اليوم تخوض مأرب معركتها الوطنية ضد أبشع جماعة إرهابية عرفتها الجغرافيا العربية "جماعة الحوثي"، ومأرب هذه المدينة العتيقة الحديثة تجد نفسها مرغمة على حمل السلاح والمقاومة، والحفاظ على نفسها وشرفها من أن يتم تدنيسه بالوصاية الإيرانية.
بعد أن اطمئن "الحوثي" في إلغاء تصنيفه إرهابياً من قوائم الولايات المتحدة الأمريكية، وجد فرصة لاجتاح مأرب واسقاطها تحت سلطته، قبل أن يتم الحديث عن أي مفاوضات شاملة، ليتمكن من تحقيق مكاسب أفضل من موقع أقوى في الميدان، لكنه وبعد أكثر من أسبوعين وجد نفسه أمام مقاومة لا تزال تغرقه في رمالها.
نعرف أن قبائل مأرب لا تخضع كثيراً لسلطة صنعاء في زمن الدولة، ولا يمكن الآن أن تقبل الخضوع للمليشيا القادمة من صعدة مروراً بصنعاء، فقدرها أن تقاوم الخضوع الذي يراد أن يُفرض عليها من الجبل، وسياسات وحكم الجبل، لأنها اعتادت أن تتخذ سياستها بما يناسب بيئتها ومكوناتها وتركيبتها القبلية الصحراوية.
تتمثل المقاومة في مأرب من التكتلات القبلية الرافضة، تماماً، القبول بحكم الإمامة، وكذلك باعتبارها مدينة جمعت الكثير من النازحين والمشردين من مناطق سيطرة "الحوثي"، الذين أصبحوا يمثلون جزءا من البندقية التي تقاوم وتدافع عن مأرب، هذا الأمر يعطي لمعركة مأرب أهمية كبيرة في سبيل كسر جماح الغطرسة الحوثية.
تتمركز القبائل في أعلى هرم المعركة، هي الجيش القبلي الذي يخوض المعركة دفاعاً عن القبيلة، وما تمثله من عادات وثقافة، ولذلك نرى أنها تستميت في الدفاع عن نفسها، وتقدم الجليل من تضحيات ذويّها، واستطاعت أن تمتص الهجوم الكبير الذي شنته "جماعة الحوثي" وأوقفته والحقت بعناصر الحوثي الكثير من الخسائر.
نعرف أن "الحوثي" في حربه يمتلك إمكانيات دولة، من مال وعتاد وسلاح، تلك الإمكانيات الضخمة لم تمكنه أن يحقق، طيلة أكثر من أسبوعين، أي اكتساح شامل لمأرب، لأنه واجه أمامه القبائل المأربية بعقيدتها الصادقة التي ترى أن الدفاع عن العرض والشرف والنفس هو من أعظم ما يمكن للإنسان أن يقوم به ويبذل الدم والروح في سبيله.
مأرب بالنسبة للحوثي هي غنيمة لابد أن ينتزعها قبل أي مفاوضات شاملة قادمة، وأما بالنسبة لقبائلها فهي الكرامة والشرف، وبالنسبة للنازحين والمشردين الآوين إليها هي الملاذ الأخير في رحلة الهروب من جحيم "الحوثي"، لذلك تعتبر المقاومة هي الوسام الذي يريد كل من يرى مأرب هي الكرامة والشرف والملاذ أن يرتديه ويناله نصيب من شرف المعركة.