كل ما كان ينقص هذي البلاد للحاق بالعصر تحقق الآن على يد جماعة الحوثيين وخطباء العمات السوداء وإحنا أساساً ما كان ناقصنا شيء غير اللطميات!
لم نكن بحاجة إلى كهرباء مضاعفة، ولا بحاجة إلى تطبيب محترم يغني المرضى عن السفر إلى الخارج، ولا تنقصنا المدارس ولا الجامعات ولا الحدائق ولا المتنزهات ولا شبكة طرق ولا مدن سكنية تأوي الناس، وما نفعل بهولا كلهن وقد معانا الآن ملازم سيدي حسين بدر الدين الحوثي، نقرأهن بس وعنستضي ونتباخر ونتعلم ونمشي في الطريق آمنين ونعمل كل شيء واحنا داغزين ريش!
ولم نكن بحاجة إلى اقتصاد يشبعنا من جوع، ولا نحتاج إلى فرص متكافئة في سوق العمل، ولسنا بحاجة لتطوير مواردنا السياحية، وما نشتي فن ولا نشتي أدب ولا نشتي ثقافة ولا تنقصنا الرفاهية، وما نفعل بهولا كلهن أصلا وقد معانا الآن قرآن ناطق ونقرأه بس وكل هولا القلافد عيتناكعين إلى أحدافنا من السماء. واحنا الآن بين الدول كلها أحسن دولة في الـ"طق طق طق"، وما في بالعالم كله شعب مطقطق مثلنا، وما ينقصنا شيء في الحياة عشان نعيش برفاهية مستدامة غير الزوامل ومشاهدة شعبنا اليمني العظيم مبندقاً يلطم نفسه ويشرخ رأسه بالسيوف في الميدان وفاءً لدم الحسين!
هاذاك كان زمان لما كان المواطن في اليمن يحفي وهو يدور حتى ربع كيلو لطميات وما يلاقي، ويجي يوم عاشوراء واحنا مساكين ومحرجين من علي ومن فاطمة نتلبج في السوق ندور حتى لطمية واحدة وما نلقى، أما اليوم إحنا في نعيم ياذاك، والسيد عبد الملك الحوثي، الله يرزقه، دبر لنا اللطميات من الجن وما خلانا نحتاج لأي لطميات من أي مخلوق كان. بل إنه أصبح لدينا خلال خمس سنوات من انقلاب الحوثيين على السلطة لطمياتنا الخاصة التي يمكن لنا أن ننافس بها لطميات أجدعها شيعة في الكوفة أو حتى في قُم نفسها، وهذا كل طبعاً بفضل سيدي عبده الذي صنع لنا اللطميات في الجروف ووزعها على الشعب مكرمة منه منسب نرتاح ونتطور ونهزم أمريكا وإسرائيل والعدوان بلطمية واحدة!
ويوم الجمعة الفائتة كنت مقعللاً في البيت أشاهد التلفاز، واستمع إلى خطيب شيعي يتحدث من فوق المنبر عن مقتل الحسين وهو يبكي ويصرخ من شدة هول الكارثة التي حلت بآل بيت رسول الله، وشعرت لكأنه كان يشاهد مقتل الحسين امام عينيه مباشرة على الهواء وكان قلبه يقطر دم على الحسين!
ومع أن لدينا اليوم في واقع الحال كربلاءات كثيرة في كل الجبهات الداخلية، حيث يطحن اليمنيون بعضهم البعض كل يوم بوحشية أشد ألف مرة من وحشية قتل الحسين في كربلاء! لكن ذلك كله لم يحرك مشاعر الأسى والحزن في قلب خطيب العمة السوداء! بينما يحشد جماعة الحوثيين الطاقات للقتال في سبيل الحسين وعلي وفاطمة، وهي جماعة عمياء لا تشاهد عذابات اليمنيين ولا تشعر بها، على أن كل الدماء التي تسيل منذ خمس سنوات إلى الآن ليس لها أي معنى عند رجل الكهف!
والمؤلم أن كل ذلك التحشيد الطائفي لخوض حروب وأحقاد الماضي الذي لم نعشه ولم يكن لنا دخل فيه يتم الآن فوق رؤوسنا نحن اليمنيين وعلى حساب خراب بلادنا التي عرفت الله ووحّدته وعبدته قبل أن يعرفها النبي وعلي وفاطمة والحسين وبقية الأهل والأصدقاء في السيرة النبوية نفسه. وأن كل الدماء التي سالت ولا تزال تسيل حتى هذه اللحظة على الأرض اليمنية في معارك الثورة والجمهورية والوحدة هي عند الحوثيين وخطباء العمة السوداء مجرد كركديه لا يساوي قطرة دم واحدة سالت في كربلاء!