يا ليلُ أحرقنا الجماجمَ في الطريقِ إلى الصباحْ
ما لحظةٌ، إلاّ وأشعلْنا ملايينَ الجراحْ
لم يبقَ في أجفانِنا نجمٌ يضيءُ، ولا سلاحْ
وديانُنا جفَّتْ فلا عشبٌ هناك، ولا رياحْ
وظلامُنا باقٍ، وأنتَ مسمَّرٌ فوق البطاحْ
ماتَ "الوِشاحُ"، فراعَنا في كل منعطفٍ "وِشاحْ"
* * *
يا ليلُ هل في أرضِنا، في شعبِنا، أبداً مقيمْ؟
هل أنت أقوى من شموسِ العصرِ، موصولُ السَّديمْ؟
أيامُنا تمضي، كأنّا موثقونَ إلى الجحيمْ
يتقيّأُ الماضي الدَّمامةَ فوق حاضرنا الدَّميمْ
وتلفُّنا يا ليلُ، منكَ عباءةُ العهد القديمْ
هزَّتْ مواجعُنا الصُّخورَ، وأنتَ مُرْبَدٌّ بهيمْ
* * *
يا ليلُ خلفَ جراحِنا، وهمومِنا يصحو النهارْ
تتمردُ الشمسُ الحزينةُ، تصنعُ الصبحَ الشَّرارْ
يتغسَّلُ الإعصارُ والبركانُ في الدمعِ المُثارْ
مهما طغَتْ أشباحُكَ السوداءُ، ألْوَتْ بالدَّيارْ
وبنَتْ جداراً منْ جماجِمنا؛ تردُّ بِهِ الدمارْ
لا أنتَ باقٍ أيها الليلُ القديمُ، ولا الجدارْ
* من ديوان "لا بد من صنعاء"