كيف يعيش النازحون خلال أربع سنوات من الحرب؟
بالتأكيد أيامهم صعبة وأوقاتهم رتيبة وأحوالهم المعيشية زي الزفت وغالبية الجهات في فرق المعونات الإنسانية تعتاش عليهم وتتكسب من معاشهم، وأتحداكم تلاقوا واحد يشتغل في أي منظمة حكومية أو دولية تهتم بشؤون النازحين ومش هو رابح وكاسب ومستفيد يغرف الفائدة بالُكريك!
هناك جشع مخيف وتسابق مروع على الفائدة حتى ولو كان ذلك على حساب قوت الغلابى الذين قذفتهم الحرب فجأة من بيوتهم ومدنهم وقراهم إلى مدن أخرى طالبين الستر والأمان في انتظار العودة إلى الديار وعاد فيش رحمة خالص حتى في قلوب أصحاب البيوت والقعارات.
وأينما كان هناك في هذه الأيام مكان آمن صالح للعيش في أي مدينة أو أي مربع سكاني تجد إيجار البيوت مرتفعة وباب التكسب من ظهور النازحين مفتوح على مصراعيه، ولا أحد يراقب ولا أحد يتعاطف ولا أحد يقول "مله ارحموا يرحمكم الله".
أقسم بالله أن الواحد يسمع حكايات مبكية لنازحين لاعد بيوت معاهم ولا أثاث ولا رواتب ولا مصادر للدخل ولا عد عندهم أحلام يشتروا حتى كيلو لحمة، وكل الذي يدوروا عليه الِستر والأمان داخل بيوت تأويهم مع أطفالهم وعائلاتهم ومع هذا لا أحد يرحم، لا أحد يبالي، لا أحد يشعر، والواضح أن لا أحد في الشرعية أو عند الانقلابيين مهتم أو معول ولا أحد يعرف إلى متى سيستمر هذا الحال من اللامبالاة وشحة الرحمة.
في عدن أصحاب العقارات ماعد يتكلموا معك إلا بالدولار والسعودي وكأنك نازح وآجي من أمريكا ورايح تسكن في منتجع الخدمات فيه آخر أبهة مع أنها بيوت بلاخدمات جيدة، وتعاني في سبيل الماء والكهرباء ومافيش مايكلف ولكنها بالنسبة لملاك العقارات ضربة الحظ وكله من فوق ظهر المساكين.
بعض أصحاب العقارات مغتربين يطلبوا الله خارج البلد وأمورهم ماشية كويس وحالهم مستور، ومع هذا كلما عرف أحدهم أن سعر العقار ارتفع في منطقة له فيه عقار يتصل بوكيله بسرعة من هاناااك يقوله "ارفع الإيجار من جيز الناس؟!" يشرح له الوكيل أنهم نازحين مساكين تاعبين "يقوله الذي مش عاجبه يروح مخيمات النازحين"!
على كل المستويات وكل الأصعدة هذه ألعن وأسوأ مرحلة في حياة اليمنيين، وهذه الحرب أكبر تجمع للسرق وللتافهين، وهذه المعاناة المتكاثرة التي يعيشها النازحون هي أدق مجهر لكشف معادن الجشعين وآكلي السُحت.