سعيد بكران

سعيد بكران

تابعنى على

عدن وإعلام الترويع لأغراض سياسية

Monday 19 October 2020 الساعة 12:00 am

لا أحب منهج مقايضة أي جرائم بأي مدينة مقابل جرائم أو مشاكل مدينة أخرى، لكنني أريد أن أطرح السؤال التالي:

في وادي حضرموت لا يمر أسبوع دون حادثة أو حادثتي اغتيال وقتل وسط المدن في الشوارع العامة داخل محلات في أسواق وفي وضح النهار وخلق الله تشوف وأحياناً كثيرة أكثر من حادثتي اغتيال في أسبوع واحد، ومنذ خمس سنوات ومنها عمليات قتل بالجملة.. ماذا لو أخذت هذه الحالة الإنسانية والاخلاقية ربع التسليط الإعلامي الذي تحظى به عدن؟

ولماذا لا تنال بعضاً من جهود الإعلام الذي يحول عمليات قتل مستدامة إلى لا شيء بينما حادثة شجار في عدن تهز الأرجاء؟

* * *
الإخوة الذين يبذلون جهوداً ويتعبون أنفسهم لنفي حدوث بعض الأحداث ونفي أن تكون بعدن أو غير عدن.. نريد أن نقول لهم:
خففوا من هذا الحمل الثقيل عدن مدينة من بلاد تعصف بها حرب وهي مدينة تحيط بها جبهات قتال من كل اتجاه وهي مدينة ينزح لها الناس من كل مناطق الاشتباك حولها، وهي مدينة الصراع الأساسي في هذه الحرب اللعينة.

وحتى لو كانت مدينة عادية لا حرب حولها وعليها، الجنايات والحوادث هي أمر طبيعي ملازم لأي مدينة فيها سكان بالمليون وأكثر أو بالمليون وأقل..

عدن مدينة تعاني من توجيه سياسي للجنايات والأحداث، لا تتعبوا أنفسكم في نفي أي واقعه ولكن وجهوا جهودكم لإعطاء الوقائع قدرها وحقها والبحث عن الحجم الحقيقي لها وليس الحجم المسيس من أطراف الصراع على عدن.

فمثلاً لدينا واقعة اختفاء شابة وفقد الاتصال بها.. يقول خطاب الصراع إنها تعرضت للاختطاف من مسلحين،
وهي فرضية تبرر الاختفاء وفقد الاتصال، وهذا صحيح.

ولكن تحتاج إثباتا.. إما بكاميرا مراقبة أو شهود عيان شاهدوا بأنفسهم واقعة الخطف أو بأدلة أخرى.

وفي كل الأحوال، الطبيعي أن تنتهي حالة الاختفاء وفقدان الاتصال بمعرفة مصير المختفي أو المختفية وما إذا كانت أو كان مختفيا أو مخفيا أو تعرض لمكروه أو كان الإخفاء أو الاختفاء نتيجة اختطاف أو لمكروه وقع للمختفي أو كان لأسباب شخصية وعائلية أو لأي سبب كان.

يقول إعلام الصراع أيضاً: إن بنات عدن يتعرضن للاختطاف والقتل أو للاختطاف لأغراض غير أخلاقية!!

قولوا لهذا الإعلام... لدينا بنت واحدة مفقودة زودنا بأسماء بنات عدن اللاتي تعرضن للاختطاف والقتل أو الاختطاف للاغتصاب؟

الأسماء والوقائع ومواقع الخطف والعدد ولنأخذ عام 2020 كإطار زمني محدد حتى لا نتعب إعلام الترويع بالبحث.

إذا زودكم هذا الإعلام بقائمة الأسماء والأعداد اذهبوا للجهات المختصة واطلبوا منها سجلات البلاغات عن الاختطافات وقارنوا..

وهكذا...
لا تسمحوا بترويع عدن، هناك من امتهن الترويع منذ ما بعد حرب الحوثي وقبلها أيضاً وأثنائها..

ولا تعتمدوا مبدأ الإنكار في مواجهة نهج الترويع الاجتماعي السياسي، لأن الإنكار سطحية مجردة تخدم إعلام الترويع وتضخمه في أوساط الناس..

* * *

أعتقد أن قضية هذه الفتاة يجب أن تحظى باهتمام المحافظ الأستاذ أحمد حامد لملس شخصياً وكذا أسرتها..

أتمنى على المحافظ أن يزور أسرتها في منزلها ويتحدث إليهم ويشعرهم بوقوفه معهم ويطمنهم ويشكل فريقا أمنيا يتحدث للرأي العام عن تفاصيل ما حدث وطبيعة الإجراءات المتخذة..

وقوع الجرائم ممكن في كل مدن البشر لكن موقف السلطات هو المعيار في مواجهتها وتخفيف حدة ما تثيره الجرائم ومرتكبوها من مشاعر خوف وذعر مجتمعي..

في مثل هذه الجنايات الحساسة اجتماعياً يحتاج أي مجتمع لموقف قياداته لإبطال مفعول بث الرعب الاجتماعي الذي قد يكون ناتجا عن فعل إجرامي وجنائي مجرد وقد يكون أيضاً يهدف لنشر الخوف والذعر للاستخدام السياسي والإعلامي السياسي الموجه..

* جمعه نيوزيمن من منشورات للكاتب على صفحته في الفيس بوك