د. صادق القاضي
من أجل "شرعية" يمنية جديدة في اليمن!
كان الرئيس السابق "صالح" مصيباً عندما طالبَ، في الأيام الأولى لـ"عاصفة الحزم"، بتدشين حوار مباشر مع دول الخليج، بدلاً من إهدار الجهد والوقت بالحوار مع كيان هلامي مثقل باللؤم والغباء والحقد والعجز والفشل.
كما كان الرئيس هادي "مصيبة"، بتماديه، من قبل ومن بعد، في التعويل على المجتمع الدولي. على حساب الشراكة مع القوى الوطنية الفاعلة، في حماية ثم استعادة شرعيته، وقد حالفته الخيبة في المرحلتين.!
كظل يظن أنه الشخص، ربما ما زال الرئيس هادي مصراً على أن تلك الحرب قامت من أجل سواد عينيه، في حين "تفاجأ" بها وهو على الحدود العمانية هارباً كعادته من تبعات سوء رؤيته وإدارته للأمور.!
كان من الواضح، حينها، أن كل شيء كان معداً سلفاً، وبانتظار فقط مبرر شكلي تمثل بطلب الرئيس "المتفاجئ" الذي منح هذا التدخل شرعية إضافية لم يكن محتاجاً لها بالضرورة، منذ إدراج اليمن تحت الوصاية الدولية ضمن البند السابع.
بعبارة أخرى: لم تكن حكومة الرئيس هادي طرفاً في المشكلة "الحرب"، بل غطاءً لها. وأياً كان الأمر. لم تعد طرفاً في الحل، بعد عجزها المريع في الحرب، وفشلها الذريع في السياسة والإدارة، وظهور مراكز قوى وطنية أخرى تشاركها هذين الواجبين.
على هذا الأساس، بدأ المجتمع الدولي، بعد فشل رهاناته، يعالج الأمور في اليمن، بواقعية. بالتعامل الرسمي المباشر مع مختلف الأطراف اليمنية القوية المؤثرة الحاضرة على الأرض. بما يتضمن:
تعامل أمريكا والسعودية.. مع الجماعة الحوثية مباشرة، في حوارات مسقط وغيرها. كما لو أن حكومة الرئيس هادي، "حجراً في اليم". حسب المصطلح الفقهي.
كما يتضمن: على الصعيد المقابل. التعامل مع مراكز القوى الوطنية الفعلية المناوئة للحوثي، وبشكل خاص:
- المجلس الانتقالي: ككيان سياسي وعسكري كبير في الجنوب. يمتلك قوة وشعبية وإمكانات مادية وبشرية عالية، وعلاقات خارجية متينة.
- المجلس السياسي: ككيان سياسي يمتلك شعبية على امتداد اليمن، وكيان عسكري يمتلك إمكانات كبيرة في الساحل الغربي. ولديه علاقات خارجية مميزة.
بجانب هذين الكيانين، هناك:
- قوى وشرائح أخرى في الشرق والجنوب وغيرها. هذه الكيانات غير منمطة لكنها ليست مع حكومة هادي بالضرورة.
وفي مقابل الجميع هناك:
- جماعة الإخوان: وهي قوة ضاربة مسيطرة على مدن وآبار نفط، ومستحوذة على معظم الإمكانات المادية والعسكرية للشرعية.
من نافلة القول إن المواجهات العدائية بين هذه الكيانات والمكونات كانت وما تزال تتم على حساب القضية اليمنية ووحدة الصف الوطني، وبالتالي: لا شك أن الحوار والتعاون والشراكة الفعلية بينها جدير بأن يعيد للقضية اليمنية زخمها وألقها وقوتها، ويتبلور عن "شرعية" حقيقية جديدة تستمد مضمونها من الواقع السياسي اليمني.. وفي كل حال:
لم تعد "الشرعية" الراهنة تعني أكثر من مرادف لحكومة "الرئيس هادي"، التي بدورها لم تعد أكثر من مرادف لجماعة الإخوان، وإحدى مراكز القوى السياسية والعسكرية في اليمن.