حسين الوادعي

حسين الوادعي

تابعنى على

بين رهانين..!

Monday 06 July 2020 الساعة 11:02 am

في إطار الجدل المستمر واللا منتهي بين الإلحاد والإيمان كان الفيلسوف الفرنسي باسكال قد طرح رهانا فلسفيا شهيرا هو رهان باسكال Pascal's Wager.

يقول الرهان إنه: من الصعب إثبات وجود الله بالعقل، لكن في نفس الوقت من الصعب إثبات عدم وجوده.

لكن هذا لايعني أن امكانيات وجود الله من عدمه هي 50% مقابل 50%، بل يذهب باسكال الى ترجيح فرضية ان الله موجود.

لكن بحكم استحاله اثبات وجود الله كان الحل هو القيام بنوع من المقامرة أو الرهان الفلسفي. 

هذا الرهان قائم على فكرة انك اذا آمنت بالله ستكون رابحا سواء كان الله موجودا أو لا! 

فاذا كان الله موجودا فزت بالسعادة في الدنيا والآخرة.. واذا لم يكن موجودا فانك لن تخسر أي شيء.

أما اذا لم تؤمن بالله وكان الله موجودا فعلا فانك ستكون قد خسرت الدنيا والآخرة وهي خسارة أبدية.

اشتهر هذا الرهان الفلسفي، وتبناه اغلب رجال الدين المسيحيين، ثم انتقل الى الجدال الديني الاسلامي على استحياء. (اللعب في منطقة الأمان).

استفز رهان باسكال الفلاسفة اللادينيين وطرحوا بدلا عنه رهان الملحد Athiest's Wager.

رهان الملحد يقول انه: إذا آمنت بالله ثم مت ولم يكن الله موجودا ولم يكن هناك بعث وآخرة تكون قد خسرت كل شيء لانك بنيت حياتك على وهم.

كما ان الايمان بالله لا يعني انك ستعيش حياه فاضلة أو سعيدة فقد تؤمن بالله وترتكب افظع الأعمال.

وقالوا :ان هناك رهانا افضل وهو ان تعيش حياة أخلاقية وتعمل الخير.

فاذا عشت حياه أخلاقية وفعلت الخير طول عمرك فانك كاسب في كل الحالات.

 فاذا كان الله موجودا (والله محب للخير) فانه سيجازيك ويدخلك الجنه.

واذا عشت حياة اخلاقيه وفعلت الخير طول عمرك وكان الله غير موجود، تكون قد كسبت كل شيء لان الحياه الدنيا هي كل شيء في مثل هذه الحالة.

لكنك اذا عشت حياه غير أخلاقية و فعلت الشر وانت تؤمن بالله فانك في هذه الحاله ستذهب الى النار وستكون خسرت كل شيء.

اما إذا عشت حياه أخلاقية وفعلت الخير لكن الله ادخلك الى جهنم فهذا هو الاحتمال الوحيد للخسارة وهو احتمال غير مؤكد.

وبالتالي حسب رهان الملحد تكون قد كسبت ثلاثه خيارات من أصل أربعة خيارات أساسية.

من نافلة القول ان مثل هذه الحوارات الفلسفية جرت وتجري في ثقافة انجزت مهمة النهضة والاصلاح الديني والتنوير وانتصرت للعقل وتبنت صورة "الإله المحب".

أما الثقافات الأخرى التي لا زالت في مرحلة الايمان القهري الوراثي وصورة الإله المحارب فمن الصعب عليها تقبل هذه النقاشات او حتى التفكير فيها.

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك