رولا القط

رولا القط

تابعنى على

رحيل رئيسي وتداعياته: مستقبل النفوذ الإيراني والعلاقات الإقليمية

Saturday 25 May 2024 الساعة 10:33 am

حالة من اليتم أصيبت بها المليشيات التابعة لإيران في المنطقة العربية بدءا من حزب الله وحماس والحوثي.. ما يجعل هذه المليشيات أمام حالة من الصدمة، أمام حادث غير متوقع أنهى حياة رجل إيران القوي. هل يا ترى كان فعلا حادثا غير مقصود. 

 بعد وفاة إبراهيم رئيسي، والذي كان الرئيس الإيراني المقرب من مرشد ايران الأعلى، يمكن أن يكون لهذا الحدث تأثير على سياسات إيران الداخلية والخارجية، بما في ذلك دعمها للجماعات المختلفة مثل الحوثيين في اليمن، وحركة حماس في فلسطين، وحزب الله في لبنان، والحشد الشعبي في العراق. ولكن من المهم أن نأخذ بعين الاعتبار أن السياسة الخارجية الإيرانية تُدار إلى حد كبير من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي والحرس الثوري الإيراني، مما يعني أن التغيرات في القيادة الرئاسية قد لا تؤدي إلى تغييرات جذرية في السياسات تجاه هذه الجماعات. وفيما يلي بعض السيناريوهات المحتملة:

1. الحوثيون في اليمن:

 – من المحتمل أن يستمر الدعم الإيراني للحوثيين بشكل كبير نظرًا للأهمية الاستراتيجية لليمن في التنافس الإقليمي مع السعودية.

 – قد تتأثر نوعية وكمية الدعم بحسب التغيرات السياسية الداخلية في إيران ولكن ليس من المتوقع تغير جوهري في السياسات.

2. حركة حماس في فلسطين:

 – تستمر إيران في دعم حماس كجزء من استراتيجيتها لتعزيز نفوذها في المنطقة ومواجهة إسرائيل.

– قد تتغير أساليب الدعم أو تتنوع وفقاً للأوضاع الداخلية الإيرانية والوضع الإقليمي.

3. حزب الله في لبنان:

 – يعد حزب الله حليفاً استراتيجياً رئيسياً لإيران، ومن غير المرجح أن يتغير مستوى الدعم بشكل كبير بعد وفاة رئيسي.

– قد تكون هناك تغييرات تكتيكية أو تنظيمية في الدعم، لكن الأساسيات ستظل كما هي.

4. الحشد الشعبي في العراق:

– دعم إيران للحشد الشعبي مرتبط باستراتيجية السيطرة والنفوذ في العراق لموازنة النفوذ الأمريكي.

– استمرار الدعم مرجح للغاية مع احتمال تعديل بعض الاستراتيجيات حسب الأوضاع السياسية الداخلية في إيران.

في المجمل، من المتوقع أن يستمر الدعم الإيراني لهذه الجماعات بعد وفاة إبراهيم رئيسي، نظراً لأن السياسات الإيرانية في هذا الصدد تُرسم وتُنفذ بشكل أساسي من قبل المرشد الأعلى والحرس الثوري الإيراني، اللذين لديهما تأثير كبير على سياسات الدولة واستراتيجياتها الخارجية.

توفي إبراهيم رئيسي، أحد المرشحين المحتملين لخلافة المرشد الإيراني علي خامنئي، إثر تحطم مروحيته في منطقة جبلية. وبهذا، أصبحت مسألة خلافة خامنئي، البالغ من العمر 85 عامًا، غير واضحة كما لم تكن من قبل. يُعتبر رئيسي (63 عامًا) ظاهرة سياسية في إيران بسبب دوره الحساس في السنوات الأخيرة، التي شهدت أحداثًا مهمة مثل الاتفاق النووي والضغوط الأميركية والأزمات الداخلية.

