خالد سلمان

خالد سلمان

تابعنى على

مفاجأة عبدالملك الحوثي

Saturday 02 March 2024 الساعة 11:25 am

معركة العالم مع الحوثي في حالة اضطراب وعدم إنضاج  لموقف موحد، أو أقرب للتجانس، اضطراب في تعريف مسمى الحوثي، واضطراب في إنجاز خطة متفق عليها لكيفية مواجهته. 

الحوثي ليس إرهابياً في عموم دول أوروبا على الرغم من كل فظاعاته، وليس إرهابياً في واشنطن على الرغم من تصنيفه كإرهاب دولي، فهي جد متسامحة معه إلى حد تقديم له مروحة خيارات بديلة، تبدأ بمخاطبته كجماعة سياسية وطرف تسوية، وتنتهي بإمكانية إخراجه من خانة التصنيف الهزيل، الذي لم يعقبه إجراءات رادعة تتشابه مع التعامل مع إرهاب داعش والقاعدة. 

اضطراب المجتمع الدولي لا يطرح مفاضلة بين التحييد والإقصاء الكلي لقوة الحوثي، فقط يتجه كل الفعل العسكري الغربي نحو إضعاف متدرج مدروس بعناية فائقة، حيث يبقى الحوثي محافظاً على جسم عسكري قادر على تهديد الداخل وابتزاز الجوار. 

اثنانهما واشنطن وعبدالملك الحوثي يدركان الخطوط المرسومة لهما وحدود اللعبة، مسموحاتها وممنوعاتها، مسموح للحوثي الفرقعات الإعلامية وتوظيفها لتوسيع قاعدته الداخلية، فرقعات صواريخ لا تضفي تغييراً على جواهر الصراع الإقليمي ولا تنصر غزة، بل تسحب بساط الاهتمام الإعلامي السياسي الدولي منها، وتجيره لصالح الجماعة على خلفية استهداف سفن البحر الأحمر. 

ومقابل إبقاء حركة صواريخ الحوثي في هذا الهامش الضيق من المخاطر الشكلية، تمنح واشنطن صنعاء جوائز عدة: الحفاظ على ردع منخفض، وعدم شطبه من معادلات التسوية، أما الممنوع الأبرز الذي يدركه الحوثي، وسبق وأن عممته طهران على أذرعها، هو الدم الأمريكي خط أحمر، ممنوع لم يتخطه الحوثي على الرغم من إحصائيات الصواريخ التي أُطلقت وفق خطاب عبدالملك الأخير، وبقي بنك الدم المسفوك يمنيا خالصا وبامتياز، آخرها سبعة قتلى حوثيين في الحديدة في الساعات الماضية. 

البحر الأحمر استثمار إيراني طويل الأمد، يذهب نحو عمق الرؤية الإيرانية، بتحولها إلى اللاعب الأبرز في ترتيبات المنطقة وتقاسم المصالح والنفوذ، وبالتالي لن تغامر طهران بخسارة الحوثي ودفعه إلى مواجهة حقيقية تصل حد الانتحار، باستهداف الأمريكان، لأن ذلك يعني أن لا حضور قويا للحوثي في اليمن، إذا ما سفك قطرة دم واحدة من جنود اليانكي. 

لا أحد يأخذ صيحات عبدالملك الحوثي كل خميس بجدية كافية، وبالتالي تهديداته الخميس، بعمليات نوعية ضد الأمريكان مفاجئة لهم وغير مسبوقة، تضع مصداقيته وجماعته على المحك، إذا لم يفِ بضرب الأساطيل فإنه يدغدغ مشاعر محازبيه وحواضنه التنظيمية ليس أكثر. 

اتفاق التهدئة التي تشتغل عليها عواصم القرار الدولي حول غزة، والتي هي في طور الإنجاز، مخرج الحوثي الوحيد من مصيدة تحدي العالم، وبالتالي جعجعة قائد الجماعة الحوثية، مفتوحة على لفلفلة تهديداته والانسياق خلف انفراجة الوضع في غزة ولو مؤقتاً، دون إغفال الادعاء أنه وحده من أجبر إسرائيل على فعل ذلك، أي أن الحوثي يسرق غزة مرتين: مرة  بزيف نصرتها، وأُخرى بالقول إن صواريخه هي من صنعت تفاهمات باريس للتهدئة.   

ما الذي سيفعله عبد الملك بعمليته النوعية التي وعد بها؟

هل سينفذ هجمات متعددة الأسلحة في توقيت واحد؟ 

هل سيغرق البوارج الحربية الأمريكية البريطانية؟

هل سيجعل البحر الأحمر حمام دم ومقبرة للأمريكان؟

ما الذي سيفعله عبد الملك؟

باطمئنان كلي للحقيقة نقول: 

لن يفعل شيئاً.

من صفحة الكاتب على إكس