د. عادل الشرجبي

د. عادل الشرجبي

تابعنى على

اليمن.. أحزاب قبلية ووظائف الدولة ورجال الدين

Monday 23 December 2019 الساعة 07:26 am

القبيلة تنظيم أهلي "primordial organization"، تسعى إلى مناصرة أفرادها، والدفاع عن مصالحهم الفردية، وضمان حصول أفرادها على امتيازات وموارد.

وفي حال ضعف الدولة، تستخدم القبيلة وسائل غير قانونية للضغط على الحكومة لتنفيذ مطالبها، فتقطع الطريق من أجل توظيف بعض أفرادها، وتختطف أشخاصاً للضغط على الحكومة من أجل الإفراج عن أحد أفرادها المسجونيين على ذمة قضايا جنائية.

في مقابل ذلك فإن الحزب هو تنظيم مدني "civil organization" يتبنى القضايا والمشكلات العامة والوطنية، ويسعى إلى تغيير السياسات العامة أو التأثير عليها، بما يحل مشكلات البطالة والفقر ومكافحة الفساد وإصلاح القضاء وتحسين أوضاع السجون.

وبالنظر إلى الحياة الحزبية في اليمن فإن بعض الأحزاب تبنت ثقافة سياسية مشوهة، وبات كل همها متركزا على اغتنام الدولة، والاستحواذ على الوظيفة العامة والمال العام وتسخيرها لخدمة أعضائها، وضغطت على رئيس الجمهورية من أجل تعيين أعضائها في وظائف قيادية مدنية وعسكرية وأمنية ودبلوماسية.

هذه الأحزاب هي أقرب إلى التنظيمات القبلية منها للأحزاب، ولا تحمل من الحزبية سوى الاسم فقط، بل إن بعضها ما زالت غير مؤمنة بالحزبية، وتتخذ تسميات أخرى ك"مؤتمر"، "تجمع"، أو "تنظيم".. التزاماً بتوجهاتها الإيديولوجية القديمة، المناهضة للحزبية.

وبالنسبة لرجال الدين.. فالعلمانية في الغرب حررت الدولة من هيمنتهم، وفي الشرق الإسلامي نريد علمانية تحرر رجال الدين من هيمنة الدولة.

فقد بات جل رجال الدين مجرد مشرعنين للديكتاتوريات الحاكمة عبر مقولة طاعة ولي الأمر، التي أساءوا فهمها وتفسيرها.

القضايا الأخلاقية مثل:

اللبس المحتشم، الصدقات، اجتناب أكل لحم الخنزير وشرب الخمور، الاختلاط، غض البصر ... إلى آخره، وحتى ممارسة الشعائر الدينية كالصلاة والصوم والزكاة، كلها من وظائف العائلة والمؤسسات الثقافية، وليست من وظائف السلطات العامة (أو الدولة).

أما الدولة فوظائفها تتعلق بتوفير الأمن والعدالة لمواطنيها، والدفاع عن الوطن بواسطة جيش محترف ونظامي، وإقامة المشروعات العامة، وتنظيم الأسواق.

ولكن هناك سلطات عامة تتخاذل عن القيام بوظائف الدولة وتركز على الوظائف الأخلاقية (التي هي وظائف العائلة)، وأكثر من ذلك لا تمارس هذه الوظائف بالحكمة والموعظة الحسنة، بل بالقوة والقسر، كما هو الحال مع هيئة الأمر بالمعروف في السعودية، والسلطات التي تفعل ذلك هي سلطات دكتاتورية، تسعى إلى استمرار هيمنتها على الدولة بدعوى أنها تحافظ على الدين.

* جمعه نيوزيمن من منشورات للكاتب على صفحته في الفيسبوك