قرب استكمال محطتي كهرباء الخوخة وشبوة.. خطوات متسارعة نحو إنهاء سنوات الظلام
المخا تهامة - منذ 4 ساعات و 54 دقيقة
تشهد محافظتا شبوة والحديدة حراكًا إنشائيًا متسارعًا في قطاع الطاقة، مع دخول مشاريع محطات الطاقة الشمسية حيز التنفيذ، والتي تمثل نقلة نوعية في تحسين خدمة الكهرباء في المناطق المحررة، وتُعد من أهم المشاريع الاستراتيجية الجاري تنفيذها حاليًا بدعم سخي من دولة الإمارات العربية المتحدة.
وبحسب مصادر محلية وهندسية، فإن العمل يجري بوتيرة عالية في تنفيذ محطتين للطاقة الشمسية في المحافظتين، ضمن توجه لتقليل الاعتماد على الوقود التقليدي، وتحقيق استدامة جزئية في خدمة الكهرباء، التي تعاني منذ سنوات من تدهور مزمن بسبب الحرب وتدمير البنية التحتية، مما أدى إلى معاناة يومية لملايين السكان في المناطق المحررة.
تسابق الفرق الفنية والهندسية الزمن لاستكمال المشروعين وفق الجداول الزمنية المحددة، في ظل إشراف مباشر من الجهات المختصة، وسط توقعات بأن تحدث هذه المشاريع تحولًا جذريًا في استقرار خدمة الكهرباء، وتساهم في رفع القدرة التوليدية وتخفيف الأحمال على الشبكة، خاصة في ظل الطلب المتزايد خلال أشهر الصيف.
محطة شبوة.. مشروع ضخم
وفي محافظة شبوة، شارفت أعمال تنفيذ محطة الطاقة الشمسية على الانتهاء، حيث تجاوزت نسبة الإنجاز أكثر من 90%، مع توقعات بإدخالها الخدمة خلال الأسابيع القليلة القادمة. ويُعد المشروع من أضخم مشاريع الطاقة المتجددة في اليمن، بقدرة إنتاجية تبلغ 53.1 ميجاوات، إلى جانب مخزون ليلي بطاقة 15 ميجاوات، ما سيسهم بشكل كبير في تغطية احتياجات المحافظة من الكهرباء، والتقليل من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية.
وشملت أعمال المشروع تركيب أكثر من 85,000 لوح شمسي، وإنشاء ست محطات تحويل رئيسية، إضافة إلى مد شبكة نقل كهربائية بطول يقارب 15 كيلومترًا تربط موقع المحطة بمحطة عتق المركزية. وأكد عبدربه هشلة ناصر أهمية المشروع في تعزيز الاستقرار الكهربائي وتحقيق نقلة نوعية في الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين، مشيرًا إلى أن هذا الدعم الإماراتي يأتي امتدادًا لجهودها المتواصلة في دعم البنية التحتية وتحقيق التنمية المستدامة.
كما أعرب هشلة عن تقديره للاهتمام الذي يوليه محافظ شبوة عوض بن الوزير بالمشروع، مشيدًا بالدور الفاعل للإمارات في تمويل وتنفيذ هذا المشروع الحيوي الذي يمثل ركيزة أساسية للبنية التحتية الخدمية في شبوة، ويُعد من أهم المشاريع المستدامة في مجال الطاقة على مستوى البلاد.
من جانبه، أوضح مدير عام المشروع المهندس ماهر المؤذن أن الأعمال الإنشائية تسير بوتيرة متسارعة، حيث تم الانتهاء من تركيب الأبراج الرئيسية، ويجري حاليًا مد الكابلات الكهربائية بالتوازي مع تجهيز مفاتيح التحكم لمحطات التحويل المركزية. وأضاف أن التشغيل التجريبي للألواح الشمسية المرتبطة بالمحطات الفرعية قد بدأ، مؤكدًا أن المرحلة القادمة ستشهد استكمال الجوانب الفنية والدخول في التشغيل التجريبي الشامل خلال ثلاثة أسابيع، تمهيدًا لتدشين المشروع رسميًا.
في الحديدة.. سباق مع الزمن
وفي محافظة الحديدة، وتحديدًا في مدينة الخوخة، التي تتخذها السلطة المحلية مركزًا مؤقتًا لها، تتواصل الأعمال الإنشائية لمحطة الطاقة الشمسية التي يجري تنفيذها بدعم إماراتي ورعاية مباشرة من عضو مجلس القيادة الرئاسي العميد طارق صالح، في خطوة مهمة لإنقاذ المدينة الخوخة ومديريات مجاوره لها من الظلام المزمن نتيجة انعدام التيار الكهربائي بسبب الحرب التي أشعلتها ميليشيات الحوثي.
