يلاحظ المتابع لمحاضرات حسين بدر الدين الحوثي نزوعه الواضح إلى إغلاق العقل.. يخاطب مريديه أو أتباعه بالقول: إذا تثقف أهل البيت بثقافة الآخرين، كما حصل في الماضي على يد المعتزلة والأشاعرة السنية والفنون الدخيلة سيضلون ويتيهون.. يقول لأتباعه من الدارسين في التعليم الحكومي: لا يجوز لكم أن تتثقفوا بالمناهج الدراسية، خذوا منها القرآن فقط، لا تأخذوا من هذه المناهج المدرسية لا تاريخ ولا عقائد ولا فقه ولا شيء آخر.. ويذهب إلى أبعد من ذلك، فيقول: ولا تشترِ كتاباً من السوق، ولا تنصت لأي شخص يتكلم. ويقول أيضاً: آل البيت يجب أن تكون ثقافتهم قرآنية بعيدة عن كل دخيل مضل.. فهم هُداة، وعندما يحملون ثقافة فاسدة - سنية- لا يصلحون للهداية.. ثم ينعي همة علماء الزيدية: زمان كان الواحد من آل البيت يحرك أمة، واليوم لدينا عشرات العلماء لكنهم لا يحركون ساكناً، والسبب علم الكلام وأصول الفقه.
ثم يعيب على أتباعه أمرين: الأول، ترددهم عن ترديد الشعار(الصرخة)، ومعروف أن هذا الشعار وضعه خطيب الثورة الإيرانية في نهاية عقد سبعينيات القرن العشرين، ولكن مع مرور الوقت انتهوا إلى ما أراد، والأمر الثاني، الذي كان يعيبه عليهم، هو أي نزوع يلاحظه للانفتاح على الآخرين، ويحرضهم على إغلاق عقولهم، لتبقى مفتوحة، فقط، لاستيعاب ما يقوله هو: المؤسف أن كلمتنا ليست واحدة.. العلماء وطلاب العلم والعاملون في المنتدى (منتدى الشباب المؤمن)، غير موحدين، غير متفقين.. كل واحد له رأي.. أنت تقول نفتح أكثر من قناة، نسمع من هذا ونسمع من هذا، ونسمع من فلان، ونسير عند ذاك، وترجع إلى هذا، بدعوى تطوير معارفك، بينما هذا الذي عانينا منه، ويعتبر أن مفردة الفتنة التي وردت في الآثار النبوية مراد بها هذا الانفتاح.. يقول: هذا الزمن بكله.. وهذه المرحلة بكلها هي نفسها ما سماها الرسول فتن كالليل المظلم يمسي المرء مؤمناً ويصبح كافراً ويصبح مؤمناً ويمسي كافراً.. إذ المقصود - حسب رأيه - بالفتن التي كالليل المظلم ليست خطورتها في كم وقع قتل هنا وكم دمار حصل هناك، المسألة (الفتن) أن الرسول يبين خطورة على أمته متمثلة في تضليل رهيب والتباس في الأمور.. وكعادته في مثل هذا الموقف، يصل دائماً إلى تقرير أن الضلال في أبي بكر وعمر وعثمان الذين أطاحوا بولاية الإمام علي..
ثم يطرح لأتباعه حلاً وهو أن يستوعبوا ما يقوله هو أولاً بوصف قوله حقائق وثوابت ملزمة لهم، فيقول: المخرج من ذلك أن تطور معلوماتك، ولكن ليس قبل أن تمشي في طريق واحدة، تثقف نفسك أولاً من قناة واحدة، لتصبح لديك ثوابت صحيحة، رؤية صحيحة، مقاييس صحيحة، معايير صحيحة، ثم انطلق في هذه الدنيا واقرأ أي شيء واسمع ولو كل قنوات العالم، قبل أن تنهل من قناة واحدة، فعندها ستعرف كم هي القنوات والكتب الأخرى ضالة، وستعرف كم فيها ما يشهد بصحة ما أنت عليه، وحينها لا تكون عرضة للضلال.. فما هي هذه القناة التي يجب أن نعطيها أهمية كبرى أولاً؟ إنها القرآن، بل قل إنها فهم حسين بدر الدين الحوثي لآيات قرآنية منتزعة من سياقاتها.. يقول إن القرآن هدى للناس.. لكن ما هي النظرة الصحيحة لهذا؟ إذ السائد عندنا أن القرآن يجعل الإنسان طيباً، يجعله يصلي ويصوم وو ولا يتدخل في شيء.. إذا فهمت القرآن هكذا، فهذا يدل على أنك لا تتعامل مع القرآن بإجلال، ولا تنظر إليه نظرة صحيحة، أنت تقدم القرآن أنه للقضايا الصغيرة طيبة وصلاة وصوم وحج وحلال وحرام، أنه عاجز ولا يمتلك رؤية للقضايا الكبيرة والمخاطر العظيمة..
بهذا الخصوص يمكن العودة إلى الملازم التالية: مسؤولية أهل البيت ص 7- وهي محاضرة ألقاها يوم 21 ديسمبر 2002.. وملزمة: مسؤولية طلاب العلوم الدينية- ص 1، 2، وهي محاضرة ألقاها يوم 9 مارس 2002.