الغاية التي يسعى إليها اليمنيون ويجب أن يعملوا لأجلها هي السلام، والمبعوث الأممي البريطاني إلى اليمن مارتن غريفيث عبّر بوضوح وبأكثر من مناسبة عن أولويته فيما يتعلق بالسلام، وهذا حديث دبلوماسي، لكن الواقع، بالنسبة إلينا كيمنيين، يتطلب قدراً من الصراحة بأن السلام لا يأتى إلا من أبوابه الضامنة وإلا تحول فرصة جديدة لتمديد الحرب.
ما نعنيه، أن علينا جميعاً ومن أجل السلام، أن نقف بدقة مع هذا الهدف، فليس الحديث عن وقف الحرب أو الدخول بهدنة يصنع السلام، الواقع والمنطق يقول إن من يريد سلاماً في اليمن اليوم، فطريقه الوحيد، ودون أدنى شك، هو الهزيمة العسكرية للحوثيين، الذين يقفون بوجهه في الغالبية العظمى المطلقة من اليمنيين بمختلف مكوناتهم.
ومن المؤكد أن السلام الذي لن يأتي إلا بمزيد من الخسائر الحوثية عسكرياً واستعادة عاصمة اليمنيين صنعاء، لا يعني السعي للقضاء على أي طرف، ولكن الطريقة الوحيدة لإجبار الحوثي على السلام هي الهزيمة العسكرية التي تعيد الجماعة لوضعها الطبيعي وتضعها أمام واقع أن هناك بلداً وشعباً سكانه يقتربون من ثلاثين مليون إنسان، يرفضون تسليم رقابهم لأي جماعة لا تعبر عن مصالحهم ووطنيتهم، بل تحمل أجندة ضيقة وتقود أتباعها إلى المحارق، من حق قادتها أن يعتقدوا ما شاءوا، ولكن ليس من حقهم أن يفرضوا رغبتهم على اليمنيين بقوة السلاح.
هذه المقدمات وغيرها تجعل كل حديث عن سلام لا يضع في اعتباره أن الحوثيين لن يسلموا شبراً واحداً دون خسائر عسكرية ميدانية، وكل حديث لا يضع هدفه الأول إعادة عاصمة لليمنيين، النقيض تماماً من الحرص على السلام، لأنه لا يعني سوى تمديد الحرب ولكن بمنح الحوثيين فرصة لالتقاط الأنفاس وتجنيد مقاتلين للزج بهم إلى محرقة لا تخدمهم ولكنها تزيد معاناة اليمنيين وتطيل أمد الحرب، ومن المستحيل أن ينتصر الحوثي أو أن بقاء احتلاله للمدن سيحقق له الاستقرار، فهو يخسر وإن توهم المكاسب وأصدر القرارات، وليس هناك في العالم من يعترف به كسلطة.
وبناءً على مختلف المعطيات، فإن السلام في اليمن، الذي يجب أن يدعمه المبعوث الأممي وكافة اليمنيين يكمن في سواعد المقاومة التي تتقدم في الحديدة وصعدة والبيضاء وحجة، ومختلف الجبهات، فهؤلاء هم الضامن الوحيد للسلام، والخيار الوحيد لليمنيين في مواجهة جماعة لا تفهم إلا لغة السلاح وتقود أتباعها إلى المحارق، لتعيدهم صوراً مؤطرة.
ومن الجدير بالإشارة تصريح خالد اليماني الذي قال إن الحوثيين أبلغوا الأمم المتحدة أنهم مستعدون للدخول بمفاوضات وتسليم السلاح، وهذا الكلام لا ينطلي على أدنى متابع، فالحوثي لا يبحث سوى عن فرصة لالتقاط الأنفاس وتجنيد الأطفال للدفع بهم إلى المحارق في الشهور القادمة.