سعيد بكران
أدوات تركيا في ميدان التحالف.. عن الضالع والحوثي والإخوان
تابعت كثيراً منشورات نشطاء الحوثي الإعلاميين من صنعاء المكتوب منها والمرئي في لحظتين هما: لحظة بدء الهجوم على قعطبة، ولحظة كسر الهجوم وإخراجهم من المواقع التي دخلوها..
في لحظة الاندفاع للهجوم كان الإعلام الحوثي وإعلاميوه محملين بآمال عريضة تقول إن الجنوب يعاني من الاحتلال،
شبابه بعشرات الآلاف في السجون، نساؤه يتعرضن للخطف والاعتفال من داخل البيوت ثم الاغتصاب على يد الاحتلال الإماراتي، ويتعرض أيضاً شباب الجنوب ورجاله للاغتصاب في السجون..
الحياة أصبحت جحيماً لا يطاق في الجنوب وفي عدن تحديداً، لأنها مركز الجنوب ومركز التحضير الإعلامي السابق الذي أنتجه إعلام الإخوان عبر الشرعية، وكان إعلام الحوثي يتلقفه بشغف وتصديق تام ويتبناه حتى صدقه بالفعل.
جحيم في الخدمات، وهذا حقيقي، وصناعته شرعية إخوانية جعلت الخدمات أداة حربية ليسقط المجتمع ويسقط خصومها الإقليميين والمحليين.
كان الإعلام الحوثي وناشطوه ممتلئين بهذه المادة الدرامية التي صنعها تيار تركيا وقطر في الشرعية في حربهم مع الإمارات والرياض وشركائهم المحليين، وتتطفل عليها إعلام الجماعة الموالية لطهران طبعاً بفعل العداوة بين طهران والرياض وأبوظبي.
وعندما انطلقت الهجمة على الضالع كان إعلام الحوثي وإعلاميوه متأكدين بشكل مطلق ونهائي أن الجنوب يتلهف قدوم المنقذ الحوثي من جحيم الاحتلال وسيكون في مقدمة الهجوم وسيخرج الجنوبيون لفتح الدروب وإسقاط المدن لطرد الجحيم واستقبال رياح النعيم والكرامة الحوثية.
سمعنا عن مقولات رمضان في عدن رمضان في ساحل أبين..
كانت الثقة تغمر الجماعة وإعلامييها بتكرار ما حصل في ألفين وخمسة عشر وأن الأمر لن يحتاج أكثر من 12 ساعة كما حدث سابقاً.
المشهد اختلف في اللحظة التالية..
انكسرت الهجمة عسكرياً في قعطبة، لم يكن الانكسار الأول للحوثيين، وهو أيضاً غير نهائي فبالإمكان أن يتقدموا ويستعيدوا بعض المواقع وهم متعودون على هذا.
لكننا تابعنا حجم ألم وعويل وهستيريا في إعلام عبدالملك، وعند ناشطيه جنون وبحر من الشتائم واللعنات للجنوبيين للضالع ليافع بشكل لم يسبق له مثيل.
ذلك الوجع الذي استعصى على الإخفاء سببه الصدمة من سقوط آمال وأحلام صنعها بالدرجة الأولى أكاذيب إعلام الإخوان وصدقها الحوثي واعتمدها وتحرك بناءً على أنه المنقذ العظيم الذي سيخرج له الجنوبيون في صفوف يحيون لجانه الشعبية ويرمون على أطقمها وشاصاتها الورود..
هذا المشهد من الصراع يحتاج لتأمل التحالف ومراجعة حقيقية لأدوار الشرعية التي حدث لها تعديل بانقلاب علي محسن وابن دغر على شكلها الأول الذي قام عليه التحالف وانطلقت معه عاصفة الحزم.
الدور الذي مارسته الشرعية الإخوانية في الجنوب منذ وصل ثنائي علي محسن وابن دغر لم يكن إلا في مصلحة الحوثيين إعلامياً وخدماتياً وسياسياً وأمنياً، حتى وإن ظن الإخوان وتيار تركيا وقطر الممسكون بمكتب هادي ومفاصل الشرعية أن ما كانوا يقومون به سيهزم خصومهم من الإماراتيين والجنوبيين، وبالتالي ستكون المناطق المحررة لهم ولمحورهم الإقليمي..
لكن في الحقيقة وعلى الواقع ليس لديهم القدرة على استثمار التخريب والإفساد المتعدد الوجوه الذي مارسوه وما زالوا تجاه الجنوب لا قدرة عسكرية وقتالية لديهم لتحويل كل ذلك الجهد التخريبي لجبهة خصومهم القريبين منهم.
القدرة العسكرية هي للحوثي الموالي لطهران وخطها ومشروعها وعليه تقدم الحوثي للضالع أملاً في استثمار ما بذله خط إسطنبول الدوحة من جهد كان يعتقد أنه سيذهب له..
اليوم ستلاحظون أن ما يقوله ناشطو الحوثي كالاملحي مثلاً عن عدن يقوله ناشطو الإخوان في الشرعية أو خارجها.
نفس المادة المعادية ونفس المصطلحات وكذلك نفس الخصوم: الإمارات، المجلس الانتقالي، السلفيين، طارق عفاش.
عدوهم واحد وخصمهم واحد حتى ينهزم وينكسر وبعد أن ينكسر سنعود لصراع النفوذ بين طهران وإسطنبول ونرجع من جديد للعبة المجوس والدواعش ومعادلة الكر والفر.