طفشنا أكثر من اللازم والله ياخبره.
أربع سنوات من الدمار النفسي والبيئي والمجتمعي، خسرنا خلالها أشغالنا وبيوتنا وحوارينا ومدخراتنا، وتشتت شمل الأهل والأحبة والجيران، ودخلت الأحزان إلى كل بيت بما فيه الكفاية، ولم تضع الحرب أوزارها، ولم يحسم أي من أطراف الصراع الحرب لصالحه، ولا غضنفر منهم وقع طيب وباشت وابن حلال وعمل للناس في المناطق التي تحت سيطرته، على الأقل، حتى ربع دولة نعيش فيها بأمان.
كلهم تافهون وبلا مشاريع حقيقية من أجل دولة حقيقية تتسع للجميع، وعلى الرغم من كل الشعارات التي ساقوها إلينا، إلا أننا كشعب لم نجنِ منهم جميعا غير التعب والهلاك والخسران، وليس هناك على أرض الواقع أي مؤشرات حقيقية للسلام.
قالوا لنا إنهم يحاربون من أجل الوطن والسيادة والكرامة والحقوق والحريات والعدالة والمواطنة المتساوية، لكنهم خراطين.. تاجروا بأرواحنا وقضايانا، وخربوا بلادنا، ودمروا مستقبلنا، وجعلونا بفضل عنترياتهم من أفقر شعوب الأرض، وعيشونا في مهانة بلا ماء ولا كهرباء ولا صحة ولا تعليم، ولا يهمهم دولة ولا مواطنة ولا أياً من ذلك الهدار الفاضي الذي يرددوه على مسامعنا ليل نهار، ولم نشاهد لدى جميع الأطراف غير مجاميع من الصعاليك يتولون شؤون حياتنا اليومية كأي لصوص لهم في الحرب مكاسب ومغانم وفيرة لا يريدون لها نهاية، لأنها رزق ميسر تحت دواع بطولية وعنتريات لا جدوى منها بالنسبة إلينا كشعب طفشان.
شاهدناهم جميعاً خلال هذه السنوات الصعبة من عمرنا، وعرفنا أكاذيبهم، وأسألكم بالله قولوا لي هكذا بكل صراحة وصدق منو منهم عند أبوه مشروع دولة عدالة ومواطنة وحقوق وحريات وإخر إفسح؟ لا أحد بالطبع كلهم ذاهبون بنا إلى مزيد من التشتت والتشرذم والخراب وقلة الصنعة وسوء المصير.
الحوثيون في صنعاء ماسكين بشعر أم البلاد يجرونها خلفهم بقوة السلاح ذاهبين بها وبالشعب إلى مشروع ولاية الفقيه ومقتنعين أن شوالة الخرافات التي يحملونها فوق ظهورهم كفيلة بجعل اليمنيين شعب مرتاح وآمن ومبسوط وماعد ينقصه في الحياة شيء غير تتحرر فلسطين ويمسكوا اليهودي ابن اليهودي الذي قتل الحسين!
والإخوان من 2011 إلى اليوم وهم ماسكين تعز من رقبتها يسحبلوها بعدهم إلى مشروع الخلافة العثمانية، و"عبدالله أحمد علي" الفقيه المخضرم حقهم يشوف الفقر والبلاء والوسخ في الشوارع والنازحين في كل مكان ويطلع فوق المنبر حق الجامع يصيح "يا غارتاه... حفلة مختلطة في تعز !"، مع إن الواحد عندنا في اليمن كلها، ريفها وحضرها، عاده يستحي حتى يقول اسم أمه بين الناس، ويخجل الواحد منا حتى أن يسأل الواقفة إلى جواره في زحام استلام المعونات عن اسمها؟! ومع هذا يجي هاذاك القيادي الإخواني من ذلك الحزب الذي يقول بأنه يحارب من أجل الدولة المدنية الحديثة ويقولك "هناك اختلاط"!
والحراك الجنوبي في عدن ماسك له شغمة من الأراضي المحررة يديرها بأعلام وأطقم محملة بالآربيجي وبمجاميع من العسكر الذين يؤدون واجبهم لحماية أشخاص لا يستطيع أحدهم أن يوفر لمواطني الجنوب الذي يقاتلون من أجله حتى وآيت ماء!
وفي مأرب هناك دولة لا رقيب عليها، ولا تورد من أموال عائدات النفط حتى ريال واحد لخزينة الدولة..
وفي المهرة نخبة مهرية.. وفي حضرموت نخبة حضرمية.. وفي شبوة نخبة شبوانية.. وفي الرياض حكومة شرعية كسيحة لمت حوالينها نخبة من الرذائل وعديمي المواهب وقليلي الصنعة، ورئيس عجوز لا يستطيع حتى أن يزور مواطنيه الذين وعد بتحريرهم.. وإحنا بين جميع الأطراف المتحاربة مواطنين حانبين حنبة جن بصراحة، وما عد ندور منهم أي شيء غير السلامة وحسن الختام.