-ما هي الشروط التي توافرت حتى يعاود الحوثي محاولة الاختراق نحو الجنوب من نفس الجبهة التي تلقى فيها هزيمته الأولى عام 2015؟
-كانت جبهة الضالع، آنذاك، هي المحطة الأولى التي كسر فيها الحوثيون في هجومهم جنوباً. في هذه الجبهة عرف الحوثيون معنى الهزيمة لأول مرة منذ أن خرجوا من صعدة معلنين حربهم على اليمن واليمنيين، مدشنين أسوأ كارثة بقرار طائش سيسجله التاريخ باسم جماعة عنصرية أغرقت اليمن في الدم، وأدمت كل محاولات العيش والتعايش بسلام بين أبنائه.
-ظلت هزيمة الحوثيين في الضالع تشغل حيزاً واسعاً في العقلية العدوانية للحوثيين، وظلت الضالع، بامتدادها الوطني جغرافياً، وبالبعد النضالي التاريخي المشترك والمتجذر في المشروع الوطني الذي شكلت هذه المنطقة أحد روافعه الأساسية، محط اهتمام وعمل منظم، وتفكيك ممنهج، باستحضار كل العوامل التي تم تجنيدها لإعادة بناء المشهد على النحو الذي أصبحت آلياته تعمل على نحو موائم لمعاودة الهجوم في هذه الجبهة.
- وكان أن تجمدت جبهة الحديدة بعد أن تدخل العالم على نحو تعسفي، باسم الوضع الإنساني، متجاهلين حقيقة أن منح الحوثيين المزيد من الفرص لمواصلة الحرب هو الذي ينتج الكارثة الإنسانية على نحو متزايد.
- وشكل قمع حجور والبيضاء حالة من المعنوية التي أعطت زخماً لهذا الطيش الذي رمى بثقل بشري وعسكري ليس له أفق واضح في منطقة لا يمكن أن تكون من الناحية العسكرية مساراً لهدف عسكري أكبر سوى الانتقام منها على امتدادها الوطني، وكسر مكانتها في منظومة المقاومة التي تصدت وتتصدى لمغامراته الدموية العنصرية.
- ورغم أن ذلك محال، في ضوء ما أثبتته الأيام الماضية، إلا أن الحوثيين استفادوا من حالة التفكك التي مهدت لهذه المغامرة، وهي حالة ما كان يجب أن تسود على هذا النحو في منطقة يدرك جميع أبنائها على اختلاف مشاربهم السياسية والاجتماعية القيمة الوطنية لمقاومة هذا المشروع الذي يستهدف الجميع.
-لا أشك لحظة في أن هذا المشروع، الذي يتخبط من جبهة إلى أخرى في محاولة للتنكيل باليمنيين قتلاً وتدميراً، قد استنفد آخر أوراقه بحساب ما يسعى إليه من حكم اليمن، أو إقامة الدولة الطائفية فيه، ولم يبق أمامه سوى الانتحار على أسوار المقاومة الرائعة التي تصدت وتتصدى للحملات العسكرية التي تعيد إلى الذاكرة الوطنية الجرائم التي ارتكبها الإمام المتوكل اسماعيل بن القاسم بن محمد ضد اليمنيين وما أورثه من تاريخ أسود.
-لقد خان الحوثيون مشروع التوافق السياسي وغدروا بمشروع الدولة الذي كان كفيلاً بوضع اليمن على طريق الاستقرار والتطور الاجتماعي، ولم يكن ذلك غير استدعاء لهذا التاريخ بحمولته التي أدخلت المأساة إلى كل بيت من بيوت اليمنيين.
-لا يمكن لمن يقود هذا المشروع التدميري إلا أن يكون عصارة الجنون المقرف لمنظومة الحكم السلالي بشخوصها وأدواتها ودوافعها التي أبقت اليمن ضعيفاً متخلفاً وعرضة للتندر فيما أصابه من هوان على أيديهم.
*من صفحة الكاتب على (الفيس بوك)