وأحد الألواح البهائية ومزمورين إلى جانب انجيل يوحنا، كما يمكنك أن تعرج قليلًا على بعض تعاليم بوذا. أو ربما يمكنك أن تقرأ فقط عبدالله البردّوني، وإن لم تتمكن من قراءة معنى الجمهورية أو اليمن الجمهوري فاستمع قليلًا لأغاني مطهر الإرياني.
بالله عليك يا عبملك، اسمع أغنية "الحب والبن".
اسمعها ثلاثًا، واتصل بعدها بفخامة الرئيس؛ ستنتهي هذه الحرب.