ترتسم ملامح حصان طروادة الذي سينفذ منه الحوثي إلى المدن التي استعصت عليه عسكرياً طيلة سنوات هذه الحرب.
إنه حصان ناعم بلا شك. ترفع أركانه البيوت التجارية ذات الأحلام والتصورات الرومانسية للحرب والسلام وبناء الدولة وتسندها مجموعة أفواه من المجتمع المدني ومنظمات تدور في فلك الفاعلين الخارجين خبرتها الكلية بلاغة مضاربة وتباكٍ محكم البناء متداول بكثرة في فعاليات السلام الاممية ومؤتمرات العواصم البعيدة.
أوساط رومانسية -ساذجة حد البراءة بعد عشر سنوات حرب واجرام وحصار وانتهاكات وقتل مجاني حاقد- لا تدرك الطبيعة المعقدة لعمل مؤسسات دولة خُلقت مشوهة وتعتقدها مثل الجمعيات الخيرية ومنظمات التمويل الدولي التي تعمل بخمسة موظفين على الأكثر يمكن أن يعتقلهم الحوثي في عشية فلا ذكر لهم ولا نصير أو أندية كرة القدم ذات المسؤولية المحدودة.
بل إن أغلبها يتهرب من تعريف حقيقة ما يدور في اليمن وينسج لنفسه سردية خاصة لهذه الحرب لا علاقة لها بالناس المعايشين لهذا الواقع.
لقد قاموا بدور عظيم في التسهيل لفتح الطرقات.
كثر الله خيرهم وأحسن إليهم.
الآن عليهم أن يحتفلوا بهذا الفتح المهم وخطوتهم المباركة في التخفيف من معاناة الناس. عليهم ان يتركوا للناس فرصة استيعاب هذه الخطوة وتجاوز مخاوفهم وهواجسهم.
ما نزال امام حقيقتين متعارضتين: مجتمع مفتوح وبناؤه هش ولا سلطة هرمية متينة فيه وقابل للاختراق مقابل مجتمع مغلق بسلطة هرمية مصمتة لا احد يستطيع ان يفعل شيئا دون إذن.
ثلاثين ألف قتيل في محافظة كتعز ليست دماؤهم ماء او مرقاً يمكن هدره.
ولا تكفي حُسن النوايا لأنه على سبيل المثال ما يستطيع هؤلاء الفاعلون فعله في مدينة تعز لا يستطعون فعله في الحوبان وعليهم عدم الإفراط او سوء استخدام الثقة التي يحصلون عليها والصورة التي يتمتعون بها وغدا لن تنفع "ما كناش داريين" وسيكونون في مواجهة مباشرة مع كل هذه الدماء وأهالي الضحايا حال حدوث كارثة.
لم يتوقف الحوثي عن حالة الحرب أو يلغي حالة التعبئة العامة وما يزال يستخدم كل ما يمكنه للاقتحام والاختراق وليس ببعيد أن يلجأ إلى قامات وشخصيات رمزية تحظى باعتراف وقبول واحترام لديها قدرة تأثير موالية وإعلامية لتكون قناة عبورة والقضاء على المقاومة والاستيلاء على المدن.
ولا يخفى على أحد أن بعض هذه الأصوات لا تنكر إعجابها بنموذج الصرامة الأمنية التي يستعرضها الحوثي والتسهيلات التي يحصلون عليها بعلاقاتهم العامة والنموذج المافيوي الحوثي العابرة للمناطق، لذا فإن ما تفعله ليس مأموناً منها وعليها.
إن ثاني أهم معروف يفعلونه في المدينة اليوم هو احترام إجراءات السلطة المحلية ورفع أيديهم عن مؤسسات الأمن والجيش.
لهم الحق في مراقبة ومحاسبة كيف تجري الأمور لكن عليهم احترام البناء الهرمي ويجب تجنيب أي تعامل مع القاعدة الأمنية والعسكرية من أي طرف آخر غير المؤسسة الرسمية سواءً منظمات دولية أو مجتمع مدني أو تجار ورؤوس أموال أو مغتربين.
على مجلس الرئاسة الإمساك بزمام الأمور في تعز والتخاطب مع الفاعلين لإعادة ضبط البوصلة في محافظة تفتقر لكاريزما القائد وكل شخص فيها زعيم مفدى.
من صفحة الكاتب على إكس