بدر العامر

بدر العامر

تابعنى على

السلام من مصلحة القضية الفلسطينية

Thursday 22 October 2020 الساعة 07:03 pm

يقول بن جوريون: (إن أسوأ مقلب يمكن أن يفاجئنا به العرب هو أن يوافقوا على عقد صلح..).

وقد يستغرب البعض كيف يمكن لليهودي بن جريون أن يرى أن عقد الصلح مع العرب هو مقلب وضرر على القضية، بينما يجزم كثير من الناس أن السلام هو في مصلحة اليهود.

المتابع للقضية الفلسطينية في سياقها التاريخي يجد أن اليهود استفادوا فوائد ضخمة من التعنت العربي في كل مواقفه، ولذلك فهم يستفيدون بعد كل نكسة للعرب توسعاً في الأراضي الفلسطينية والإتيان عليها من أطرافها.

العقلية اليهودية هي عقلية صراعية تتعيش على القتل والكيد واستخدام الضعف للمقابل والمكر السياسي.

وهذه الأمور لا تتم إلا عبر أجواء مشحونة بالعداء لا أجواء يعمها السلام والأمن، ولذلك حققت مكاسب كبيرة في أجواء الصراع والحرب.

يقول المسيري (بعث العنف هو بعث للشخصية اليهودية الحقيقة التي طمست معالمها سنين طوالاً في المنفى، والعنف هو السبيل اليهودي الوحيد للتخلص من المنفى الروحي)، فالعنف والحرب هو هدف نفسي وروحي يهودي يحققه له جو العداء والصراع.

إن السلام يعني اختلاط المصالح الاقتصادية والسياسية بين المتصالحين، وهذا يعني امتلاك وسيلة الضغط الذي يلزم المقابل بالشروط والإرادات، وهذا لا يمكن أن يتحقق إذا لم يكن هناك أي علاقة سياسية ضاغطة بين الدول ولا يوجد ما يخسره الطرف المقابل.

عندما تدخلت كندا فيما لا يعنيها بالشأن السعودي، وتجرأ رئيسها على إملاء أفكاره على السعودية استطاعت السعودية من خلال العلاقة السياسية والاقتصادية تأديب المتطاول والإضرار به من خلال إيقاف صفقات السلاح وغيرها، ولكنها لم تكن لتفعل بدون علاقة.

الملحوظ أن الأمور تغيرت بعد كامب ديفيد في حالة الصراع العربي الإسرائيلي، فكل الأحداث التي تقع بين الفلسطينيين واليهود تكون مصر قوة فاعلة يعتمد عليها الفلسطينيون في تهدئة الأمور أو نقل المطالب أو التأثير السياسي ولا يتم ذلك إلا من خلال المعاهدة.

بينما لا نجد الدول التي ليس بينها وبين إسرائيل أي علاقة سياسية أو اقتصادية ذات أثر على أي قرار إسرائيلي إلا من خلال بيانات الشجب والاستنكار، أو الضغط على القوى الغربية لإجبار إسرائيل على اتخاذ مواقف وهذا أضر بالقضية بشكل كبير.

العقلية اليهودية هي عقلية دنيوية بامتياز "ولتجدنهم أحرض الناس على حياة"، وهم أشد الناس رعاية لمصالحهم الخاصة، ولكن العرب أعطوهم من الفرص الكبيرة التي حققوا من خلالها مكاسب لعدم وجود مستند الضغط والمساومة.

أعتقد أن الذي أضر برؤيتنا للقضية الفلسطينية هي العقلية الغيبية التي تعتمد في حلها على المخلص المنتظر واعتساف النصوص الشرعية في تأويل حالة الصراع حتى حدد بعض الخرافيين من الإخونجية يوم الخلاص والغضب وهذا كله صار في صالح اليهود لا الفلسطينيين.

كما ان المبالغات في مآلات الصلح والتطبيع مع إسرائيل وتضخيم الأمر ذهنياً والذي يشبه إلى حد كبير تضخيم آثار قيادة المرأة للسيارة، هي معيقة للواقعية السياسية التي توازن بين المصالح والمفاسد برؤية موضوعية بعيداً عن تقييدات التوقعات المستقبلية.

* باحث سعودي في الجماعات والاتجاهات الفكرية

* جمعه نيوزيمن من تغريدات للكاتب على حسابه في تويتر