برغم الاغتيالات والغلاء غير المسبوق والقيود المفروضة على الزائرين والنازحين تأبي مدينة البخور والشاي العدني والفل اللحجي، إلا أن تزهر حباً وطرباً وتعايشاً.
أنت في عدن.. سواحلها تعج يومياً بآلاف العائلات؛ حالة تعافٍ على صعيد السكينة العامة تزداد يوماً بعد يوم،
يستغرب أحدهم من حدوث ذلك رغم استمرار حالة التصعيد الإعلامي والسياسي وفي وسائط التواصل الاجتماعي.
وكأن الشارع الجنوبي وخاصة العدني يقول للمفسبكين: دعونا نعيش.
تراجعت نغمة العنصرية بشكل كبير وملحوظ؛ لم يعد موجوداً منها في الشارع العدنى سوى نوادر محصورة في النكات والزبج بين الأصحاب، وربما يستخدمها البعض عند احتدام شجار أو مشادة مع شخص شمالي غير معروف؛ لكنها لا تلاقي الصدى الذي كان قبل سنوات قريبة ماضية.
شاب عدني في الحزام الأمني بإحدى نقاط عدن أطل من نافذة السيارة ثم ابتسم لي قائلا: اطلع أنا فدا لك.
مازحاً قلت لزميلة حقوقية قبل نزولي عدن: هيا كيف يا جنوبيين؛ يقدر واحد تهامي ينزل بلادكم والا ممنوع؟
قالت: "..انزل ومن يتعرض لك بانحميك برؤوسنا؛ انت مسؤول منظمة حقوق طفل وما لكش دخل بالناس التانيين".
حين تتحدث مع العامة هنا تشعر أن ذات الهم والطموح والحلم يراود الجميع. الامان والسلام والعيش الكريم. طموحات الناس بعيدة كل البعد عن صراعات الساسة وتجار الحروب.
عدن....مدينة عصية على التذويب والابتلاع الثقاقى والاجتماعي تماما كجبل شمسان.
لا شك بأن تبدلا ملحوظا في بعض الممارسات والسلوكيات المكتسبة كإطلاق النار في الاعراس وتراجع منسوب دماثة البعض في الطريق العام غير أن مدينة الهويات المتعددة ستبقى كذلك وستلفظ كل طارئ عليها غير منسجم مع نبضها الحي تماما كما تفعل خلجانها وشواطئها الجميلة على مدار الثانية. وسيبقى "فيها الهوى ملون"