دفعت حارة الجحملية ثمناً باهظاً لسلوكها المتعايش ومدنيتها وطيب معشرها، لكن الحرب طحنتها، ولم يرحمها أحد من الذين تولوا أمرها، سواءً من الحوثيين الذين جلبوا إليها التعاسة والويلات، أو من جيوش التحرير الذين تشاوطوا نهبها وتدمير مقدراتها وكان حظها سيئاً مع المليشيات الدينية التي تعاقبت السيطرة والنفوذ عليها، وما من طرف من جماعات الله، خاف الله وقاد الجحملية وأهلها إلى الجنة المأمولة، بل إنهم جميعهم تاجروا بأحزانها وجعلوا حظها مع الجحيم أكبر مما يحتمله الإنسان.
وهي الآن منذ خمس سنوات حارة شبه مهجورة وأهلها نازحون، بيوتهم مهدمة ومنهوبة ويتولى أمر هذه الحارة الآن في هذا العهد الطرطوري صعاليك لا يريدون للناس أن يعودوا إلى حارتهم وإلى بيوتهم بينما تغض سلطة الأمر الواقع الطرف وتدعمم عن كل الممارسات السيئة والمناطقية والعنصرية التي يقوم بها ممثلوهم في حق من تبقى من السكان وفي حق من يحاول العودة إلى الحارة ليتسنى له العيش ثانية داخل بيته في مسقط راسه ولا يعرف الأخ محافظ المحافظة أن هناك استاذا يدعى "عصام الصغير" يكنى باسم "أبو محمد" يقول بأنه ضابط أمن مديرية صالة يمارس الابتزاز بصور مختلفة، وأي نازح من أهالي الجحملية لا يمكنه العودة إلى بيته إلا بأخذ الموافقة من الأستاذ الضابط الحاكم الفعلي للجحملية ومن لا يروق له من أهالي الجحملية يحبسه ويسجنه ويعذبه وينكل به براحته وما فيش لا رقيب ولا حسيب.
وما فيش دكان في الجحملية إلا وهو مطالب بدفع الإيجار إلى عند الأستاذ الضابط، وحتى المقاوتة الذين في الجحملية لا بد أن يدفعوا له العرصة، وكان ذلك الأستاذ عسكريا في الجيش تم ترقيته ليصبح ضابطا في الأمن يتحرك في الحارة المهجورة مع عسكر صعاليك، الجحملية، وبيوتها الفارغة بالنسبة إليهم فيد كبير، كما وأن هذا الأستاذ المدعوم من سلطة الأمر الواقع وسيطر على بئر مياه صالة الذي يعتمد عليه أهالي الجحملية للشرب، وتجارة الماء في الحارة المغضوب عليها رابحة والوايت بالشيء الفلاني!
الاخ محافظ محافظة تعز، لا يكفي أن الجحملية حارة مهملة بلا خدمات ولا كهرباء ولا صرف صحي ولا سوق للبيع والشراء، وشربة الماء والعثور عليه فيها من الأمور الصعبة التي يعاني منها الأهالي، في الوقت الذي يوجد في الجحملية سبعة آبار من أوقاف جامع العرضي، كان أبو العباس أثناء سيطرته على الجحملية قد حصل على مولد 30 كيلو تبرعت به دولة الكويت لحل مشكلة مياه الشرب لكن أبو العباس قام بضخ مياه الآبار من العرضي إلى حارة المستشفى الجمهوري وعلى عينكم يا أهالي الجحملية!
على أن حواري تعز مثل المدينة القديمة والمسبح والضبوعة يرتووا من آبار مشروع المياه الواقع أساسا في مربع حارة الجحملية بينما يعاني أهالي الجحملية من العطش والظمأ والماء يجري قدام عيونهم، وهناك في حي المستشفى العسكري، في مربع الجحملية أيضاً، خزانات مياه كبيرة يا معالي المحافظ لا تحتاج إلى معدات ضخ ليصل خيرها إلى أهالي الجحملية المتعبين، لكن مشروع المياه هو الآخر يتاجر بمعاناة أهالي هذه الحارة المنكوبة ويبيع الوايت الماء بسبعة الآف ريال تحت علم ومباركة قيادة اللواء 22 ميكا الذي يفترض به أن يكون جيشا وطنيا مهمته حماية الناس من السرق وتطبيع الحياة المدنية في الحارة المنكوبة والحفاظ على مدخراتها وممتلكاتها وإعادة الحياة إليها وتطبيب الجروح وتشجيع عودة الأهالي إلى بيوتهم وإلى حارتهم التي تناوب في أذيتها طراطير كثر استباحوا البيوت المهجورة وأصبحت نزلا لهم ولجماعاتهم المبندقة التي تقول إنها حررت تعز من ظلم مليشيات الحوثي الطائفية!
ولا أعرف ما هو رأي الأخ محافظ تعز فيما يحدث للأهالي ولا ما هو رأي سلطة الأمر الواقع ولا ما هو رأي مشجعيها الذين ادوشوا رؤوسنا هدار عن حقوق الإنسان وعن دولة العدالة والمساواة والنظام والقولون؟! هل سيتحرك لهم ساكن على الأقل لإنقاذ سمعة الشرعية أم أن الموضوع، كما يبدو في الواضح، عقوبة جماعية لحارة عتيقة مظالمها كثيرة وسكانها لا يزالون حتى هذه اللحظة مشردين في كل مكان، والشرعية مجرد عباءة يتدثر بها لصوص وعابثون آخرون عبثهم تجاوز عبث الانقلابيين الحوثيين؟!