حين كان الحوثي قد أعد فكره الديني الإرهابي العسكري ، وربط علاقاته المشبوهة مع ايران ، كتابع صغير وذليل لها، وعلاقته كذلك مع دولة عربية تسمى قطر ، عرفت كدولة مراهقة متهورة ، تسعى لدعم الإرهاب والجماعات الدينية المجرمة اينما وجدت.
هنا كان الحوثي قد أعد نفسه كعلاقات إقليمية ودولية مشبوهة، جاهزة لإنقاذه ودعمه في كل مراحله ، على المستوى الإعلامي والسياسي واللوجستي ، بدأ بداياته الاولى، وعبر عن نفسه بمظاهرات ، ورفع شعاره الكاذب "الموت لأمريكا" بعدها بأيام شنت الدولة حربها الأولى على الحوثي ، واستمرت بحروب متتالية وشددت الخناق عليه ، رغم زيارة قطر رسميا للرئيس صالح وطرحها مبادرة لإنقاذ الحوثي وتقويته ، رفضها صالح بكل جرأة ووضوح وشفافية ، وقال إن هذه المبادرة تجعل من الحوثي ندا للدولة.. وبالفعل كان هذا الأمر. استمر صالح بحروبه ضد الحوثي وقتل المؤسس حسين ، ولكن المشكلة كانت هي نفس المشكلة التي عانى منها التحالف ، وهي بأن الأخوان من كان يقود تلك الحرب، ورغم ذلك وسيطرة الأخوان وسخافة معاركهم ، ورغم الدعم الايراني والقطري ، ثم الدعم من المشترك عموما والاصلاح خصوصا للحوثي ، وكثير من المتباكيين والمزايدين ، كنكاية ومكايدة لصالح ، فقد استطاع صالح حصر الحوثي وخطره في دائره صغيرة محدودة جدا ، حتى 2011 وبسبب العلاقة المتراكمة بين الحوثي والمشترك ، دخل الحوثي صنعاء بالمظاهرات المشتركة بين الإصلاح والمشترك والشباب ، واتخذ من الانفلات الأمني والصراع السياسي والاجتماعي فرصة لتواجده ، وتوسيع نفوذه وسيطرته وتطوير معاركه، بعد ان كان هذا حلما بعيد المنال بالنسبة له ، بسبب يقظة صالح السياسية والأمنية ، ولكن حين سيطر الأخوان وهادي ، فقد اتخذ من ضعف إدارة الدولة وركاكتها وتفكك الجيش تحت وهم الهيكلة ، وتعقيدات الصراعات السياسية وعدواتها الشديدة، فرصته الذهبية ، فاستطاع أن يهزم عدوه التقليدي "الاصلاح" شر هزيمة، وأن يفرض سيطرته على صعده ، ثم على عدة محافظات بطريقه، حتى وصل صنعاء عسكريا ، بعد ان كان قد وصلها بالعديد من عناصره ، مواصلا الاعتصام مواصلة لثورة الاصلاح بإسقاط الدولة حتى النهاية ، كان الحوثي يتكلم عن السلام وانه حريص عليه ، ويلتقي بن عمر ، وفي اليوم التالي يفتح معركة ويقتحم مدينة ، وهذا هو الكأس الذي لابد بأن يشرب منه الحوثي هذه المرة.
هكذا بدا الحوثي ، بمظاهرات سواء بصنعاء او صعدة او عمران ، وبعلاقات سياسية ودولية مشبوهة، حتى سيطر مثل سيطرته مثل سيطرة داعش بالعراق وبعض مناطق سوريا، ومثل سيطرة الجماعات المتطرفة في ليبيا، ومثل وصول الاخوان الحكم بمصر ، ومعروف أن كل هذا تحقق عبر مجموعة من الاخطاء المتراكمة في البيئة الوطنية والتدخلات الدولية وأطماعها ودعمها لميلشيات ارهابية. ولكن كما يقال "ما بني على باطل فهو باطل" فلايمكن لجماعة برزت عبر اخطاء وامراض وتعقيدات وفشل النخبة السياسية والعسكرية بأن تصبح حالة طبيعية ، وبأن تدوم سيطرتها ، وانما كانت مرحلة سيطرتها أشبه بدروس قاسية عملية ومكثفة، لكل من انخدع بها وتساهل خطرها ، فتعرت كل مساوئها أمام الشعب ، فاتخذ قراره الذي لا رجعة فيه ، بإنهائها والتخلص منها ، كمعركة مفصلية وحاسمة ، وهو على وعي كامل بتحديات وتعقيدات معركته معها ، بما تمثل من ارتباطاتها بعلاقات مشبوهة، ومن يقف معها وبصفها من الدعم الدولي والآلة الاعلامية تحت ذرائع ومبررات مختلفة.
اليوم والحوثي في بداية النهاية ، فقد عبرت عن نفسها واتضحت جليا ، الدعم الدولي، والآلة الاعلامية ، وعودة الحوثي للمظاهرات كما بدأ مساره ، ولكن كل هذا لن يغير اطلاقا في وعي الشعب اليمني ، فهي لعبة مكشوفة جدا ، لقد انذهلت من بسطاء وعاديين يتكلمون عن هذا ويعبرون عن الحقيقة بمرارة ووعي وطني عميق ، مما جعلني أجزم بأن هذه معركة وطنية وملحمة عظيمة ، ستجتث الحوثي حتى النهاية ، ولن ينفعه كل من حشدوا لأجل إنقاذه على مختلف المستويات.
فهل يعي الآخرون بأنها معركة شعب ، وإرادة وطن ، لن تقهر مهما كانت التحديات؟!
وهل يعي الحوثي بأن كل هذا الدعم المشبوه له لن ينقذه اليوم.. ولن يستطيع اطلاقا بأن يغير من الحقيقة التي عرفها الكل بأن الحوثي ليس إلا ارهابيا شريرا ، ليس هنالك حل غير اجتثاثه وانهائه ، وان أي كلام آخر غير هذا ليس إلا للاستهلاك والمغالطة؟!
هل يعي الحوثي الإرهابي، انه لو قام اليوم بالف مظاهرة وبكى دما وليس دموعا على المدنيين، فإنه لن يصدقه شعب عرف حقيقته بعد تجربة مريرة ، ولن يتنازل هذا الشعب بإيقاف معركته معه مهما كان الأمر ومهما كلف الثمن ، فهي معركة شعب وقضية وطن وأمن قومي عربي ، سترفد بالف قائد والف فارس والف جندي؟!!