فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

شعب مقصوف عمر

Thursday 06 August 2020 الساعة 11:12 pm

قرأنا في الأخبار أن الخبراء في معهد سياسات الطاقة بجامعة شيكاغو الأميركية أكدوا أن بيانات مؤشر جودة الهواء عندهم أثبتت أن الهواء السيئ صار أكبر خطر على صحة البشر.. إنه يتسبب في إصابتهم بأمراض متعددة، ويقصر أعمارهم.. ومثال لذلك الهند، حيث يؤدي تلوث الهواء في بعض مناطقها إلى تقليل الأعمار المتوقعة لحياة الذكور والإناث في هذه الدنيا بمقدار عشر سنوات.

فقلنا: هذا في الهند، وهي ما هي! فكم يأخذ التلوث من عمر أي رجل أو امرأة أو طفل هنا في بلادنا- اليمن؟

أهويتنا ملوثة من تحت، من فوق، من اليمين، من اليسار، من الأمام والخلف.. أينما اتجهت تحاصرك القمامات، وجيف الكلاب والقطط والبقر والجمال والأغنام، وسائر الأنعام الثمانية، والاسماك أيضا.. هواء السماء فوقنا تلوثه مطاحن الاحجار والمصانع الخردة، والسيارات المتهالكة، ومخلفات البناء، والبلاليع، والصواريخ، والبنادق، والذخائر، والبلاستيك وسائر المواد الكيميائية.

أينما اتجهت في عدن ترى جبالا من القمامة، وترى مثلها في تهامة ومأرب وصنعاء وتعز، وفي كل المدن، وحتى في القرى التي كانت إلى ذات يوم قريب مهوى الباحثين عن الهواء النظيف السجسج.

يجتهد مواطنون في سبيل إماطة الأذى عن الطريق، ولكي يجنبوا أنفسهم وأفراد أسرهم السموم وروائح الجيف، فلا يجدون طريقة سوى رش أكوام القمامة ببعض النفط ويوقدونها فترى السماء وهي دخان.. والمادة لا تفنى حتى لو كانت دخاناً.

ذات يوم رأينا سحابة بيضاء تصعد إلى السماء من طرف المدينة، فقلنا لعله حريق تسبب به صاروخ باليستي، فرحنا نبحث عن الخبر، فإذا بنا أمام جبل من قمامة يقوم منظفو البيئة بحرقه حرقاً بترولياً حاراً.

ويقول لنا الخبراء في معهد سياسات الطاقة بجامعة شيكاغو: إن تلوث الهواء ينقص من عمر الأميركي سنتين، ومن عمر بنغالي أو هندي عشر سنين، فيا لهم من ممازحين!! ما ضربوا المثل إلا بالهند.. ما وفقهم الله إلا بمثل من بلاد موهنداس كرمشاند غاندي (المهاتما غاندي- الرائحة الزكية).. كانوا يجوا عندنا ويشوفوا، وينزلون مقاييسهم على أرضنا، ويرفعون معاييرهم إلى سمائنا.. إنهم لو فعلوا، سوف يكتشفون كم ينقص التلوث من أعمار اليمنيين؟ كم يقصف تلوث الهواء من السنين التي يتعين أن يبقى فيها اليمني على قيد الحياة؟ ومن يدري، فربما وجدوا أن العدني يموت قبل موعد الموت المفترض بعشرين سنة.. والتهامي ينقص من عمره عشرة أيام من كل شهر.. والصنعائي يموت قبل الأجل المسمى بثلاثين سنة.. أما التعزي -رحمه الله- فينقص من عمره شهر كل شهر ونصف.. وهكذا.. وهكذا.