محمد عبدالرحمن
هل ستنتقل كفالة الحوثي من إيران إلى السعودية..؟!
يكشف السفير السعودي آل جابر أن الاتصالات مع الحوثي تجري بشكل يومي، في الوقت الذي تشهد العديد من جبهات القتال معارك شرسة يحاول فيها المقاتلون صد هجمات الحوثي في ظل التخاذل النسبي لطيران التحالف في المساندة، وكأن الأمر نتيجة التنسيق اليومي الذي كُشف مؤخراً بين السعودية والحوثي.
تغرق اليمن في الصراع والجثث والأوبئة، يقاوم اليمنيون جوائح الحوثي والجماعات الإرهابية، ويحاول الناس أن لا يتركوا فرصة للتأقلم مع سلطة الأمر الواقع التي تتسرب بين ضلوعهم كالسل، لكن الأمر ربما لن يدوم طويلاً، ولن يترك لهم فرصة للنجاة في ظل الرغبة الملحة للسعودية بالتخلي عن اليمن كمنظومة دولة وجمهورية وقانون، وذلك من أجل أن تكسب جماعة الحوثي.
التنازل السعودي عن أهداف اليمنيين التي من أجلها شُنت عاصفة الحزم قبل خمس سنوات دمرت كل شيء، أصاب الناس بدهشة جعلتهم يدركون أن الحرب والسياسة في الواقع شيء وفي خطابات الإعلام شيء آخر، كيف لحرب أجهضت اليمنيين ومستقبلهم تنتهي بشكل دراماتيكي بفتح السعودية حضنها الدافئ بالمال لجماعة الحوثي العدو المشترك للشعبين اليمني والسعودي، والتهديد الدائم لمصالح المجتمع الدولي..!!
الدعوات السعودية الأخيرة للحوار مع جماعة الحوثي، دون مراعاة مصالح اليمن والأطراف المقاومة، هي دعوات لاستباحة الدم واستمرار نزيفه من الجبين اليمني، هي شرعنة ووصاية لجماعة تمارس أبشع وأحقر أساليب التعذيب والخداع والمكر، جماعة يرفضها المجتمع فكراً وعقيدةً، جماعة يقاتلها اليمنيون ويقاومونها بكل وسائل المقاومة، ولن تتوقف هذه المقاومة وإن ارتمى الحوثي في حضن العالم.
بدأت الحرب والحوثي في حضن إيران، تغذيه بالمال والسلاح، وتطعمه فكراً ومنهاجاً، وتحشيه مكراً وإرهاباً، قاتل من أجلها، وسفك دماء اليمنيين كي تنعم عمائم طهران بالأمن والاستقرار، من أجلها هدد السعودية وقصف مدنها ومنشآتها النفطية، أزبد وأربد وتوعد بهدم البيت السعودي وإسقاط نظام الحكم فيه، ثم فجأةً نجد أن الحضن السعودي يُفتح للحوثي ويدعوه للارتماء فيه وكأن لا شيء قد حدث ويحدث.
ربما قد نخطئ في التحليل وأن ما يحدث من شواهد تثير الاستغراب ليست هي الحقيقة، وأن ما يجري هو نتيجة الضغوط التي تعيشها المملكة، بسبب الصراع في أسواق النفط، وجائحة كورونا، ومشاكل الجنوب، والتهديد الإيراني المستمر، لكن ما يؤكد تحليلنا هو الإصرار والإلحاح السعودي في احتواء الحوثي على حساب اليمنيين ومحاولات نقل كفالته من إيران، لتصبح جماعة الحوثي هي الذراع السعودي التي تفتك باليمنيين.
الحوار مع الحوثي في ظل تنامي قوته وسيطرته على سلاح التحالف واستمرار سيطرته على صنعاء وميناء الحديدة والآن على مشارف غاز مأرب، هو حوار يقضي على آمال اليمنيين، وسينعكس سلباً على الأوضاع في الجنوب، وسيعزز من استمرار الحرب والصراع الداخلي بين المجتمع وهذه الجماعة الإرهابية، ولن يكون هذا الحوار يصب في مصلحة السعودية ودول الخليج بشكل عام.
إذا كانت السعودية تبحث عن تأمين نفسها من صواريخ جماعة الحوثي وتهديداتها الدائمة عبر الحوار معه واحتضانه فهي واهمة ولا تدرك مكر وخداع هذه الجماعة الشيطانية، لا حوار يحقق السلام الدائم بدون كسر هذه الجماعة وتقليص حجمها، وقصقصة جوانحها، وإعادتها إلى حجمها الطبيعي دون سلاح تستقوي به على اليمنيين وتفرض به فكرها وسياستها، لكننا نرى أنها -أي السعودية- تحفر زعزعة أمنها واستقرارها بإصرارها على نقل الكفالة الحوثية من إيران إليها.