من خدمة إنسانية إلى مسالخ لجيوب المرضى من الفقراء، هكذا هي مستشفيات ذمار الحكومية والخاصة، لا كفاءة في الممرضين ولا رحمة لجيوب الناس، ولا خدمات تليق بإنسان يبحث عن الاستطباب في بلد ينخره المرض في كل مفاصله، يموت الشخص بحسرة مرضه الذي خسر من أجل الدواء جل ما يملكه.
مستشفيات ذمار هي أسوأ محطات الشفاء للناس، وأردأ مكان يذهب إليه المريض بدافع أن يُشفى من مرضه، يدخل بقدميه بعلة واحدة، ويخرج بعشرات العلل، هذا إن خرج ولا يزال يتنفس، أما العُرف الصحي في ذمار هو أن يخرج المريض مُسجى في كفن، أو مصاباً بشلل تام بعد أن نهب المستشفى كل ماله دون فائدة.
هناك معيار ثابت تستخدمه مستشفيات ذمار مع كل المرضى هو مقدار ما سوف تنهبه من مال، وكمية الكسب والربح الذي يمكن أن يمنحه المريض للمستشفى، لا يهم ما هو المرض والعلاج، ولا يهم أن يكون المريض مصاباً بأزمة قلبية أو بإنفلونزا موسمية، المهم هو المال وفاتورة العلاج، والعلاج الذي لا يمكن شراؤه إلا من صيدليات يحددها الطبيب.
مستشفى ذمار العام الذي كان هدية هولندا للناس، أصبح اليوم مسلخاً لجيوب الناس وحياتهم، مبنى لا اهتمام به، وكادر صحي غير مؤهل، وأطباء يمارسون أعمالهم بنزق واستهتار، لأن عياداتهم الخاصة تنتظر المرضى، وثلاجة الموتى أصبحت تحصي جثث المقاتلين الحوثيين القادمة إليها والمغادرة منها بشكل يومي.
ذمار المدينة وما جاورها من القرى، تستغيث من هذا الرعب الذي يسكن المستشفيات، خوف من الموت والأخطاء الطبية المتكررة، وخوف من بيع كل الممتلكات من أجل تسديد المستشفى، لم تعد الناس تطيق هذا السلخ لجلودها، ولا تحتمل أكثر من هذا العناء والظلم.
الفقراء في ذمار إذا مرضوا أصبح الدعاء سلاحهم الوحيد أمام الداء، لا يقدرون على الذهاب إلى المستشفيات، ليس لديهم الأموال الكافية لدخولها، ولا يملكون القدرة على تحمل التكاليف الباهظة لأشياء بسيطة، حيث إن المستشفى يهوّل من حجمها وخطورتها من أجل أن يحصل على أكبر كمية من المال، ولا يهمه شيء آخر.
ولأن الناس بسطاء في ذمار مؤمنون بالقضاء والقدر، ولأن الكادر الصحي غير مهني وغير كفء، فإن الأخطاء الطبية تتكرر بشكل اعتيادي مما يؤدي إلى زيادة الوفيات من المرضى الذين يدخلون المستشفيات، يخطئ الطبيب ويقتل المريض، ثم يخرج يقول لأهل القتيل إنه وصل ميتاً، أو أنه تأخر في الوصول.
جرائم مستشفيات ذمار لا تتوقف عند سرقة الأموال من جيوب المرضى، بل إنها تتجاوز ذلك، ويكون القتل عبر الأخطاء الطبية جريمة ليس هناك من يفضح القاتل، ويحرض الناس أن المريض كان يجب أن يكون على قيد الحياة لولا القتل بالخطأ الطبي.
أشياء مهولة ومعاناة صعبة يتكبدها المرضى، دون أن يجدوا من يحميهم من هذا العذاب والألم المستمر، لا دولة ولا قانون يردع اللصوص في المستشفيات، ذمار محافظة يكثر فيها الجهل والأمية، الناس بسطاء تقتلهم تكاليف العلاج والأخطاء الطبية، وتقتلهم الدولة والقانون بالغياب الذي عمّ كل البلاد بعد سقوطها في صنعاء.