تولى رئيسي منصب الرئاسة في 2021 بعد فوزه بأكثرية تاريخية في الانتخابات التي شهدت مقاطعة واسعة. ومع ذلك، فشل رئيسي في تحقيق وعوده بمكافحة الفساد، حيث تم عزل وزير سابق بتهمة الفساد. في السياسة الخارجية، ركز رئيسي على التعاون مع الصين وروسيا، مما أثار تعقيدات في مسار المفاوضات النووية مع الغرب. كما تعرضت إيران لضغوط دولية بسبب تدهور الحقوق والحريات الشخصية داخل البلاد، مما أثار احتجاجات شعبية واسعة.

إبراهيم رئيسي مات وهل ستجد إيران طريقها نحو الاستقرار والتطور في الفترة القادمة؟

ترتبط سيرة إبراهيم رئيسي بأحداث مهمة خلال الثماني سنوات الماضية، مما جعله محل اهتمام واسع. ومن بين هذه الأحداث، كان لقاؤه الصيف الماضي مع الخميني حسين علي منتظري، حيث ناقشوا إعدامات 1988. كان رئيسي ضمن “فرقة الموت” التي نفذت أوامر الخميني في تلك الإعدامات الجماعية، والتي شملت آلاف السجناء السياسيين، أغلبهم شباب دون الـ25 عامًا.

تم تعيين رئيسي من قبل خامنئي ليتولى رئاسة الجهاز القضائي، وهذه هي المرة الثانية التي يُعين فيها من قبل المرشد، حيث تم تعيينه سابقًا رئيسًا لهيئة “العتبة الرضوية” في إقليم خراسان. هذه الهيئة هي واحدة من أكبر المؤسسات الدينية والاقتصادية في إيران، حيث تُعتبر من أثرى المؤسسات بإيرادات تجاوزت 210 مليارات دولار أمريكي سنويًا وأرباح صافية تقارب 160 مليار دولار.

 إبراهيم رئيسي ولد في عام 1961 في مدينة مشهد الإيرانية، وكانت عائلته من الخلفية الدينية. بعد دراسته الأولية، انتقل إلى مدينة قم حيث التحق بالحوزة العلمية ودرس في مدرسة “حقاني” التي أنتجت العديد من العلماء الدينيين والشخصيات الدينية المؤثرة في النظام الإيراني، بمن فيهم خامنئي نفسه. تلقى دروسًا في فقه الخارج منذ العام 1990 من خامنئي.

التوجه نحو الشرق، انخرطت إيران في جهود لكسر العزلة الإقليمية من خلال تحسين العلاقات مع دول الجوار. وقد توصلت إيران إلى اتفاق مع السعودية، بوساطة صينية، لاستئناف العلاقات الدبلوماسية. كما بدأت مفاوضات مع مصر لتطبيع العلاقات بين البلدين بعد قطيعة دامت أربعة عقود.

وفي ظل تصاعد الانتقادات الغربية والتيارات الشعبية، تسارعت جهود تحسين العلاقات مع الجوار. وخلال هذه الفترة، قامت السلطات بحملة لإخماد الاحتجاجات الشعبية الحاشدة التي شهدتها البلاد في سبتمبر 2022، والتي تأثرت خلالها حالة الحريات في إيران. حاولت حكومة رئيسي تلبية مطالب الأوساط المتشددة، خاصة فيما يتعلق بإعادة فرض شرطة الأخلاق للحفاظ على الحجاب والعفاف. واندلعت أكبر موجة احتجاجات شعبية منذ ثورة 1979، عقب وفاة الشابة مهسا أميني خلال احتجازها لدى شرطة الأخلاق.

 أعلنت حكومة رئيسي دعمها لحملة إخماد الاحتجاجات التي أسفرت عن مقتل أكثر من 500 شخص، ووصفت الاحتجاجات بأنها “حرب هجينة” ضد النظام.

 كان إبراهيم رئيسي عندما سقط نظام الشاه وأعلن نظام ولاية الفقيه في الـ18 من عمره. تلقى دروساً مكثفة من محمد بهشتي (نائب الخميني) وعلي خامنئي للدخول في القضاء الجديد. بدأت مسيرته مع تأسيس محكمة الثورة وصار مدعياً عاماً فيها وهو لم يبلغ العشرين من العمر. تزوج من ابنة أحمد علم الهدى، رئيس اللجان الثورية، وشارك في تصفية المعارضين والنشطاء السياسيين. علم الهدى أحد أبرز من أصدروا أوامر الاغتيالات والقمع بين 1980 و1982.

منذ 1984، تولى رئيسي منصب مساعد المدعي العام في طهران لشؤون الجماعات المعارضة، وشارك في “لجنة الموت” التي تسببت في إعدامات 1988. ثم كان مدعي عام طهران بين 1990 و1995، ورئيس منظمة التفتيش في إيران بين 1995 و2005. عُيّن نائباً أول لرئيس القضاء الإيراني محمود هاشمي شاهرودي بين 2005 و2015، ثم كان المدعي العام الإيراني بين 2015 و2016. وكان أيضاً المدعي العام في المحكمة الخاصة برجال الدين منذ 2013.

 في 2009، شارك رئيسي في اللجنة الثلاثية للتحقيق في قتل سجناء وانتهاكات في سجن كهريزك بعد “الحركة الخضراء”. رفضت الهيئة التهم الموجهة من كروبي واقترحت ملاحقة الأشخاص الذين تسببوا في تشويش الرأي العام. عد رئيسي فرض الإقامة الجبرية لحماية حياة كل من كروبي وموسوي.

 إبراهيم رئيسي كان من بين أبرز المرشحين لخلافة المرشد. بالإضافة إلى منصب الرئاسة، شغل منصب نائب رئيس مجلس خبراء القيادة، الهيئة المسؤولة عن اختيار خليفة المرشد، وفاز بانتخابات مجلس الخبراء لولاية جديدة في مارس (آذار).

 أثار توجه رئيسي إلى محافظة نائية بدلاً من الترشح من طهران، حيث لم يكن هناك منافس سوى رجل دين مجهول، انتباه المراقبين. الغياب المفاجئ لرئيسي سيكون له تأثير على المعادلات والتوقعات المتعلقة بخلافة المرشد الإيراني.

رئيسي كان شخصية مجهولة حينما أثار الاهتمام في عام 2015 كمرشح محتمل للخلافة. لاحظ المراقبون التقارب الكبير بين رئيسي وقادة “الحرس الثوري” بعد تعيينه على رأس العتبة الرضوية، مما أدى إلى تغيير لقبه الديني من “حجة الله” إلى “آية الله”، وبدأت وسائل إعلام “الحرس الثوري” بالترويج له. كما بدأ رئيسي تدريس مادة “فقه الخارج” في الحوزة العلمية، وأعرب عن مواقف إيجابية تجاه دور الحرس الثوري في اللقاءات العلنية، ما دفع بعض المراقبين إلى تصويره كمرشح محتمل ومتمرس في أدبيات المرشد.

يتجه السيناريو الآن نحو معركة الكراسي، حيث الكل يدعي الاعتبار والحذر في التصرف. هناك من يعتبر أنه كان يجب أن نكون أكثر تفاؤلاً وثقة. بينما يرى آخرون أنهم ارتكبوا أخطاء واختاروا الطريق الخاطئ. هذا ويظل البعض الآخر يشعر بالإحباط ويقول “كنا رفاق رحلة، لكنكم تركتمونا بمفردنا”.

في النهاية، لا يزال الجميع متورطين في معركة السلطة وتحقيق المصالح الشخصية.

هذا و يستمر مسلسل خسائر إيران على جميع الأصعدة وخصوصا شخوصها وقياداتها ابتداء من قادة الحرس الثوري مرورا بقادة برنامجها النووي والصاروخي وانتهاء بقادتها السياسيين. مقتل رئيسي بحادث لم ولن تعرف دوافعه وأسبابه حتى إن كثرت التبريرات سيبقى الباب مفتوحا لجملة من الأسئلة من سيكون التالي وما سيكون مستقبل الحياة السياسية في إيران ومن هو أبرز المرشحين لخلافة رئيسي أو خلافة المرشد وما سيكون شكل المرحلة المقبلة من الحكم وسياساته في إيران إصلاحيا أم ذو فكر أكثر تشددا وتطرفا، الأيام القادمة ستكون حبلى بكل شيء.

*نقلا عن موقع خبر نيوز