ويجري العمل حاليًا على تنفيذ مشروع كهرباء الخوخة بقدرة إنتاجية تبلغ 10 ميجاوات، وقد بلغت نسبة الإنجاز 54%، وفق ما أكده المهندس عبدالله الأديمي مدير المشروع، الذي أشار إلى أن تسليمه متوقع خلال الشهرين القادمين.
وتعد هذه المشاريع خطوة استراتيجية من شأنها التخفيف من معاناة المواطنين، وستمهد بعد استكمال الأعمال الإنشائية إلى البدء بمد الشبكة الداخلية لإيصال الكهرباء للمنازل والمنشآت الحيوية.
وأكد وكيل أول محافظة الحديدة، وليد القديمي أن هذا المشروع يمثل إحدى أهم مبادرات البنية التحتية في المدينة، وسيساهم بفاعلية في تحسين مستوى المعيشة وتعزيز الاستقرار الخدمي، مشيدًا بالدور الريادي لدولة الإمارات في دعم المشاريع التنموية بالمحافظة. كما ثمّن القديمي الدور الفاعل للعميد طارق صالح في متابعة وتسريع تنفيذ المشاريع الخدمية.
فيما عبّر مدير عام مديرية الخوخة سالم عليّان عن أهمية المشروع في التخفيف من الأعباء السعرية عن كاهل المواطنين، وتمكين كافة الشرائح من الوصول إلى خدمة كهربائية مستقرة وآمنة.
نافذة أمل للمواطنين
في ظل سنوات من انعدام الكهرباء التي أنهكت السكان في محافظتي شبوة والحديدة، تأتي مشاريع محطات الطاقة الشمسية كنافذة أمل لتخفيف المعاناة المتفاقمة، لا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق، وتدهور الوضع المعيشي الناتج عن الانهيار الاقتصادي والحرب المستمرة التي أشعلتها ميليشيات الحوثي.
وأكد مواطنون في مدينتي عتق والخوخة أنهم يترقبون بفارغ الصبر استكمال المشاريع ودخول الكهرباء إلى منازلهم، موضحين أن "مشروع الكهرباء بالطاقة الشمسية سيخفف عنا معاناة حر الصيف القاتل، كوننا نعيش وسط أجواء خانقة ودرجات حرارة مرتفعة دون وسائل تبريد أو كهرباء".
وأشار السكان إلى أن لهذه المشاريع أهمية كبيرة، لا سيما لأصحاب المحلات التجارية والمستشفيات والصيدليات والمشاريع الصغيرة، التي تمثل مصدر الدخل الرئيسي لآلاف الأسر، وتعتمد بشكل مباشر على وجود تيار كهربائي مستقر ومتواصل.
واعتبر المواطنون أن استكمال مشروعي شبوة والحديدة لا يمثل فقط تطورًا خدميًا، بل شريان حياة لآلاف الأسر التي تبحث عن الاستقرار والحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة، مشددين على ضرورة الإسراع في تنفيذ الشبكات الداخلية، وتوفير الكهرباء بشكل دائم للمواطنين والمنشآت الحيوية.
أبعاد خدمية وتنموية
تُعد هذه المشاريع جزءًا من رؤية شاملة للبنية التحتية في المناطق المحررة، حيث من المتوقع أن تسهم في: تخفيف الأعباء عن الأسر التي أنهكتها الانقطاعات المتكررة وطول ساعات الظلام، وتمكين المرافق والمؤسسات العامة، كالمدارس والمستشفيات، من العمل بكفاءة وتقديم خدماتها دون توقف. وتحفيز النشاط الاقتصادي والتجاري، من خلال توفير بيئة مستقرة للأعمال، خاصة في القطاعات التي تعتمد على الكهرباء. وخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري وتكاليف تشغيل المولدات الكهربائية التي ترهق السلطات المحلية والسكان على حد سواء.
يأتي هذا الدعم ضمن سلسلة مشاريع تنموية وإنسانية تنفذها دولة الإمارات العربية المتحدة في اليمن، والتي ركزت في الآونة الأخيرة على قطاعات الطاقة، والتعليم، والصحة، والخدمات الأساسية، في إطار التزام إنساني وأخوي لدعم الشعب اليمني في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها.
ولقيت هذه المشاريع إشادة مجتمعية واسعة، حيث عبّر مواطنون وناشطون محليون عن امتنانهم لهذا النوع من التدخلات المستدامة، مشددين على أن "الطاقة الشمسية تمثل الحل الأمثل في ظل الانهيار الكبير للبنية التحتية"، ومطالبين باستكمال هذه المبادرات في محافظات أخرى تعاني أوضاعًا مشابهة.